تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سده]:

صفحة 44 - الجزء 19

  أَعْلَمُ؛ والبائِنُ: الحالِبُ الذي لا يَلِي العُلْبة⁣(⁣١) والذي يَلِي العُلْبة⁣(⁣١) يقالُ له المُعَلِّي.

  ويقالُ للقَوْمِ إِذا اسْتُذِلُّوا واسْتُضْعِفَ بهم: باسْتِ بَني فلانٍ؛ ومنه قَوْلُ الحُطَيْئة:

  فبِاسْتِ بَني عَبْسٍ وأَسْتاهِ طيِّئٍ ... وباسْتِ بَني دُودَانَ حاشَى بَني نَصْرِ⁣(⁣٢)

  نَقَلَه الجوْهرِيُّ؛ قالَ: وأَمَّا قَوْله: قيلَ هو الأَخْطَل، وقيلَ: عتبةُ بنُ الوغلِ في كعْبِ بنِ جُعَيْل:

  وأَنتَ مكانُك من وائلٍ ... مَكانَ القُرادِ من اسْتِ الجَملْ⁣(⁣٣)

  فهو مجازٌ لأَنَّهم لا يَقُولُونَ في الكَلامِ اسْتُ الجَمَلِ، وإِنَّما يَقولُونَ عجزُ الجَمَل.

  وقالَ المُؤَرِّج: دَخَلَ رجُلٌ على سُلَيْمان بنِ عبْدِ الملِكِ وعلى رأسِه وَصِيفَةٌ رُوقَةٌ فأَحَدَّ النَّظَرَ إليها، فقالَ له سُلَيْمانُ: أَتُعْجِبُك؟ فقالَ: بارَكَ اللهُ لأَميرِ المُؤْمِنِين فيها؛ فقالَ: أَخْبرني بسَبْعَةِ أَمْثالٍ قِيلَتْ في الاسْتِ وهي لكَ، فقالَ الرجلُ: اسْتُ البائِنِ أَعْلَمُ، فقالَ: واحِدٌ، فقالَ: صَرَّ عليه الغَزْوُ اسْتَهُ، قالَ: اثْنان، قالَ: اسْتٌ لم تُعَوَّدِ المِجْمَر، قالَ: ثلاثَةٌ، قالَ: اسْتُ المَسْؤُولِ أَضْيَقُ، قالَ: أَرْبَعَةٌ، قالَ: الحُرُّ يُعْطِي والعَبْدُ تَألَمُ اسْتُهُ، قالَ: خَمْسَة، قالَ الرجلُ: اسْتِي أَخْبَثِيٌّ، قالَ: سِتَّة، قالَ: لا ماءَكِ أَبْقَيْتِ ولا هَنَكِ أَنْقَيْتِ، قالَ سُلَيْمانُ: ليسَ هذا في هذا، قالَ: بَلَى أَخَذْتُ الجارَ بالجارِ⁣(⁣٤)، قالَ: خُذْها لا بارَكَ اللهُ لك فيها!.

  قَوْلُه: صَرَّ عليه الغَزْوُ اسْتَهُ لأنَّه لا يَقْدر أَنْ يُجامِعَ إذا غَزَا.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  [سده]: السَّدَهُ والسُّدَاهُ، كجَبَلٍ وغُرابٍ: شَبِيهٌ بالدَّهَشِ؛ وقد سُدِهَ، كعُنِيَ، كما في اللّسانِ.

  قالَ ابنُ جنِّي: أَمَّا قوْلُهم: السَّدَهُ في الشَّدَهِ ورجُلٌ مسدوه في معْنَى مشدوه⁣(⁣٥)، فيَنْبَغي أَنْ تكونَ السِّينُ بَدَلاً من الشِّيْنِ، لأنَّ الشِّين أَعَمُّ تَصرُّفاً.

  [سفه]: السَّفَهُ، محرّكةً وكسَحابٍ وسَحابَةٍ: خِفَّةُ الحِلْم أَو نَقِيضُه، وأَصْلُه الخِفَّة والحرَكَةُ، أَو الجَهْلُ، وهو قَرِيبٌ بعضُه من بعضٍ.

  وقد سَفِهَ نَفْسَه⁣(⁣٦) ورَأْيَهُ وجِلْمَهُ، مُثَلَّثَةً، الكَسْرُ، اقْتَصَرَ عليه الجوْهرِيُّ وجماعَةٌ، وقالوا: سَفُهَ ككَرُمَ، وسَفِهَ بالكسْرِ، لُغتانِ أَي صارَ سَفِيهاً، فإِذا قالوا: سَفِهَ نَفْسَه وسَفِهَ رأْيَهُ لم يَقولُوه إِلَّا بالكسْرِ، لأنَّ فَعُلَ لا يكونُ مُتعدِّياً، فتأَمَّلْ ذلِكَ مَعَ التَّثْلِيثِ الذي ذَكَرَه المصنِّفُ.

  وقالَ اللّحْيانيُّ: سَفِهَ نَفْسَه، بالكسْرِ، سَفَهاً وسَفاهَةً وسَفاهاً: حَمَلَه على السَّفَهِ، هذا هو الكَلامُ العالِي؛ قالَ: وبعضُهم يقولُ: سَفُه، وهي قَلِيلَةٌ.

  قالَ الجوْهرِيُّ: وقوْلُهم: سَفِهَ نَفْسَه وغَبِنَ رأْيَه وبَطِرَ عَيْشَه وأَلِمَ بَطْنَه ووَفِقَ أَمْرَه ورَشِدَ أَمْرَه، كانَ الأَصْلُ سَفِهَتْ نَفْسُ زيْدٍ، ورَشِدَ أَمْرُه، فلمّا حُوِّلَ الفِعْل إلى الرَّجلِ انْتَصَبَ ما بَعْدَه بوقُوعِ الفِعْلِ عليه، لأنَّه صارَ في معْنَى سَفَّهَ نَفْسَه، بالتّشْديدِ؛ هذا قَوْلُ البَصْرِيين والكِسائي، ويَجوزُ عنْدَهم تَقْديمُ هذا المَنْصوب كما يَجوزُ غلامَه ضَرَبَ زيْدٌ.

  وقالَ الفرَّاءُ: لمَّا حُوِّلَ الفِعْلُ مِن النفْسِ إِلى صاحِبِها خَرَجَ ما بَعْدَه مُفَسِّراً ليدلَّ على أَنَّ السَّفَه فيه، وكانَ حُكْمُه أَنْ يكونَ سَفِه زيْدٌ نفْساً، لأنَّ المُفَسِّر لا يكونُ إِلَّا نَكِرَةً، ولكنَّه تُرِكَ على إضافَتِه ونُصِبَ كنَصْبِ النّكِرَةِ تَشْبيهاً بها، ولا يَجوزُ عنْدَه تَقْديمه لأنَّ المُفَسِّر لا يتقدَّمُ.


(١) عن اللسان والتهذيب، وبالأصل: «العلية» بالياء التحتية.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٤٢ برواية: «وأفناء طيئ» والمثبت كرواية اللسان والتهذيب والصحاح والأساس والتكملة.

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) زيد في التهذيب: كما يأخذ أمير المؤمنين، وهو أول من أخذ الجار بالجار.

(٥) بالأصل: «مسدوه» والصواب ما أثبت، باعتبار ما بعده.

(٦) على هامش القاموس عن نسخة: وحِلْمُهُ.