تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عوض]

صفحة 105 - الجزء 10

  كتَاب ابْن القَطّاع: عَلْهَضْتُ من المَرْأَةِ، إِذا تَنَاوَلْتَ منْهَا شَيْئاً، وزادَ الأَزْهَريّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ ما قَالَهُ اللَّيْثُ: هكَذَا رَأَيْتُه في نُسَخٍ كَثِيرَةٍ من كتَابِ العَيْنِ مُقَيِّداً بالضَّادِ، والصّوابُ، عنْدي الصَّادُ.

  ورُوِيَ عن ابن الأَعْرَابيّ: العِلْهَاصُ: صِمَامُ القَارُورَةِ.

  قال: وفي نَوَادِر اللِّحْيَانِيّ: عَلْهَصَ القَارُورَةَ، بالصَّاد أَيْضاً، إِذا استَخْرَجَ صِمَامَها.

  وقال شُجَاعٌ الكِلابيّ فيمَا رَوَى عنه عَرَّامٌ وغَيْرُه: العَلْهَصَةُ والعَلْفَصَةُ والعَرْعَرَةُ في الرَّأْيِ والأَمْرِ. وهو يُعَلْهِصُهُمْ، ويُعَنِّفُ بهم، ويَقْسِرُهُمْ.

  وقال ابنُ دُرَيد في كِتَابِهِ: رَجُلٌ عُلَاهِضٌ جُرَافِضٌ جُرَامِضٌ، وهو الثَّقيلُ الوَخْمُ. قال الأَزْهَريُّ: رَجُلٌ عُلَاهِضٌ: مُنْكَرٌ، وما أُراهُ مَحْفُوظاً⁣(⁣١).

  وقال ابنُ سيدَه: عَضْهَلَ القَارُورَةَ وعَلْهَضَهَا: صَمَّ رَأْسَها.

  وعَلْهَضْتُ الشَّيءَ، إِذا عالَجْتَهُ لِتَنْزِعَهُ نَحْو الوَتِدِ وما أَشْبَهَهُ.

  وفي التَّكْملَة: ولَحْمٌ مُعَلْهَضٌ: غَيْرُ نَضِيجٍ، وقد سَبَقَ أَيضاً في الصَّاد المُهْمَلَة.

  [عوض] عَوْض، مُثَلَّثَةَ الآخِر، مَبْنيَّة، قال الجوهَريُّ: يُضَمُّ ويُفْتَح بغَيْر تَنْوين، ومثْلُهُ قَوْلُ الأَزْهَريّ، ولَمْ يَذْكُرا الثّالِثَةَ. والضَّمُّ قَوْلُ الكِسَائيّ، والنَّصْبُ أَكْثَرُ وأَفْشَى.

  قُلْتُ: وهو قَوْلُ البَصْرِيِّينَ. تَقُولُ: عَوْضَ يَا فَتَى، بالفَتْح.

  وقال الكُوفيّونَ: هو مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ، في مَعْنَى الأَبَد، مِثْلُ حَيْثُ وما أَشْبَهَهَا. وبالوَجْهَيْن رُوِيَ قَوْلُ الأَعْشَى يَمْدَحُ رَجُلاً، كما قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، والمَمْدُوحُ المُحَلَّقُ، واسمُه عَبْدُ العُزَّى بنُ حَنْتَمِ بنِ جُشَمَ بنِ شَدَّادِ بْنِ رَبِيعَةَ:

  لَعَمْرِي لَقَدْ لاحَتْ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ ... إِلَى ضَوْءِ نارٍ في يَفَاعٍ تَحَرَّقُ

  تُشَبُّ لِمَقْرُورَيْن يَصْطَلِيَانِهَا ... وبَاتَ على النَّار النَّدَى والمُحَلَّقُ

  رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أُمٍّ تَقَاسَمَا⁣(⁣٢) ... بأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضَ لا نَتَفَرَّقُ

  قال الجَوْهَريُّ: يقول: هو والنَّدَى رَضَعَا منْ ثَدْي وَاحدِ. قُلْتُ: ويُرْوَى: رَضيعَيْ لِبَانِ ثَدْيِ أُمٍّ، أَضَافَ اللِّبَانَ إِلى الثَّدْيِ، كما في العُبَاب. وأَراد بأَسْحَمَ دَاجٍ، اللَّيْلَ. وقيلَ: سَوَادَ حَلَمَةِ ثَدْيِ أُمّه. وقيلَ: أَرادَ الأَسْحَمِ هُنَا الرَّحِمَ.

  وقَالَ رَبيعَةُ بنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيُّ يَمْدَحُ مَسْعُودَ بنَ سَالِمٍ الضَّبِّيَّ:

  هذا ثَنَائِي بمَا أَوْلَيْتَ منْ حَسَنٍ ... لا زِلْتَ عَوْضَ قَريرَ العَيْنِ مَحْمُودا

  وقال ابنُ بَرِّيّ: وشَاهدُ عَوضُ بالضَّمِّ قولُ جابرِ بْنِ رَأْلانَ السِّنْبِسِيّ:

  يَرْضَى الخَلِيطُ ويَرْضَى الجارُ مَنْزِلَهُ ... ولا يُرَى عَوْضُ صَلْداً يَرْصُدُ العَلَلَا

  وهو ظَرفٌ لاستِغْرَاقِ المُسْتَقْبلِ مِن الزَّمَان فَقَطْ، كما أَن قَطُّ للْمَاضي منَ الزَّمَان، لِأَنَّك تَقول: لا أُفَارِقُكَ عَوْضَ.

  وعبَارَةُ الصّحاح: عَوْضُ لا أُفارِقُك، تُريدُ لا أُفَارِقُك أَبَداً، كما تَقُولُ في المَاضي: قَطُّ ما فَارَقْتُك، ولا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: عَوْضُ ما فَارَقْتُك، كما لا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ قَطُّ ما أُفَارقُك.

  كَذَا في الصّحاح.

  وقال ابنُ كَيْسَان: قَطُّ وعَوْضُ: حَرْفَان مَبْنيَّان على الضَّم، قَطُّ لمَا مَضَى منَ الزَّمَان، وعَوْضُ لمَا يُسْتَقْبَل.

  تَقُولُ: ما رأَيْتُه قَطُّ، يا فَتَى، ولا أُكَلِّمُكَ عَوْضُ، يا فَتَى. أَو يُسْتَعْمَلُ في الماضي أَيْضاً. أَي أَبَدا وهذَا قَوْلُ أَبي زَيْد، فإِنَّه قالَ: يُقَالُ: ما رَأَيْتُ مِثْلَه عَوْضَ، أَي لَمْ أَرَ مثْلَه قَطُّ فقد استَعْمَلَهُ في المَاضِي كما يُسْتَعْمَلُ في المُسْتَقْبَل، وهكَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانيّ في كِتَابَيْهِ. قُلتُ: ويَشْهَدُ له أَيْضاً قَوْلُ الشَّاعِرِ:

  فَلَمْ أَرَ عاماً عَوضُ أَكْثَرَ هَالِكاً ... ووَجْهَ غُلَامٍ يُشْتَرَى وغُلَامَه:


(١) ورد في التكملة عن ابن دريد: رجل عُلامض، بالميم، مثال دلامص: ثقيل وخم.

(٢) اللسان: تحالفا.