تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غلت]:

صفحة 97 - الجزء 3

  [غلت]: الغَلْتُ: الإِقَالَةُ فِي الشِّراءِ والبَيْعِ.

  وبالتَّحْرِيكِ، فِي الحِسَابِ: الغَلَطُ سواءٌ، وقد غَلِتَ، قالَهُ اللَّيْثُ، وابنُ الأَعْرَابِيّ، ونقلَهُ ابنُ التيانيّ عن الأَصمعيّ، وعن ابنِ دُرَيْد.

  أَوْ هُوَ فِي الحِسَابِ خاصَّةً، والغَلَطُ فِي القَوْلِ، وهو أَن يُرِيدَ أَن يَتَكَلَّمَ بكلمةٍ فيَغْلَطَ، فيتكَلَّمَ بغيرِها، هكذا فَرَّقَتِ العربُ، ومثلُهُ في التهذيب.

  وقالَ ابنُ خَالَوَيْهِ فِي شَرْحِ الفَصِيحِ: الصّوابُ أَنْ تَقُولَ: غَلِتَ فِي الحِسَابِ، وَفِي سائِرِ الأَشْياءِ: غَلِطَ، وقال اللَّبْلِيّ في شَرْحهِ: قَدْ حَكَى أَبُو جَعْفَر الدِّينَوَرِيّ في كِتَاب إِصْلاحِ المنطق أَنه يقال: غَلِتَ فِي الحِسابِ غَلَتاً، وغَلِطَ في القَوْلِ غَلَطاً، قال: ويُقَالُ: غَلِطَ فِيهِما جَمِيعاً، قال شيخُنا: وحَكَى مِثْلَهُ اليَزِيدِيُّ فِي نَوَادِرِه، وعبدُ الوَاحِدِ اللُّغَوِيُّ في كِتَاب الإِبْدَالِ، وابنُ الأَعْرَابِيّ في كِتَاب المُعاقبات.

  وفي الحَدِيثِ، عن ابن مسعود «لا غَلَتَ في الإِسْلامِ» وجَعَلَه الزَّمَخْشَريُّ عن ابنِ عَبَّاس⁣(⁣١)، وقالَ رُؤْبَة:

  إِذَا اسْتَدَرَّ البَرِمُ الغَلُوتُ

  الغَلُوتُ: الكَثِيرُ الغَلَتِ،⁣(⁣٢) واسْتِدْرَارُهُ: كَثْرَةُ كَلامِه.

  قلتُ: وهذا على قَوْلِ من جَعَلَهُمَا واحِداً، وفي حديث شُرَيْحٍ «كَانَ لَا يُجيزُ الغَلَتَ» قال: وهو أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اشْتَرَيْتُ هذَا الثَّوْبَ بِمِائَة، ثُمَّ يَجِده اشْتَرَاهُ بأَقَلَّ، فيَرْجِع إِلى الحَقِّ، وَيَتْركُ الغَلَتَ.

  واغْلَنْتَى فُلانٌ عَلَيْهِ إِذا عَلاهُ بالشَّتْم والضَّرْبِ والقَهْرِ مثل اغْرَنْدَى، نقله الجوهريّ عن أَبي زيد.

  والغَلْتَةُ: أَوَّلُ اللَّيْلِ، قال:

  وجِئ غَلْتَةً فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وارْتَحلْ ... بِيَوْمِ مُحَاقِ الشَّهْرِ والدَّبَرانِ

  وَالغُلْتَةُ بالضَّمِّ: اسْمُ الغَلَتِ.

  ويُقَال: اغْتَلَتَهُ، وتَغَلَّتَهُ: أَخَذَهُ على غِرَّةٍ: ومنه حَدِيثُ النَّخَعِيّ: «لَا يَجُوزُ التَّغَلُّتُ»⁣(⁣٣).

  [غمت]: غَمَتَهُ الطَّعَامُ يَغْمِتُهُ غَمْتاً، من باب ضَرَبَ، إِذا ثَقُلَ عَلَى قَلْبِهِ، وفي بعضِ نُسَخ الصّحَاحِ: على فُؤَادِهِ، وذلك إِذا أَكَلَهُ دَسِماً، فغَلَبَ على قَلْبِه وثَقُلَ واتَّخَمَ.

  والغَمَتُ والفَقَمُ⁣(⁣٤): التُّخَمَةُ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: هو أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْهُ حَتّى يَتَّخِمَ، وقال شَمِرٌ: غَمَتَهُ الوَدَكُ، إِذا اتَّخَمَ فَصَيَّرَهُ كالسَّكْرَانِ، فَغَمِتَ الرَّجُلُ كَفَرِحَ، إِذا كان كذلِكَ.

  وَغَمَتَهُ فِي المَاءِ يَغْمِتُه غَمْتاً: غَطَّهُ فِيه⁣(⁣٥).

  ويقال غَمَت الشّيْء غَطَاه يغمته غَمْتاً.

  وَغَمَتَ نَفَساً، إِذا رَفَع رَأْسَهُ عِنْدَ الشُّرْبِ، نقله الصاغَانيّ.

فصل الفاءِ مع المثناة الفوقية

  [فأت]: افْتَأَتَ الرَّجُلُ عَلَيَّ افْتِئاتاً، وهو رَجُلٌ مُفْتَئِتٌ، وذلك إِذا قَالَ علَيْكَ البَاطِلَ، كذا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وعن غيره: افْتَأَتَ عَلَيَّ ما لَمْ أَقُلْ: اخْتَلَقَهُ.

  وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ في كتاب المَنْطِق: افْتَأَتَ فُلانٌ عَلَيْنَا يَفْتَئِتُ، إِذا اسْتَبَدّ عَلَيْنَا بِرَأْيِهِ. جاءَ به في بابِ الهَمْز.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: افْتَأَتَ بِأَمْرِهِ ورَأْيِهِ، إِذَا اسْتَبَدَّ بِهِ وانْفَرَدَ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: قد صَحَّ الهمزُ عَن ابنِ شُمَيْلٍ، وابْنِ السِّكِّيتِ في هذا الحرف، وما علمتُ الهمْزَ فيه أَصْلِيًّا.

  وفي الصّحاحِ: هذا الحرفُ سُمِعَ مَهْمُوزاً، ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو، وأَبُو زَيْدِ، وابنُ السِّكِّيتِ، وغيرُهم، فلا يخلو: إِمّا أَن يكُونُوا قد هَمَزُوا ما لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ، كما قَالوا حَلَّأْتُ السَّوِيقَ، وَلبَّأْتُ بِالحَجِّ، وَرَثأْتُ المَيتَ، أَوْ يَكُونَ أَصْلُ هَذِهِ الكَلِمَةِ مِن غَيْرِ الفَوْتِ، انتهى.

  وافْتُئِتَ الرَّجُلُ، على بِناءِ المَفْعُولِ: مَاتَ فَجْأَةً، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وقالَ شَيْخُنا: هو مِنَ الأَلْفَاظِ التي لم يَتَقَدَّمْ لَهَا اسْتِعْمَالٌ فِي كلامِهِم.

  قُلْتُ: وكَأَنَّهُ لُغَةٌ فِي افْتِيتَ بالياءِ كما سيأْتي.


(١) إنما جعله الزمخشري من حديث ابن مسعود، انظر الفائق ٢/ ٢٣٤.

(٢) التهذيب واللسان: الغلط.

(٣) التغلّت هو تفعّل من الغلت. تقول: تغلّته أَي طلبت غَلَتَه (اللسان والنهاية).

(٤) عن اللسان، وبالأصل «الفغم» وفي التهذيب: الغتم.

(٥) قاله ابن دريد.