تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رنق]:

صفحة 177 - الجزء 13

  كأَنَّهُم من رامِقٍ ومُقْصَدِ ... أَعْجازُ نَخْلِ الدَّقَلِ المُعَصَّدِ

  ورَمَقَهُ: أَمْسَكَ رَمَقَه، وهُمْ يَرْمُقُونَه بشَيْءٍ، أَي: قَدْر ما يُمْسِكُ رَمَقَهُ.

  والمُرامِقُ: الَّذِي بآخِرِ رَمَقٍ.

  وفُلانٌ يُرامِقُ عَيْشَه: إِذا كان يُدارِيهِ.

  ورَمَّقَهُ تَرْمِيقاً: نَظَر نَظَراً طَوِيلاً شَزْراً.

  ورَمَقَهُ رَمْقاً، ورامَقَهُ: نَظَرَ إِليه.

  ورَمَقْتُه ببَصَرِي، ورامَقْتُه: إِذا أَتْبَعْتَه بَصَرَكَ تَتَعَهَّدُهُ، وتَنْظُرْ إِليه وتَرْقُبُه.

  ورَمَّقَ تَرْمِيقاً: أَدَامَ النَّظَر، مثل: رَنَّقَ.

  وارْمَقَّ الطَّرِيقُ: إِذا طالَ وامْتَدَّ.

  والمُرْمَقُّ، كمُحْمَرٍّ: الفاسِدُ من كُلِّ شَيْءٍ.

  فائِدَةٌ مهمة: قالَ أَبو سَعْدٍ السَّمْعانِيُّ - في حَرْفِ الرّاءِ من الأَنْسابِ -: الرَّمَقِيُّ مُحَرَّكَةً، وفي آخِرِه قافٌ: نِسْبةُ شُعَيْبِ بنِ⁣(⁣١) شُعَيْبِ بنِ إِسْحاقَ الرَّمَقِيِّ، يَرْوِيَ عن أَبِي المُغِيرَةِ عَبْدِ القُدُّوسِ بنِ الحَجّاجِ، وعنه حَفْصُ بنُ عَمْرٍو الأَرْدَبِيلِيُّ، قالَ الحافِظُ: وهذا وَهَمٌ، وقد تَبعَ فيه ابنَ ماكُولَا؛ فإِنَّه ذَكَرَه هكذا أَيْضاً، والعَجَبُ منهما كيفَ راجَ عَلَيْهما هذا، وهو تَصْحِيفٌ، قِيلَ: صَحَّفَه حَفْصُ بنُ عَمْرٍو المَذْكُور، ثم راجَ عَلَى ابْنِ الأَثِيرِ في مُخْتَصَرِه، وكذا راجَ هذا الوَهْمُ على أَبِي مُحَمَّدٍ الرُّشاطِيِّ، فنَقَل كَلامَ الأَمِيرِ بعَقِبِه، وزاد أَنّه مَنْسُوبٌ إِلى الرَّمَقِ: ما بينَ نَهاوَنْدَ وهَمَذَانَ⁣(⁣٢)، انْتَهى. والمَذْكُورُ إِنّا هُو دِمَشْقِيُّ من رِجالِ الشَّيخَيْنِ، وقد ذَكَرَهُ الحافِظُ بنُ عَساكِر في تارِيخِه على الصَّحِيحِ⁣(⁣٣)، وتَبِعَهُ من صَنَّفَ في رِجالِ الكُتُبِ السِّتَّةِ، والكَمالُ للهِ، فإِنَّ الأَمْرَ أَشْهَرُ فيه من أَنْ يَحْتاجَ إِلى إِقامَةِ دَلِيلٍ، فتَأَمَّلْ ذلك.

  [رنق]: رَنِقَ الماءُ، كفَرِحَ اقْتَصَرَ عليه الصّاغانِيُّ ونَصَرَ ذَكَرَهُ ابنُ سِيدَه رَنْقاً، ورَنَقاً بالتَّحْرِيكِ ورُنُوقاً بالضَّمِّ، ففيه لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّبٍ: كَدِرَ ومنه الحَدِيثُ⁣(⁣٤): «ليسَ للشّارِبِ إِلَّا الرَّنْقُ والطَّرْقُ» وقالَ زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى:

  شَجَّ السُّقاةُ على ناجُودِها شَبِعاً ... من ماءِ لِينَةَ لا طَرْقاً ولا رَنَقَا

  كتَرَنَّقَ، فهو رَنِقٌ، كعَدْلٍ، وكَتِفٍ، وجَبَلٍ واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ على الأَوّلِ، قالَ مِرْداسُ بنُ أُدَيَّةَ:

  مَخافَةَ أَن يَرَيْنَ البُؤْسَ بَعدِي ... وأَنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِي⁣(⁣٥)

  والتَّرْنُوقُ، ويُضَمُّ، والتُّرْنُوقاءُ بالضَّمِّ مع المَدِّ، واقتصَرَ أَبو عُبَيْدٍ على الأَوّلِ: الطِّينُ الّذِي في الأَنْهارِ والمَسِيلِ إِذا نَضَبَ أَي: انْحَسَرَ عنها، وفي العُبابِ عنه الماءُ قالَ ابنُ هَرْمَةَ يمدَحُ ابنَ حَنْظب:

  ما زِلْتَ مُفْتَرِطَ السِّجالِ من العُلَى ... في حَوْضِ أَبْلَجَ يَمْدُرُ التَّرْنُوقَا

  ورَوْنَقُ السَّيْفِ: ماؤُه وحُسْنُه، قال الأَعْشَى يَمْدَحُ المُحَلِّقَ:

  تَرَى الجُودَ يَجْرِي ظاهِراً فَوْقَ وَجْهِه ... كما زانَ مَتْنَ الهُنْدُوانِيِّ رَوْنَقُ⁣(⁣٦)

  ومنه: رَوْنَقُ الضُّحَى وغَيْرِها، وهو ماؤُه وحُسْنُه وصَفاؤُه، وهو مَجازٌ، يُقال: أَتَيْتُه في رَوْنَقِ الضُّحَى، أَي: أَوَّلِها، كما يُقالُ: وَجْهُ الضُّحَى، قال:

  أَلَمْ تَسْمَعِي أَيْ عَبْدَ في رَوْنَقِ الضُّحَى ... بُكاءَ حَماماتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ

  والسَّيْفُ يَزِينُه رَوْنَقُه، أَي: ماؤُه وفِرِنْدُه.

  وقالَ ابنُ عَبّادٍ: يُقالُ: صارَ الماءُ رَوْنَقَةً: إِذا غَلَبَ الطِّينُ على الماءِ هكذا في العُبابِ، والصَّوابُ: صارَ الماءُ


(١) في اللباب: ابن أبي شعيب.

(٢) بالأصل «همدان» تطبيع.

(٣) في تهذيب ابن عساكر: شعيب بن شعيب بن إسحاق أبو محمد القرشي ... مولده سنة ١٩٠ وتوفي سنة ٢٦٤.

(٤) في النهاية واللسان: حديث ابن الزبير.

(٥) بالأصل «مخافة أن يزن» والمثبت «يرين» عن الكامل للمبرد ٣/ ١٠٨٢ وفيه «أحاذر أن يرين الفقر» ولم أجد البيت في شعر مرداس في ديوان الخوارج، والبيت في ديوان الخوارج ص ٧١ من أبيات منسوبة إلى عيسى بن فاتك الخطي وانظر تخريجه في الديوان، ونسبه المبرد لأبي خالد القناني.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ١٢١.