تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وثق]:

صفحة 473 - الجزء 13

  وأَوْبَقَه: حَبَسَه، ومنهُ قَولُه تَعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا}⁣(⁣١) أَي: يَحْبِسُ السُّفُنَ ورُكْبانَها فلا تَجْرِي بهم، عُقوبَةً لهم.

  أَو أَوبَقَه: أَهْلَكَه قال الفَرّاءُ: يُقالُ: أَوبقَتْ فُلاناً ذُنُوبُه، أَي: أَهْلَكَتْه، فوَبِقَ يَوْبَق وَبَقاً. وفي حَدِيث الصِّراط: «ومنهم المُوبَقُ بذُنُوبِه» أَي: المُهْلَكُ. وفي الحَدِيثِ: «ولو فَعَلَ المُوبِقات» أَي: الذُّنوبَ المُهْلِكاتِ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  أَوْبَقه: إِذا ذَلَّلَه. وفي نَوادِرِ الأَعرابِ: وَبِقَت الإِبلُ في الطِّين: إِذا وُحِلَتْ فنَشِبَت فيه.

  ووَبِقَ في دَيْنِه⁣(⁣٢): إِذا نَشِب فيه.

  وفي حَدِيث عليٍّ ¥ «فمِنْهم الغَرِيقُ الوَبِق» أَي: الهالِكُ.

  [وثق]: وَثِق به يَثِقُ كوَرِثَ يَرِثُ ثِقَةً ومَوْثِقاً، وعَلَى الأَولِ اقْتَصرَ الجوهَرِيُّ، زادَ ابنُ سِيدَه: وِثاقَه، كوِراثَةٍ، وزادَ الزّمخشَرِيُّ بعد «ثِقَة» وُثُوقاً، بالضّمِّ: ائْتَمَنَه. يُقالُ: به ثِقَتِي.

  والوَثِيقُ: الشَّيْءُ المُحْكَم، ج: وِثاقٌ بالكَسْرِ.

  وَوَثُقَ الشَّيءُ وَثاقَةً كَكَرُم كَرامَةً: صَارَ وَثِيقاً أَي: مُحْكماً.

  أَو وَثُقَ الرَّجلُ: أَخَذَ بالوَثِيقَةِ في أَمْرِه، أَي: بالثِّقَةِ، نقله الجَوهريُّ كَتَوَثَّقَ في أَمْرِه، نَقَلَه ابنُ سِيدَه.

  وقالَ شَمِرٌ: أَرضٌ وَثِيقَةٌ أَي: كَثِيرةُ العُشْبِ مَوْثُوقٌ بها، وهي مِثْلُ الوَثِيجَة⁣(⁣٣)، وهي دُونَها.

  والمِيثاقُ، والمَوْثِقُ، كمَجْلِس: العَهْدُ صارت الوَاوُ ياءً لانْكِسارِ ما قَبْلَها. قالَ الله تَعالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ}⁣(⁣٤) أَي: أَخَذَ العَهْدَ عليهم بأَنْ يُؤمِنوا بمُحمَّدٍ ، وأَخْذُ العَهْدِ بمَعْنَى الاستِحْلافِ. وقَولُه تَعالى: {حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ}⁣(⁣٥) أَي: مِيثاقاً ج: مَواثِيقُ على الأَصل ومَياثِيقُ على اللَّفْظِ ومياثِقُ في ضَرُورَة الشِّعر.

  وأَنْشَدَ الفَرّاءُ لعِياضِ بنِ دُرَّةَ الطّائِيّ:

  حِمىً لا يُحَلُّ الدَّهْرَ إِلَّا بإِذْنِنَا ... ولا نَسْأَلُ الأَقوامَ عَقْدَ المَياثِقِ

  وفي المُحْكَم: والجَمْع المَواثِق، ومَيَاثِق، مُعاقَبَة. وأَمّا ابنُ جِنِّي فقال: لَزِمَ البَدَلُ في مَيَاثِق، كما لَزِم في عِيد وأَعْيادٍ.

  والوَثاقُ بالفَتْح ويُكْسَرُ: ما يُشَدُّ به كالحَبْلِ وغَيْره. ومنه قَولُه تَعالَى: {فَشُدُّوا الْوَثاقَ}⁣(⁣٦) قال شَيخُنا: وهو ظاهِرٌ في أَنّه اسمٌ لا مَصْدرٌ، وفي الغَايةِ: الظاهِرُ أَنَّ ما يُوثَقُ به بالكَسْر؛ لأَنه مَعْروف في الآلاتِ كالرِّكاب والحِزامِ وهو اسمُ آلةٍ على خِلافِ القِياس، نادِرٌ. وأَمَّا بالفَتْحِ فمَصْدرٌ، كالخَلاصِ. قال شَيخُنا: هذه التَّفْرقة تَحْتاجُ إِلى نَظَرٍ، فتأَملْ.

  قُلتُ: الصَّحِيح أَن الوَثاق اسمُ الإِيثاق، تقولُ: أَوْثَقْتُه إِيثاقاً ووَثاقاً، والحَبْلُ أَو الشّيءُ الذي يُوثَقُ به وِثاق، والجَمْع الوُثُق، كرِباطٍ ورُبُطٍ.

  وأَوْثَقَه فيه أَي: شَدَّه، وَوَثَّقَه تَوْثِيقاً فهو مُوَثَّقٌ: أَحْكَمَه وإِنه لمُوثَّق الخَلْقِ، أَي: مُحْكَمُه.

  ووَثَّق فلاناً: قال فيهِ إِنَّه ثِقَةٌ أَي: مُؤتَمَنٌ.

  واسْتَوْثَقَ منه: أَخَذَ منه الوَثِيقَة كما في الصِّحاح. وقال غَيرُه: أَخَذ فيه بالوَثاقَةِ. قال الكُمَيْتُ يَمْدَحُ مَخْلَد بنَ يَزِيد بنِ المُهَلَّب:

  وخَلائِق مِنْه إِليَّ جَميلَة ... حَسْبِي، ونِعْم وَثِيقَةُ المُسْتَوْثِقِ

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  رَجُلٌ ثِقَة، وكذلك الاثْنان، والجَمِيعُ، ويُجْمَعُ على ثِقاتٍ، يَسْتَوِي فيهِ المُذَكَّر والمُؤَنَّث.

  وأَنا واثِقٌ به: وهو مَوْثُوقٌ به، وهي مَوْثُوقٌ بهِا، وهم مَوْثُوقٌ بهم. فأَما قَولُه:


(١) سورة الشورى الآية ٣٤.

(٢) الأصل واللسان، وفي التهذيب: ذنبه.

(٣) في التهذيب: الوثيخة، وكلاهما صحيح.

(٤) سورة آل عمران الآية ٨١.

(٥) سورة يوسف الآية ٦٦.

(٦) سورة محمد الآية ٤.