[فلك]:
  وأَفَكَّ الظبيُ من الجبالةِ إذا وَقَعَ ثم انْفَلَت كأَفْسَحَ.
  ورَجلٌ أَفَكُّ: مكْسورُ الفَكِّ. وما انْفَكَّ فلانٌ قائماً أي ما زَالَ قائماً. قال الفرَّاءُ إذا كانَ الانْفِكاكُ على جهَةِ يَزَالُ فلا بُدَّ لها من فِعْلٍ وأَنْ يكونَ معْنَاها جَحْداً فتقولُ ما انْفَكَكْتُ أَذْكُرُكَ تريدُ: ما زِلْتُ أَذْكُرك؛ وإِذا كانَتْ على غيرِ جهةِ يَزالُ قلْتُ: قد انْفَكَكْتُ منك. وانْفَكَّ الشيْءُ من الشيْءِ فيكونُ بلا جَحْدٍ وبلا فِعْلٍ قالَ ذُو الرِّمَّةِ:
  قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلَّا مُنَاخَةً ... على الخَسْفِ أو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا(١)
  فلم يدْخُلْ فيها إلَّا: إلَّا، وهو يَنْوي به التَّمام، وخلافَ يَزالُ، لأَنَّك تقولُ ما زلْتُ إلَّا قائماً. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ هذا البيتَ حَرَاجِيج ما تَنْفَكُّ؛ وقالَ يُرِيدُ ما تَنْفَكُّ مُناخَةً فزَاد إلَّا، قال ابنُ بَرِّي: الصَّوابُ أَنْ يكونَ خَبَر تَنْفَكُّ قَوْلَه على الخَسْف، وتكونَ إلَّا مُناخةً نصباً على الحالِ، تقديرُه ما تَنْفَكُّ على الخَسْف والإِهانةِ إلَّا في حالِ الإِناخةِ فإنَّها تَسْتريح؛ وقال الأَزْهَرِيُّ: وقَوْلَهُ تعالَى: {مُنْفَكِّينَ}(٢) ليسَ من باب ما انْفَكَّ وما زَالَ، إنَّما هو من انْفِكاكِ الشَّيْء من الشَّيْءِ إذا انْفَصَل(٣) عنه وفارَقَه، كما فسَّرَه ابنُ عَرَفة، واللهُ أَعْلَم. ورَوَى ثَعْلَب عن ابنِ الأَعْرَابيِّ: يُقالُ فُكَّ(٤) فلانٌ أي خُلِّص وأُرِيح من الشيْءِ، ومنه قَوْله تعَالَى: مُنْفَكِّينَ، قال: معْناه لم يكُونُوا مُسْتريحِيْن حتى جاءَهُمُ البَيَان، {فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}. وقالَ الزَّجَّاجُ: المَعْنى لم يكُونُوا مُنْفَكِّين عن كُفْرِهم أي مُنْتَهِين، وهو قَوْلُ مُجَاهِد(٥). وقال الأَخْفَش: مُنْفَكِّينَ زَائِلِين عن كُفْرِهم.
  وقالَ نَفْطَوَيْه: المعْنَى لم يكُونُوا مُفَارِقِين الدنيا حتى أَتَتْهم البَيِّنَة. وقالَ الرَّاغِبُ: أي لم يكُونوا مُتَفَرِّقِين بل كانُوا كلّهم على الضّلالةِ.
  وعَبْدُ الكَريمِ بنُ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الكَريمِ الفكون محدِّثٌ لَقِيه شَيْخ مشايخِ مَشايِخِنَا أَبُو سَالِمٍ العياشيُّ وذَكَرَه في رِحْلَتِه، أَخَذَ عن يَحْيَى بن سُلَيْمان الْأُورَاسِيِّ عن طاهِرِ بن زيان الزواويِّ عن زرّوقَ.
  [فلك]: الفَلَكُ محرَّكةً مَدارُ النُّجومِ ويقولُ المُنَجِّمُون: إنَّه سَبْعةُ أَطْواقٍ دون السّماء قد رُكِّبَتْ فيها النجومُ السَّبْعة، في كلِّ طَوْقٍ منها نَجْم، وبعضُها أَرْفَع من بعضٍ يَدُورُ فيها بإِذْنِ الله تعالى. وقالَ الزَّجَّاجُ في قولِه تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(٦)، لكلِّ واحدٍ منها فَلَكٌ ج أَفْلاكٌ وفُلُكٌ بضمتين ويجوزُ أنْ يُجْمَعَ على فُلْكٍ بالضمِ كأسَدٍ وأُسْدٍ وخَشَب وخُشْب والفَلَكُ من كلِّ شيءٍ مُسْتَدارُه ومُعْظَمُه والفَلَكُ: مَوْجُ البَحْرِ المُضْطَرِبُ المُسْتَديرُ المُتَرَدِّدُ. وفي حدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعود رَضِيَ الله تعالى عنه: «أَنَّ رجلاً أَتَى رجلاً وهو جالسٌ عنْدَه فقالَ: إِنِّي تَرَكْتُ فَرَسَك كأَنَّه يَدُور في فَلَكٍ، قال أَبو عُبَيْد: فيه قَوْلان: فأَمَّا الذي تَعْرفُه العامَّةُ فإنَّه شبهه بفَلَكِ السَّماءِ الذي يَدُورُ عليه النجومُ وهو الذي يُقالُ له القُطْب شُبِّه بقُطْبِ الرَّحَى، قالَ: وقال بعضُ العَرَبِ: الفَلَكُ هو المَوْجُ إذا ماجَ في البَحْر فاضْطَرَب وجاءَ وذَهَبَ فشبَّه الفَرَسَ في اضْطِرَابِه بذلك، وإنَّما كانَتْ عَيْناً أَصَابَتْه، قال: وهو الصحيحُ.
  والفلك الماءُ الذي حَرَّكَتْهُ الريحُ فتَموَّج وجاءَ وذَهَبَ نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ وبه فسَّر قَوْلَهم تَرَكْتَه كأَنَّه يَدُور في فَلَكٍ ويَدُور كأَنَّه فَلَكٌ إذا تَرَكْتَه لا يقرُّ به قَرَارٌ شبَّهَه بهذا الماءِ.
  والفَلَكُ: التَّلُّ من الرَّمْلِ حَوْلَهُ فَضاءٌ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
  وقِيلَ: الفَلَكُ من الرَّملِ: أَجْوِيةٌ غِلاظٌ مُسْتَديرةٌ كالكَذَّان تَحْفَرُها الظِّباءُ. والفَلَكُ: قِطَعٌ من الأَرْضِ تَسْتَدِيرُ وتَرْتَفِعُ عمَّا حَوْلَها في غِلَظٍ أو سُهولةٍ الواحدةُ فَلْكَةٌ ساكِنَةَ اللامِ ج فِلاكٌ كرِجالٍ كقَصْعَةٍ وقِصَاعٍ قال ابنُ بَرِّيّ: وفي الغَرِيبِ المُصَنَّف: فَلَكَةٌ وفَلَكٌ بالتَّحْرِيكِ، وفي كتابِ سِيْبَوَيْه: فَلْكَةٌ وفَلَكٌ مِثْلَ حَلْقة وحَلَقٍ. والأَفْلَكُ مَنْ يَدُورُ حَوْلَها أي الفَلَكَة. ونَصّ ابن الأَعْرَابيِّ: من يَدُور حَوْل الفَلَكِ وهو التَّل من الرَّملِ حَوْلَه فضاءٌ. وفَلَكَ ثَدْيُها وأَفْلَكَ وفَلَّكَ تَفْلِيكاً وتَفَلَّكَ الأُولَى عن ابن عَبَّادٍ، والثانية عن ثَعْلَب، وما بعْدَها من كتابِ سِيْبَوَيْه اسْتَدَارَ كالفَلْكَةِ وهو دُون النهودِ قالَ:
  جارِيَةٌ شَبَّتْ شَباباً هَبْرَكا
(١) ديوانه ص ١٧٣ اللسان التهذيب والصحاح.
(٢) من الآية ١ من سورة البينة.
(٣) التهذيب: «زال».
(٤) التهذيب واللسان: «فُكَّ» الصواب.
(٥) كذا وقول مجاهد كما نقله الأزهري: لم يكونوا ليؤمنوا حتى يتبين لهم الحق.
(٦) سورة الأنبياء الآية ٣٣.