تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وفر]:

صفحة 594 - الجزء 7

  اللّيْث. وفي اللّسَان: على الرَّمْضاءِ. والوَغِيرُ أَيضاً: اللَّبَن تُرْمَى⁣(⁣١) فيه الحِجَارَةُ المُحْماةُ ثمّ يُشْرَب، وقيل: الوَغيرُ: اللَّبَنُ يُغْلَى ويُطْبَخُ. وقال الجوهريّ: الوَغِيرَةُ: اللّبَنُ يُسَخَّن بالحِجَارة المُحْمَاةِ، وكذلك الوَغِير، وقال ابن سيده: الوَغيرَةُ: اللّبَنُ وَحْدَه مَحْضاً يُسَخَّن حتّى يَنْضَج وربّمَا جُعِلَ فيه السَّمْنُ، وقد أَوْغَرَه، ووَغَّرهُ⁣(⁣٢) توْغيراً، قال الشاعر:

  فسائِلْ مُرَاداً عن ثَلَاثَةِ فِتْيَةٍ ... وعن إِثْرِ ما أَبْقَى الصَّرِيحُ المُوَغَّرُ

  وفي كلام المصنّف قُصورٌ لا يَخْفَى.

  وأَوْغَرَ المَاءَ: سَخَّنَهُ، وذلك أَنْ تُسَخِّنَ الحِجَارَةَ وتَحرِقَها وتُلْقِيهَا في الماءِ لتُسَخِّنه، وهو الإِيغارُ، وقيل: أَوْغَرَ المَاءَ: أَحْرَقَه وأَغْلَاهُ، ومنه المثلُ: «كَرهَتِ الخَنَازيرُ الحَمِيمَ المُوغَر»، وذلك لأَنّه رُبَّمَا يُسْمَطُ فيه الخنْزيرُ وهو حَيٌّ ثم يُذْبَحُ، ومثله في الأَساس، وفي بعض الأصول ثمّ يُشْوَى، وهو فِعْلُ قَوْمٍ من النَّصَارَى، قال الشاعر:

  ولقدْ رَأَيتُ مَكانَهم فكَرِهْتُهُمْ ... ككَرَاهَةِ الخِنْزيرِ للإِيغارِ⁣(⁣٣)

  وعن أَبي سعيد: يقال: أَوْغَرَ فلاناً إِلَيْه، أَي أَلْجَأَهُ، وأَنشد:

  وتَطاوَلَتْ بك هِمَّةٌ مَحْطوطةٌ ... قد أَوْغَرَتْكَ إِلى صِباً ومُجُونِ

  قال: واشتقاقه من إِيغار الخَراجِ، ثمّ ذَكرَ المَعنَى الذي ذَكرَه المصنّف آخِراً. ويقال أَوْغَرَ العامِلُ الخَراجَ، إِذا اسْتَوْفاهُ. وفي التهذيب: «وغر»⁣(⁣٤): أَوْ هَو أَنْ يُوغِرَ المَلِكُ الرجُلَ الأَرضَ فيَجْعَلَها له من غِير خَرَاج، وقيل: الإِيغارُ: أَن يُسْقِطَ الخَرَاجَ عن صاحِبه في بَلدٍ ويُحَوِّلَ مِثلَه إِلى بَلَدٍ آخَرَ، فيكون ساقِطاً عن الأَوّل وراجعاً إِلى بَيْت المالِ؛ أَو هو أَن يُؤَدِّىَ الخَرَاجَ إِلى السُّلْطَانِ الأَكْبَرِ فِرَاراً من العُمّالِ.

  يقال: أَوغَرَ الرجُلُ خَراجَه، إِذا فعلَ ذلك، نقله أَبو سَعِيد، قال: ومنه أُخِذَ معنَى الإِلجاءِ. وقيل: سُمِّيَ الإِيغارَ لأَنّه يُوغِرُ صُدورَ الذين⁣(⁣٥) يُزَاد عليهم خَراجٌ لا يَلزَمُهم. وقال الأَزهريّ⁣(⁣٦): وقَدْ يُسَمَّى ضَمَانُ الخَراجِ إِيغاراً، وهي لفظة مُوَلَّدَةٌ. وقال ابنُ دُرَيْد: والإِيغارُ المستعمَلُ في باب الخَرَاجِ لا أَحسَبُه عَربيًّا صَحيحاً.

  ووَغْرُ الجَيْشِ: صَوْتُهم وجَلَبَتُهم، قال ابنُ مُقْبل:

  في ظَهْرِ مَرْتٍ عَساقِيلُ السَّرَابِ به ... كَأَنَّ وَغْرَ قَطَاهُ وَغْرُ حادِينَا

  وقال الراجز:

  كَأَنَّمَا زُهَاؤُهَا لمَنْ جَهَرْ ... لَيْلٌ ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ

  ويُحَرَّك، ولم يَحْكِ ابنُ الأَعْرَبيّ في وَغْرِ الجَيْش إِلّا الإِسْكَان فقط، وصرّحَ بأَنّ الفتح لا يجوز.

  وتَوَغَّرَ الرّجُلُ: تَلَهَّبَ غَيْظاً وتَوَقَّدَ وحَمِيَ.

  وعَمْرُو بن رَبيعَةَ بن كَعْب الشّاعرُ المشهورُ لُقِّبَ مُسْتَوْغِراً وفي بعض النُّسخ المُسْتَوْغِر لقوله يَصِفُ فَرساً عَرِقَت:

  يَنِشُّ الماءُ في الرَّبَلاتِ منْهَا ... نَشِيشَ الرَّضْفِ في اللَّبَنِ الوَغِيرِ

  والرَّبَلات: جمع رَبَلَة، وهي باطِنُ الفَخذِ. والرَّضْفُ: حِجارةٌ تُحْمَى وتُطرَح في اللَّبَن ليَجْمُدَ.

  وفي التكملة: المِيغَرُ: المِيقاتُ والمِيعَادُ وقد أَوْغَرُوا بَينَهم مِيغَراً، أَي مِيعاداً.

  والغِرَةُ، مثل العِدَة وَزْناً ومعنًى، نقله الصاغانيّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  وَغَرَتْه الشَّمسُ، أَي اشتَدَّ وَقْعُها عليه. والوَغْر: الذَّحْلُ.

  [وفر]: الوَفْرُ: الغِنَى، والوَفْر من المَالِ والمَتَاعِ: الكَثيرُ الوَاسعُ الذي لم يَنْقُصْ منه شيءٌ أَو العامُّ من كلّ


(١) في القاموس: «يُرمى» والأصل فكاللسان.

(٢) القاموس: وأوغره: صَنَعَه، كوَغَّرَه.

(٣) تقدم في مادة ج ر د ونسب هناك إلى أدهم النعامي الكلبي. والبيت في اللسان غ ن ط ونسب إلى جرير، وليس في ديوانه.

(٤) كذا، والعبارة التالية ليست في التهذيب وغر، وهي مثبتة في اللسان ولم ينسبها إلى التهذيب، وفيه: «ويقال ..» وهي عبارة الصحاح.

(٥) عن اللسان وبالأصل «الذي».

(٦) القول التالي لم يرد في التهذيب، وهو عبارة الصحاح ونقلها صاحب اللسان ولم يعزها.