تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بغل]:

صفحة 58 - الجزء 14

  يا رُبَّ بَعْلٍ ساءَ ما كان بَعَلْ⁣(⁣١)

  وكذلك بَعَلَتِ المرْأَةُ بُعُولَةً إذا صَارَت ذاتَ بَعْلٍ، كاسْتَبْعَلَ فهو بَعْلٌ ومُسْتبعلٌ. وبَعَلَ عليه إذا أَبَى ومنه حدِيثُ الشُّورَى: «فمن بَعَلَ عَلَيكم أَمْرَكُم فاقْتُلُوه»، أي أَبَى وخَالَفَ. وتَبَعَّلَتْ المرْأَةُ أَطاعَتْ بَعْلَها ومنه الحدِيثُ: «نعم إذا أَحْسَنْتُنَّ تَبَعُّل أَزْواجكنَّ وطَلَبْتنَّ مَرْضَاتهم». وفي حدِيثٍ آخَرَ: «وجِهَادُ المرْأَةِ حسن التَّبَعُّلِ». أو تَبَعَّلَتْ إذا تَزَيَّنَتْ له. وبُنِي من لَفْظِ البَعْل البِعالُ بالكسر وهو كنايةٌ عن الجِماعِ ومُلاعَبَةِ الرَّجُلِ⁣(⁣٢) أَهْلَهُ كالتَّباعُلِ والمُباعَلَةِ يقالُ: هو يُبَاعلُها أي يُلاعِبُها وبينهما مُبَاعلَةٌ ومُلاعَبَةٌ وهما يَتَبَاعلان. وفي الحديثِ: أَيامُ التَّشْريقِ أَيامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وبِعَالٍ رَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ، وقالَ الحُطَيْئةُ:

  وكَمْ مِنْ حَصانٍ ذَاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها ... إذا الليل أَدْجَى لم تَجِدْ من تُباعِلُه⁣(⁣٣)

  وباعَلَتْ المرْأَةُ اتَّخَذَتْ بَعْلاً وليْسَ المُفَاعَلة فيه حَقِيقِيَّةً. وباعَلَ القومُ⁣(⁣٤) تَزَوَّجَ بعضُهم بعضاً ومن المجازِ: باعَلَ فلانٌ فلاناً إذا جالَسَهُ تصور فيه معْنَى المُلاعَبَة وتصور من البَعْل الذي هو النَّخْل قيَامه في مكانِه فقيلَ: بَعِلَ فلانٌ بأَمْرِه كفَرِحَ إذا دَهِشَ وفَرِقَ وبَرِمَ وعَييَ وثَبِتَ مكانَه ثُبُوتَ النَّخْلِ في مقرِّه، فلم يَدْرِ ما يَصْنَعُ فهو بَعِلٌ ككَتِفٍ وذلك كقَوْلِهم: ما هو إلا شجر فيمن لا يَبْرح. والبَعِلَةُ كفَرِحَةٍ من النِّساءِ التي لا تُحْسِنُ لُبْسَ الثِّيابِ ولا إِصْلاحَ شأْنِ النَّفْسِ وهي البَلْهاءُ. وبَعَالٌ كسَحابٍ أَرْضٌ لبنِي غفار قُرْبَ عُسْفانَ وبُعَالٌ كغُرَابٍ⁣(⁣٥) جَبَلٌ بإِرْمِنِيَةِ. وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: جَبَلٌ بالقصيبة وشَرَفُ البَعْلِ جَبَلٌ بطريقِ حاجِّ الشامِ نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ. وبَعْلَبَكُّ د بالشامِ والقَوْلُ فيه كالقولِ في سامِّ أَبْرَص، وقد ذُكِرَ في الصادِ كما في الصِّحاحِ، قالَ ابنُ بَرِّي سامُّ أَبْرَص اسمٌ مضافٌ غيرُ مُرَكَّبٍ عنْدَ النَّحويِّين. وقَوْلُ المصنِّفِ ذُكِرَ في «ب ك ك» إِحَالةٌ باطلةٌ فإنَّه لم يَذْكُرُه هناك. أَشَارَ له شَيْخُنا قالَ: وقد ذَكَرُوا أنَّ بَعْلَ إسمُ صَنَمِ، وبَكَّ اسمُ صاحِبِ هذه البلَدةِ، والنِّسْبَةُ إليها البَعْلِيُّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  البَعْلُ: مَنْ تَلْزَمُك طاعَتَه من أَبٍ وأُمٍّ ونَحْوهما، وبه فسِّرَ الحدِيثُ: «هل لَكَ من بَعْلٍ؟ قالَ نَعَم. قالَ: فانْطَلِقْ فجاهِدْ فإنَّ لك فيه مجاهداً حَسَناً». وقيلَ: البَعْلُ هُنا العِيالُ ومَنْ تَلْزَمه نَفَقَته، ويَجوزُ أنْ يكونَ مُخَفَّفاً من بعل وهو العاجِزُ الذي لا يهتدي لأَمْرِهِ من بَعِل بالأمْرِ.

  والبعليُّ: الرجُلُ الكثيرُ المالِ الذي يعلى الناس بمالِهِ وبه فسِّرَ الحدِيثُ: «فما زَالَ وَارِثه بَعْلِيّاً حتى مَاتَ». وقالَ الخَطَابيُّ: لَسْتُ أَدْرِي ما صحَّة هذا، ولا أَرَاه شيئاً إلَّا أَن يكونَ نسْبةً إلى بَعْلِ النَّخْلِ يُريدُ أَنَّه قد اقْتَنَى نَخْلاً كَثِيراً من بَعْل النَّخلِ. قالَ: والبَعْلُ أَيْضاً الرئيسُ، والبَعْلُ: المَالِكُ، فعلى هذا يكونُ قَوْلُه: بَعْلِيّاً أي رَئيساً مُتَمَلّكاً، قال: وفيه وَجْهٌ آخَرُ وهو أَشْبَه بالكلامِ وهو أَنْ يكون بَعَلْياء على وَزْنِ فَعْلاء من العَلاء. قالَ الأَصْمَعِيُّ: وهو مَثَلٌ يقالُ: ما زَالَ منها بعَلْيَاء إذا فَعَلَ الرجُلُ الفِعْلَة فيُشْرِفُ بها ويَرْتَفِع قَدْرُه.

  وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: البَعِلُ ككَتِفٍ البَطَرُ. وامْرَأَةٌ حَسَنَةُ الابْتِعَال إذا كانت حَسَنَة الطّاعةِ لزَوْجِها.

  واسْتَبْعَلَ النَّخلُ صَارَ بَعْلا وعَظُم.

  [بغل]: البَغْلُ م مَعْرُوفٌ وهو المولدُ من بَيْن الحمارِ والفرسِ، ج بِغالٌ قالَ الله تعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها}⁣(⁣٦). ويقالُ: البَغْلُ نغل وهو له أَهْل أي ابنُ زنية. ومَبْغولاءُ اسمُ الجمعِ والأُنْثَى بهاءٍ ومنه قَوْلُهم: فلانَةٌ أَعْقَرُ من بَغْلة. ومن المجازِ: نَكَح في بنِي فلانٍ، وبَغَلَهُم كمَنَعَهُم أي هَجَّنَ أَولادَهُمْ كبَغَّلَهُم تَبْغِيلاً وهو من البَغْلِ لأَنَّ البَغْلَ يَعْجَز عن شأْوِ الفَرَسِ. ونصُّ التكملةِ: قالَ ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٧): ويقالُ: نَكَحَ فلانٌ في بَنِي فلانٍ فبَغَّلَهُم وضَبَطَه بالتَّشديدِ. وحَفْصُ بنُ بُغِيْلٍ كزُبَيْرٍ المرهبي محدِّثٌ في بني سُفْيان وزَائِدَة، وعنه أَبُو كُرَيْبٍ وأَحْمَدُ بنُ بُدَيْلٍ صَدُوقٌ. وبَغَّلَ تَبْغيلاً بَلَّدَ وأَعْيَ* في المَشْي وهو مجازٌ. ومن المجازِ: بَغَّلَتِ الإِبِلُ إذا مَشَتْ بَيْنَ الهَمْلَجَة والعَنَقِ ومنه


(١) الصحاح واللسان والأساس.

(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «المرءِ».

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٨٠ واللسان والمقاييس ١/ ٢٦٥.

(٤) القاموس: والقومُ قوماً تَزَوَّجَ.

(٥) ضبطها في التكملة بالقلم بالفتح.

(٦) النحل الآية ٨.

(٧) الجمهرة ١/ ٣١٨.

(*) في القاموس: «أعيا» بدل: «أَعْيَ».