تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لتت]:

صفحة 124 - الجزء 3

  شَرِبْنَا اليَوْمَ إِذْ عَصَبَتْ غَلابِ ... بتَسْهيدٍ وعَقْدٍ غَيْرِ بَيْنِ⁣(⁣١)

  تَنَادَوْا عِنْدَ غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ ... وقَد بَرَدَتْ مَعافِرُ⁣(⁣٢) ذِي رُعَيْنِ

  قال: كذا وَجَدْتُه في كِتَاب شَمِرٍ.

  [لتت]: اللَّتُّ: الدَّقُّ، قال امرُؤُ القيْسِ يَصفُ الحُمُرَ:

  تَلُتُّ الحَصَى لَتّاً بسُمْر رَزِينَة ... مَوارِنَ لا كُزْمٍ ولا مَعِرَاتِ⁣(⁣٣)

  قال: تَلُتُّ أَي تَدُقُّ بحوافِرَ سُمْرٍ، وذلك أَصْلَبُ لها، والكُزْمُ القِصَار، وقال هِمْيانُ:

  حَطْماً على الأَنْفِ ووَسْماً عَلْبَا ... وبالعَصا لَتّاً وخَنْقاً سَأْبَا

  قالَ أَبو منصور: وهذا حرف صحيح.

  واللَّتُّ: الشَّدّ والإِيثاقُ، يقال: لَتَّ الشيءَ يَلُتُّه إِذا شَدّه وأَوْثَقَهُ.

  وعن ابنِ الأَعرابيّ: اللَّتُّ: الفَتُّ⁣(⁣٤).

  واللَّتّ: السَّحْقُ، زاده الصاغانيّ.

  ولَتَّ السَّوِيقَ والأَقِطَ ونَحْوَهُما يَلُتُّه لَتّاً: جَدَحَه، وقيل: بَسَّهُ بالماءِ ونحوْهِ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  سَفَّ العَجُوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتَا

  وعن اللَّيث: اللَّتُّ بَلُّ السَّوِيقِ، والبَسُّ أَشَدُّ منه، يقال: لَتَّ السَّوِيقَ، أَي بَلَّهُ.

  واللُّتَاتُ بالضّمّ: ما فُتَّ من قُشُور الخَشَبِ، ويروى عن الشافعيّ ¥ أَنه قال في باب التيمّم: ولا يَجُوُز التَّيَمُّمُ بلُتَاتِ الشَّجَرِ، وهو ما فُتَّ من قِشْرِه اليابِس الأَعْلى، قال الأَزهريّ: لا أَدْرِي، لِتَاتٌ أَم لُتَاتٌ⁣(⁣٥)، وفي الحديث: «ما أَبْقَى مِنّي إِلّا لُتَاتاً» كأَنّه قال: ما أَبْقَى مني المَرَضُ إِلا جِلْداً يابساً كقِشْرَةِ الشَّجَرِ⁣(⁣٦).

  واللُّتَاتُ: ما لُتَّ به، وفي كتاب اللَّيْث: اللَّتُّ: الفِعْلُ من اللُّتَاتِ، وكُلُّ شيْءٍ يُلَتُّ به سَوِيقٌ أَو غَيْرُه نحوُ السَّمْنِ ودُهْنِ الأَلْيَةِ.

  وفي حديث مُجاهدٍ - في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللّاتَ وَالْعُزّى}⁣(⁣٧) - قال: كان رَجُلاً⁣(⁣٨) يَلُتُّ السَّوِيقَ لَهُم، وقرأَ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتّ والعُزَّى مُشَدَّدَةَ التّاءِ، وهو صَنَمٌ.

  قال الفَرّاءُ: والقراءَةُ «اللّاتَ» بتخفيف التاءِ قال: وأَصْلُه اللَّاتُّ بالتشديد وقرأَ بِها ابنُ عَبّاسٍ ومَوْلاهُ عِكْرِمَةُ ومُجَاهِدٌ وجَمَاعةٌ، كمنصورِ بنِ المُعْتَمِر والأَعْمَشِ والسِّخْتِيَانيّ، ونقله الفَرَّاءُ عن البَزِّيِّ ويَعْقُوبَ. سُمِّيَ بالذي كان يَلُتُّ عِنْدَهُ السَّوِيقَ بالسَّمْنِ أَي يَخلِطُه به ثم خُفِّفَ وجُعل اسماً للصّنم.

  وفي اللِّسان: اللَّاتُّ - فيما زعم قومٌ من أَهلِ اللُّغَةِ - صَخْرَةٌ كان عندها رَجُلٌ يَلُتّ السَّوِيقَ للحَاجّ، فلما ماتَ عُبِدَتْ، قال ابن سيده: ولا أَدْرِي ما صِحَّةُ ذلك. وفي النهاية: وذكر أَنّ التاءَ في الأَصل مخَفَّفة للتَّأْنيث، وليس هذا بابها، وكان الكسائيّ يقف عند اللَّات بالهَاءِ⁣(⁣٩)، قال أَبو إِسحاق: وهذا قياس، والأَجْوَدُ اتّباعُ المُصْحَفِ، والوقوفُ عليها بالتّاءِ، قال أَبو منصور: وقول الكسائيّ يوقَف عليها بالهاءِ يَدُلّ على أَنه لم يَجْعَلْها من اللَّتِّ، وكان المُشْرِكونَ⁣(⁣١٠) الذين عبَدُوها عَارَضوا باسْمها اسمَ اللهِ، تَعالى اللهُ عُلُوّاً كَبِيراً عن إِفْكِهم ومُعارَضتِهم وإِلْحَادِهم في اسمه العَظيم.

  قلت: وعلى قراءَةِ التخفيف قولٌ آخر حكاه أَهل


(١) التهذيب:

شربنا النوم إذ غضت غلاب ... بتسهيد وعقد غير مين

(٢) التهذيب: معاذر.

(٣) تلت عن اللسان، وبالأصل «يلت». وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله يلت، الذي في التكملة: تلت.

وذكره في التهذيب شاهدا على اللتّ بمعنى الفتّ.

(٤) الأصل «الأنف وسما» وما أثبت عن اللسان.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لتات أم لتات ضبط بخطه الأول شكلاً بكسر أوله والثاني بضمه.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كقشرة الشجر عبارة ابن الأثير: كقشر الشجرة وهي أحسن».

(٧) سورة النجم الآية ١٩.

(٨) في التهذيب: كان رجل.

(٩) زيد في التهذيب: ويقول: اللاه.

(١٠) في التهذيب: وكأن المشركين.