تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كوأ - كيأ]:

صفحة 240 - الجزء 1

  من المجازات، مع دَعْواه الكثير، والله عليمٌ بصير.

  وكَمِئَ فلانٌ عَنِ الأَخْبَارِ كَمَأً: جَهِلَهَا وغَبِيَ عَنْهَا فلم يَفْطُنْ لها، قال الكسائيّ: إِنْ جَهِل الرجُلُ الخَبَرَ قال: كَمِئْتُ عن الأَخبار أَكْمَأُ عنها.

  وقد أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ أَي شَيَّخَتْهُ بتشديد الياء، عن ابن الأَعرابيّ.

  وَتَكَمَّأَهُ أَي الأَمْرَ إِذا تَكرَّهَهُ نقله الصاغاني، وفي الأَساس: خَرَجُوا⁣(⁣١) يَتَكَمَّئُونَ: يَجْتَنُونَ الكَمْأَةَ.

  وتَكَامَأْنَا في أَرضهم، وتَكَمَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ، وتَلَمَّعَتْ عليه، وَتَودَّأَتْ إِذا غَيَّبَتْهُ فيها وذَهبَتْ به، عن ابن الأَعرابيّ.

  [كوأ - كيأ]: الكَاءُ والكَاءَةُ والكَيْءُ والكَيْئَةُ بالفتح على الإِطلاق، والهاءُ للمبالغة، وضبطه في العباب فقال مثال الكاع والكَاعة والكَيْع والكَيْعَة، فكان ينبغي للمصنف ضبطُه على عادته: الضّعِيفُ الفؤادِ الجَبَانُ قال أَبو حِزامٍ العُكْليُّ:

  وَإِنّي لَكَيْءٌ عَنِ المُرئِثَاتِ ... إِذَا مَا الوَطِئُ انْمَأَى مَرْثَؤُهْ⁣(⁣٢)

  ورجل كَيْئَةٌ، وهو الجَبانُ قال العكليّ أَيضاً:

  لِلَانَأْنَإِ جبَّإِ كَيْئَةٍ ... يُملَّى مَآبِرَه نَنْصَؤُهْ

  وقد كِئتُ عن الأَمر بكسر الكاف أَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَةً، وَكُؤْتُ عنه أَكُوءُ كَوْأً، وَكَأْواً على القَلْبِ أَي نَكَلْتُ عنه، أَو نَبَتْ عنه عَيني فلم أُرِدْه، وقال بعضهم: أَي هِبْتُه وجَبُنْتُ عنه، وكان الأَوَلى بالمصنف أَن يُميزّ بين المادّتين الواوية واليائية، فيذكر أَوَّلاً كوأَ، ثم كيأَ كما فعله صاحب اللسان، ولم ينّبه عليه شيخنا أَصلاً وَأَكاءَهُ إِكَاءً وَإِكَاءَةً هذا محلُّ ذِكره، فإِن الهمزة زائدةٌ، كأَقام إِقامة، لا حرف الهمزة، وقد سبقت الإِشارة إِلى ذلك: فَاجَأَهُ عَلَى تَئِفَّةِ أَمْرٍ أَرَادَه وفي نسخة تَفِيئَةِ أَمرٍ، وقد تقدّم تفسير ذلك فَهَابَهُ وَردَّه عنه وجَبُن فرَجَع عنه وأَكأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ.

  قال صاعدٌ في الفُصوص: قَرأَ الزُّبَيْدِيُّ على أَبِي عَلِيٍّ الفارسيّ في نوادِر الأَصمعيّ: أَكَأْتُ الرجُلَ إِذَا رَدَدْتَه عنك. فقال: يا أَبَا مُحمَّدٍ، أَلْحِقْ هذه الكلمةَ من أَجَأَ، فلم أَجد له نَظِيراً غيرَها، فتنازع هو وغيرُه إِلى كُتُبه، فقلت: أَيها الشيخُ، ليس كأت من أَجأَ في شيءٍ، قال: كيف؟ قلت: حكى أَبو إِسحاق الموصليُّ وقُطْرُب كَيِئَ الرجلُ إِذا جَبُن، فخجِل الشيخُ وقال: إِذا كان كذلك فليس منه. فَضَرب كُلٌّ على ما كَتب، انتهى. قال في المشوف: وفي هذه الحكاية نَظَرٌ، فقد كان أَبو عَلِيٍّ أَعلَمَ مِن أَن يَخفى عليه مثلُ هذا ويَظهَرَ لصاعدٍ، وقد كان صاعدٌ يَتساهلُ، عفا الله عنه.

فصل اللام مع الهمزة

  [لألأ] اللُّؤْلُؤُ لا نظير له إِلّا بُؤْبُؤٌ وجُؤْجُؤٌ وسُؤْسُؤٌ ودُؤْدُؤٌ وضُؤْضُؤٌ: الدُّرُّ سُمِّي بِه لِضَوْئِه ولَمعَانِه واحِدهُ لُؤْلُؤَةٌ بِهاءٍ والجمع اللَّآلِئُ وبائِعهُ لَئَّالٌ حكاه الجوهريّ عن الفراء، وذكره أَبو حيان في شرح التسهيل وقال أَبو عبيدة: قال الفَرّاء: سمعتُ العربَ تقول لصاحب اللؤْلؤِ لَئَّاءٌ على مِثال لَعَّاعٍ، وكره قول الناس لَئَّال على مثال لَعَّال. وَلأْلَاءٌ كَسلسال غريبٌ، قلَّ من ذكره من أَرباب التصانيف، وأَنكره الأَكثر، قاله شيخُنا، قال عليُّ بنُ حمزة: خالف الفرَّاءُ في هذا الكلامِ العربَ والقِياسَ، لأَن المسموع لَئَّالٌ ولكِنِ القِيَاسُ لُؤْلُئيٌّ، لأَنه لا يُبْنَى من الرُّباعيّ فَعَّالٌ، ولَئَّالٌ شَاذٌ. انتهى. لَا لَئَّاءٌ كما قاله الفراءُ وَلا لَئَّالٌ كما صَوَّبه الجوهريُّ، وقال الليثُ: اللُّؤْلُؤُ معروفٌ، وصاحبه لَئَّالٌ، حذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ، وأَنشد:

  دُرَّةٌ مِنْ عَقَائِلِ البَحْرِ بِكْرٌ ... لَمْ تَخُنْهَا مَثَاقِبُ اللَّئَّالِ

  ولو لا اعتلالُ الهمزةِ ما حَسُنَ حذْفُهَا، أَلَا تَرَى أَنهم لا يقولون لبيَّاع السِّمْسِم سَمَّاسٌ وحَذْوُهُما في القِياس واحدٌ، قال: ومنهم من يرى هذا خَطأً وَوَهِمَ الجَوهريُّ في رَدِّه كلامَ الفرَّاءِ وَتصْوِيبهِ ما اختاره، وهذا الذي صَوَّبه هو قولُ الفَرَّاءِ⁣(⁣٣) كما نَقله عنه صاحب المشرق عن أَبي عُبيدة⁣(⁣٤)


(١) وفي الصحاح: خرج الناس.

(٢) في اللسان: الموئبات إذا ما الرطئ.

(٣) عبارة الصحاح: قال الفراء: سمعت العرب تقول لصاحب اللؤلؤ: لأّلٌ مثل لعّال، والقياس لأّء مثل لعاع. (انظر قول أبي عبيد في اللسان).

(٤) اللسان: أبي عبيد.