تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أمس]:

صفحة 185 - الجزء 8

  كَلمَةٌ رُوميَّةٌ إِلاَّ أَنهُم تصَرَّفُوا فيه بإِدْخَال الَّلام عليه مُفْرَداً ومُضَافاً إِليه. وهو بارِدٌ يَابسٌ في الثّانيَة، وقيل: في الثَّالثَة، نافعٌ للصَّفْرَاءِ جدًّا، ويَنْفَعُ الأَوْرَامَ الحَارَّةَ ضِمَاداً، ويُقَوِّي المَعدَةَ والكَبدَ، ويَقْطَعُ العَطَش، ويَمْنَعُ القَيْءَ، ويُقَوِّي القَلْبَ، ويَعْقِلُ، ويَنْفَعُ السَّحْجَ، ويَضُرُّ بأَصْحَاب الاعْتقَال.

  ويُصْلِحُه الجُلاّبُ، كذا في المنْهَاجِ. وفي «سُرُور النَّفْس» لابن قاضي بَعْلَبَكَّ أَنَّه يَمْنَعُ جميعَ العِلَل التي تكونُ من حَبْس الإِسْهال، ويُحَسِّنُ اللَّوْنَ، ويُسَكِّنُ الخَفَقانَ الحادِثَ عن الحَرَارة، وقد استعمله جماعةٌ من الفُضَلاءِ في المُفَرِّحات. والشَّيْخُ أَهملَه في الأَدْويَة القَلْبيَّة.

  [أمس]: أَمْس، مثلَّثَة الآخر: من ظُرُوف الزَّمَانِ مَبْنيَّةٌ على الكَسْر، إِلاّ أَن يَنكَّرَ أَو يُعَرَّفَ، ورُبَّمَا بُنيَ على الفَتْح، نَقَلَه الزَّجّاجيُّ في أَماليه. وقال ابنُ هشَام على «القَطْر»: إِنّ البنَاء على الفَتْح لُغَةٌ مَرْدُودةٌ، وأَمَّا البناءُ على الضَّمِّ فلم يَذْكُرْه أَحدٌ من النُّحاة. ففي قول المُصنِّف حكاية التَّثْليث نَظَرٌ حقَّقه شيخُنَا. وهو اليوْمُ الذي قَبْلَ يوْمكَ الذي أَنتَ فيه بلَيْلَة. قال ابن السِّكِّيت: تقُول: ما رأَيْتُه مُذْ أَمْسِ، فإِنْ لم تَرَه [يوماً قَبْلَ ذلك قُلْتَ: ما رَأَيْتُه مُذْ أَوَّلَ مِن أَمْسِ، فإِن لم تَرَه يَوْمَيْن⁣(⁣١)] قبلَ ذلك قلْتَ: ما رأَيتُه مُذْ أَوَّلَ مِنْ أَوَّلَ منْ أَمْس، وقال ابنُ بُرُزْجَ: ويُقَال: ما رأَيْته قبلَ أَمْسِ بيوم، يُريدُ: مِنْ أَوَّلَ منْ أَمْس، وما رأَيتُه قبلَ البارحَةِ بلَيْلَةٍ.

  يُبْنَى مَعْرِفَةً، ويُعْرَبُ مَعْرفَةً، فإِذا دَخَلَهَا ال تُعْرَبُ⁣(⁣٢).

  وفي الصّحاح: أَمْس اسمٌ حُرِّكَ آخِرُه لالتقاءِ السَّاكنَيْن، واخْتَلَفَت العربُ فيه، فأَكْثرُهُم يَبْنِيه على الكَسْر مَعْرِفةً، ومنهم من يُعْرِبُه مَعْرفَةً، وكلُّهُم يُعْربُه إِذا دَخَلَ عليه الأَلفُ والّلامُ أَو صَيَّرَه نَكِرَةً أَو أَضافَه.

  قال ابنُ بَرِّيِّ: اعْلَمْ أَنَّ أَمْس مَبْنيَّةٌ على الكَسْر عند أَهل الحجَاز، وبَنُو تَميمٍ يُوَافقُونَهُم في بنائها على الكَسْر في حال النَّصْب والجَرِّ، فإِذا جاءَتْ أَمْس في مَوْضع رَفْع أَعْرَبُوهَا فقالُوا: ذَهَبَ أَمْسُ بما فيه، وأَهل الحجاز يقولون: ذَهَبَ أَمْسِ بما فيه؛ لأَنَّهَا مَبْنيَّةٌ؛ لتَضَمُّنهَا لامَ التَّعْريف، والكسرةُ فيها لالتقاءِ السّاكنَيْن، وأَمّا بَنُو تَميمٍ فيَجْعَلُونَهَا في الرَّفْع مَعْدُولَةً عن الأَلف والّلام؛ فلا تُصْرَفُ للتَّعْريف والعَدْل، كما لا تَصْرِفُ سَحَراً إِذا أَرَدْتَ به وَقْتاً بعَيْنه؛ للتَّعْريف والعَدْل، قال: واعْلَمْ أَنكَ، إِذا نَكَّرَت أَمْس أَو عَرَّفْتَهَا بالأَلف والّلام أَو أَضَفْتَهَا أَعْرَبْتَهَا، فتقول في التَّنْكير: كلُّ غَدٍ صائرٌ أَمْساً، وتقولُ في الإِضافَة ومع لام التَّعْريف: كان أَمْسُنا طَيِّباً، وكان الأَمْسُ طَيِّباً. قال: وكذلك لو جَمَعْتَه لأَعْرَبْتَه.

  وسُمِعَ بعضُ العربِ يقولُ: رأَيتُه أَمْسٍ، مُنَوَّناً؛ لأَنّه لما بُنِيَ على الكَسْر شُبِّه بالأَصْوات، نحو «غاق» فنُوِّنَ وهي لُغَةٌ شاذَّةٌ.

  ج آمُسٌ، بالمَدِّ وضَمِّ الميم، وأُمُوسٌ، بالضَّمِّ، وآمَاسٌ كأَصْحَابٍ، وشاهدُ الثاني قولُ الشاعر:

  مَرَّتْ بنا أَوَّلَ مِنْ أُمُوسِ ... تَمِيسُ فينا مِشْيَةَ العَرُوسِ

  قال الزَّجّاج: إِذا جَمَعْتَ أَمْس على أَدْنَى العَدَدِ قلتَ: ثلاثةُ آمُسٍ، مثلُ فَلْسٍ وأَفْلُسٍ، وثلاثةُ آمَاسٍ، مثلُ فَرْخ وأَفْرَاخٍ، فإِذا كَثُرَتْ فهي الأُمُوسُ، مثلُ فَلْسٍ وفُلُوسٍ.

  * ومما يُسْتَدْرَك عليه:

  آمَسَ الرجُلُ: خَالَفَ.

  قال أَبو سَعيدٍ: والنِّسْبَةُ إِلى أَمْس إِمْسيٌّ - بالكَسْر - على غير قيَاسٍ، وهو الأَفْصَحُ، قال العَجَّاجُ:

  وجَفَّ عنه العَرَقُ الإِمْسيُّ

  ورُوِيَ جَوَازُ الفَتْح عن الفَرّاءِ، كما نَقَلَه الصّاغَانيُّ.

  والمَأْمُوسَةُ: النّارُ، في قول ابن الأَحْمَر⁣(⁣٣) الباهليِّ، ولم يُسْمَع إِلاّ في شعْره، وهي الأَنيسَةُ⁣(⁣٤) والمَأْنُوسَةُ، كما سيأْتي.

  وأَمَاسِيَةُ، بفَتْح الهمزة وتَخْفيف الميم: كُورَةٌ وَاسعَةٌ ببلادِ الرُّوم، منها: العِزُّ محمّدُ بنُ عُثْمَانَ بن صالح رسول


(١) زيادة عن التهذيب، والنقل عنه.

(٢) في القاموس: فمُعْرَبٌ.

(٣) يريد قوله:

كما تطاير عن مأنوسة الشرر

انظر ما سيأتي في «أنس» وانظر اللسان أيضاً «أنس».

(٤) بالأصل «الأنسية» وما أثبت عن اللسان «أنس».