تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذرر]:

صفحة 435 - الجزء 6

  قال: وإِذا جَفَّ الإِذْخِرُ ابْيَضَّ.

  ومن الغَرِيب ما في مَشَارِق القَاضِي عِيَاض أَنّ الإِذْخِر هَمْزَتُهَا أَصْليّة، وأَن وَزْنه فِعْلِلٌ، وليس بثَبتٍ وإن وافقه تِلْمِيذه في المطالع، قاله شَيخُنا.

  وذَخِرٌ، ككَتِفٍ: جَبَلٌ باليَمَنِ ومن المَجَاز قولهم: مَلأَت الدَّابَّةُ مَذَاخِرَهَا. المَذاخِرُ: الأَجْوافُ والأَمْعَاءُ والعُرُوقُ.

  وقال الأَصمَعِيّ: المَذَاخِرُ: أَسافِلُ البطْنِ. يقال: فُلانٌ ملأَ مَذَاخِرَه، إِذا مَلأَ أَسَافِلَ بَطْنِه. ويقال للدَّابّة إِذا شَبِعَتْ:

  قد مَلأَتْ مَذَاخِرَهَا: وهو مَجَازٌ. قال الرَّاعِي:

  حَتَّى إِذا قَتَلَتْ أَدْنَى الغَلِيلِ ولمْ ... تَمْلأْ مَذَاخِرَهَا للرِّيِّ والصَّدَرِ⁣(⁣١)

  وقال أَيضاً:

  فلمَّا سقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَت ... مَذاخِرُهَا وازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُها⁣(⁣٢)

  ويُروَى: خَوَاصِرُهَا.

  وقرأْتُ في كتاب الحَمَاسَة لأَبي تَمَّام: تَمَلَّأَتْ، بدل تَمَذَّحَتْ. ومَذَاكِرُها، بدل مَذاخِرُها. وارفضَّ بدل ازدادَ.

  وهي قصيدة طويلة يُخَاطِب⁣(⁣٣) بها ابنَ عَمِّه خنزرَ بن أَرْقَمَ.

  وفي الأَساس: مذَاخِرُ الدَّابَّة: المَواضِع التي تَدَّخِر فيها العَلَفَ والمَاءَ من جَوْفِهَا. وتَمَلَّأَتْ مَذَاخِرُه: شَبِعَ. وهو مَجاز.

  * ومما يُسْتَدْرَك عليه:

  ذَخَرَ لنَفْسِه حَدِيثاً حَسَناً: أَبقاه، وهو مَجاز.

  والمِذْخَر، كمِنْبر: العَفِجُ.

  وفُلَانٌ ما يَذَّخِر نُصْحاً. وجعلَ مالَه ذُخْراً عند الله وذَخِيرةً، وأَعمالُ المؤمِن ذَخَائِر.

  ومَلأَ لنا⁣(⁣٤) في مَذاخِره عَدَاوَةً. وكلّ ذلك مَجاز، كما في الأَساسِ وغَيْره.

  وذخير بن شجنان: بطْن من الصَّدِفِ.

  وبَحِير بنُ ذَاخِرِ بن عامِر المَعَافِريّ، رَوَى عنه ابنُه عليّ، وابن أَخِيه بَحِيرُ بنُ يَزِيد بن ذاخِر، حَدَّث بمصر.

  وذاخِرُ بنُ بَهْشَم الأَصْبحيّ، شَهِد فتحَ مصر، وابنه الحارث بن ذاخِرٍ وَلِيَ شُرْطَة مِصْرَ لعَبْد العَزِيز بن مَرْوَانَ.

  ومُذَيْخِرَةُ، بالضَّمّ: قَرْيَة باليَمَن من أَعمال الحَدّين، وبها تُوفِّيَ الأَمِيرُ ضِياءُ الإِسلام إِسماعيلُ بنُ مُحَمَّد بن الحَسَن بنِ المَنْصُور بالله القاسِم الحَسَنيّ، غُرّة اليمن.

  [ذرر]: الذَّرُّ: صِغَارُ النَّمْلِ. وقال ثَعْلَب: إِنّ مائَةً منها زِنَةُ حَبّة من شَعِيرٍ، فكَأَنَّهَا جُزْءٌ من مائَةٍ.

  قال شَيْخُنَا: ورأَيْت في فَتَاوى ابن حَجَر المَكِّيّ نقلاً عن النّيسابُورِيّ: سَبْعُون ذَرَّةً تَزِنُ جَناحَ بَعُوضة، وسَبْعُون جَناحَ بَعُوضة تَزِن حَبَّةً. انتهى. وقيل: الذَّرَّة ليس لها وَزْنٌ، ويُراد بها ما يُرَى في شُعاع الشَّمْس الدَّاخلِ في النَّافذة. ومنه سُمِّيَ الرجلُ وكُنيَ. وفي حديث جُبَيْر بنِ مُطْعِم: «رأَيْتُ يَومَ حُنَيْن شيئاً أَسودَ يَنْزِل من السماءِ، فوقَعَ على⁣(⁣٥) الأَرض، فدَبَّ مِثْلَ الذِّرِّ، وهَزَم الله المُشْركين» قالوا: الذَّرُّ: النَّمْلُ الأَحْمَرُ الصَّغِير، الواحِدَةُ: ذَرَّةٌ قلْت: فِيه مُخَالَفةٌ لاصْطِلاحه، وسُبْحَان من لا يَسْهُو، وقد تقدمت الإِشارَة إِليه مِراراً.

  والذَّرُّ: تَفرِيقُ الحَبِّ والْمِلْحَ وَنحوِهِ وتَبْدِيدُها، ذَرَّ الشيءَ يَذُرُّه ذَرًّا: أَخذَه بأَطْرَاف أَصابِعه ثم نَثَره على الشيْءِ، وذَرَّه يَذُرُّه، إِذا بَدَّدَه. وذُرَّ: بُدِّدَ.

  وفي الأَساس: ذَرَّ المِلْحَ على اللَّحْم والفُلْفُلَ على الثَّرِيد: فَرَّقهَ فيه⁣(⁣٦)، وذَرَّ الحَبَّ في الأَرض: بَذَرَه، انتهى.

  وفي حَدِيث عُمَر ¥: «ذُرِّي أَحرّ لكِ»، أَي ذُرِّي


(١) ديوانه ص ١٣٠ وانظر فيه تخريجه.

(٢) ديوانه ص ٩٣ وفيه: تمَّلَأت بدل تمذّحت، وانظر فيه تخريجه.

(٣) في الديوان ص ٩١: وقال يجيب خنزر بن أرقم، وهي قصيدة من عشرين بيتاً ومطلعها:

ماذا ذكرتم من قلوص عقرتها ... بسيفي وضيفان الشتاء شهودُها

(٤) في الأساس: وجمعت لنا في مذاخرك عداوة.

(٥) النهاية واللسان: إلى.

(٦) قوله: «فرقه فيه» لم ترد في الأساس. والعبارة في الصحاح.