تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

القاموس المحيط:

صفحة 21 - الجزء 1

  الأحاديث الشريفة، فلغة العرب لم تستقم إلا بلغة أفصحها النبي محمّد (ص) خاصة فيما يتعلق بالقراءات.

  وفي تعليلاته ركز على الأصيل والدخيل في اللغة، وفي السياق لم يترك ظاهر التضاد في اللفظ الواحد، وهل يراد به معنى واحدا أو معنيين، بل رأى أن السياق هو الذي يحدد المعنى.

  ومر على الترادف والمترادفات فحذفها لأنه اعتبر أن الترادف ليس دقيقا، وأن الترادف غير حقيقي، منطلقا أن بين كل كلمة وكلمة أخرى لابد من اختلاف مهما كان ضئيلا أو ضيقا.

  توخى ابن منظور في جهده أمرين: التقصي والترتيب فبلغ في عمله مرتبة عليا، فكان معجمه مجموعة من المعجمات: معجم للمفردات، ومعجم للمعاني، وآخر للأحاديث والروايات وغيرها. فاستحق بصدق الصفة الموسوعية حيث جاء شاملا تناول فيه فروع المعرفة بجهد فردي قد اقترب فيه من الموسوعات الحديثة ذات الجهد الجماعي.

القاموس المحيط:

  مؤلفه مجد الدين، محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزابادي، وبعضهم سماه: «القاموس المحيط والقابوس الوسيط فيما ذهب من كلام العرب شماطيط».

  ولد الفيروزابادي ببلدة كارزين بفارس من أعمال شيراز سنة ٧٢٩ هـ ونشأ بها، وقد حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، اعتنى به أبوه فأقرأه اللغة والأدب ثم أخذ به إلى مشاهير علماء شيراز. دفعه نهمه في العلم إلى ترك وطنه، فرحل إلى العراق ثم الشام وسافر إلى بلاد الروم والهند واليمن وذهب إلى مكة مرارا وحاور بها وأقام بالمدينة وبالطائف، وتلقى فيها العلم على أعظم العلماء في زمانه. وكان المجد موضع التجلة والتبجيل من الناس فما دخل بلدا إلّا أكرمه أهله، بل بالغ الملوك والحكام في تعظيمه⁣(⁣١).

  ويقول الخزرجي بأنه كان شيخ عصره في الحديث والنحو واللغة والتاريخ والفقه⁣(⁣٢).

  وقال الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي، جاب البلاد وسار إلى الجبال والوهاد، ورحل وأطال النجعة واجتمع بمشايخ كثيرة عزيزة، وعظم بالبلاد⁣(⁣٣).


(١) مقدمة الصحاح أحمد عطار ص ١٧١.

(٢) العقود اللؤلئية ٢/ ٢٨٦.

(٣) الضوء اللامع ١٠/ ٨٣.