تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سير]:

صفحة 559 - الجزء 6

  وبَرْقٌ ساهِرٌ، وقد سَهِرَ البَرْقُ، إِذا باتَ يَلْمَعُ، وهو مَجاز.

  [سير]: السَّيْرُ: الذَّهَابُ نَهاراً ولَيْلاً، وأَما السُّرَى فلا يكونُ إِلا لَيْلاً، كالمَسِيرِ، يقال: سارَ القَومُ يَسِيرُونَ سَيْراً ومَسِيراً، إِذا امتَدّ بهم السَّيْرُ في جَهَة توَجَّهُوا لها، ويقال: بارَكَ الله في مَسِيرَك، أَي سَيْرِك. قال الجوهرِيُّ: وهو شاذٌ؛ لإِن قِياسَ المصدرِ من فَعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ، بالفتح، والتَّسْيارِ، بالفتح، يُذْهَبُ به إِلى الكَثْرَةِ، وهو تَفْعَالٌ من السَّيْرِ قال:

  فأَلْقَتْ عَصَا التَّسْيارِ منها وخَيَّمَتْ ... بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ بِيضٌ مَحَافِرُهْ

  والمَسِيرَةِ، بزيادة الهاءِ، كالمَعِيشَةِ من العيْشِ، ويرادُ به أَيضاً: المَسَافَة التي يُسَارُ فيها من الأَرْضِ، كالمَنْزِلَةِ والمَتْهَمَة، وبه فُسِّرَ الحديث: «نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» والسَّيْرُورَةِ، الأَخِيرَة عن اللِّحْيَانيّ.

  وسارَ الرّجلُ يَسِيرُ بنفْسهِ وسارَهُ غَيْرُهُ سَيْراً وسِيرَةً ومَسَاراً ومَسِيراً، يَتَعَدّى ولا يَتَعَدَّى.

  وأَسَارَهُ، قال ابنُ بُزُرْج: سِرْتُ الدَّابَّةَ، إِذا رَكِبْتَها، وإِذا أَرَدْتَ المَرْعَى قلت: أَسَرْتُهَا إِلى الكَلإِ، وهو أَن يُرسِلُوا فيها الرُّعْيَانَ ويُقِيموا هم.

  وسَارَ بِهِ، أَي يَتَعَدَّى بالهَمْز وبالبَاءِ.

  وسَيَّرَه تَسْيِيراً، أَي يتعَدّى بالتضعيف.

  والاسْمُ من كُلّ ذلك: السِّيرَةُ، بالكَسْر.

  وطَرِيقٌ مَسُورٌ، ورَجُلٌ مَسُورٌ بِهِ، قال شيخنا: هذا غَلَطٌ ظَاهِرٌ في هذه المادة، والصواب مَسِيرٌ ومَسِيرٌ به، كما لا يَخْفَى عمّن له أَدْنَى مُسْكَة بالصَّرْف، انتهى.

  قلت: وهذا الذي خَطَّأَه هو بعينِه قولُ ابنِ جِنِّي، فإِنه حَكَى طَرِيقٌ مَسُورٌ فيه، ورجل مَسُورٌ به قالوا: وقِيَاسُ هذا ونَحْوِه عند الخَلِيل أَن يكون مِمّا يُحْذَفُ فيه الياءُ، والأَخْفَشُ يَعتقِد أَنّ المحذوفَ من هذا ونَحْوِه إِنما هو واو مَفْعُول لا عَيْنُه، وآنسَه بذلك: قد هُوبَ بهِ، وسُورَ بِه، وكُولَ به، ففي تَخْطِئَةِ شيخِنا للمصَنِّف على بادِرَةِ الأَمْرِ تحامُلٌ شديدٌ، كما لا يَخْفَى، وغايَةُ ما يقال فيه: إِنه جاءَ على خلاف القياسِ عند الخَلِيلِ.

  والسَّيْرَةُ، بالفَتْح: الضَّرْبُ من السَّيْرِ. وحكى: إِنّه لَحَسَنُ السِّيرَةِ⁣(⁣١).

  والسُّيَرَةُ، كهُمَزَةٍ: الكَثِيرُ السَّيْرِ، عن ابن جِنِّي.

  ومن المَجَاز: السِّيرَةُ، بالكَسْر: السُّنَّةُ، وقد سارَتْ وسِرْتُها، قال خالِدُ بنُ زُهَيْر، كذا عَزَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: هو لخِالدِ ابنِ أُخْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ⁣(⁣٢):

  فلَا تَغْضَبَنْ⁣(⁣٣) من سُنَّةٍ أَنتَ سِرْتَهَا ... فأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا

  يقول: أَنْتَ جَعَلْتَها سائِرَةً في النّاس.

  وقال أَبو عُبَيْد: سارَ الشَّيْءُ، وسِرْتُه، فعَمّ، وأَنشد قول خالد.

  والسِّيرَةُ: الطَّرِيقَةُ، يقال: سارَ الوالِي في رَعِيَّتِه سِيرَةً حَسَنَةً، وأَحْسَن السِّيَرَ، وهذا في سِيرة⁣(⁣٤) الأوّلِينَ.

  والسِّيرَةُ. الهَيْئَةُ وبه فُسِّر قولُه تعالَى {سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى}⁣(⁣٥).

  والسِّيرَةُ: المِيرَةُ.

  والسَّيْرُ، بالفَتْح: الذِي يُقَدُّ من الجِلْدِ طُولاً، وهو الشِّراكُ ج سُيُورٌ، بالضّم، يقال: شَدَّه بالسَّيْرِ، وبالسُّيُورِ، والاسْيَارِ، والسُّيُورَة.

  وإِليهِ أَي إِلى لفظِ الجَمْع نُسِبَ المُحَدِّثانِ: أَبو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بنِ إِبراهِيمَ النَّيْسابُورِيّ، عن محمّدِ بن الحُسَيْنِ القَطّان، وعنه الفَضْلُ بنُ العَبّاسِ الصّاغانِيّ. وأَبو طاهِرٍ عبدُ المَلِكِ بن أَحمد، عن عبد المَلِك بن بِشْرَان شيخٍ لابنِ الزاغونيّ، تُوُفِّي سنة ٤٨١ السُّيُورِيّانِ


(١) ضبطت عن اللسان.

(٢) كذا، وقد ورد عند المرزباني في معجم الشعراء ص ٣٧١ أن خالد بن زهير الهذلي هو ابن أخت أبي ذؤيب. ولعل ذلك فات ابن بري.

(٣) اللسان والصحاح: فلا تجزعنْ.

(٤) الأساس: سِيَرِ الأولين.

(٥) سورة طه الآية ٢٧.