تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صير]:

صفحة 116 - الجزء 7

  والصَّهْرُ، بالفَتْح: الحَارُّ، حكاه كُراع، وأَنشد:

  إِذْ لا تَزَالُ لَكُمْ مُغَرْغِرَة ... تَغْلي وأَعْلَى لَوْنِها صَهْرُ

  فعَلَى هذا يُقال: شَيْءٌ صَهْرٌ: حارٌّ.

  والصَّهْرُ، أَيضاً: الإِذَابَةُ، أَي إِذابَةُ الشَّحْمِ، كالاصْطهارِ، يقال: صَهَرَ الشَّحْمَ، كمَنَعَ، واصْطَهَرَه، إِذَا أَذَابَهُ.

  والصُّهرُ، بالضَّمّ، جَمْعُ صَهُورٍ، كصَبُورٍ، لشَاوِي اللَّحْمِ، ومُذِيبِ الشَّحْم، الأَوّل من الصَّهْرِ [و] هو الإِحْرَاقُ. يقال: صَهَرْتُه بالنار، أَي انْضَجْتُه.

  والصُّهَارَةُ، ككُنَاسَةٍ: ما أُذِيبَ من الشَّحْمِ ونَحْوِه، وقيل: كُلُّ قِطْعَة من الشَّحْمِ صَغُرَت أَو كَبُرَت صُهَارَةٌ.

  والصُّهَارَةُ: النِّقْي، يقال: ما بالبَعِيرِ صُهَارَةٌ، أَي نِقْيٌ، وهو المُخّ، وهو مَجَاز.

  واصْطَهَرَ فلانٌ: أَكَلَهَا، أَي الصُّهارَةَ، فالاصْطِهارُ يُسْتَعْمَل بمعنَى أَكْل الصُّهارَةِ، وبمعنَى إِذابَةِ الشَّحْمِ، قال العَجّاجِ:

  شَكّ السَّفَافِيدِ الشِّوَاءَ المُصْطَهَرُ

  وقال الأَصْمَعِيّ: يُقَال لما أُذِيبَ من الشَّحْم: الصُّهَارَةُ والجَمِيلُ.

  ومن المَجَاز: اصْطَهَرَ الحِرْبَاءُ، واصْهارَّ، كاحْمارّ: تَلأْلأَ ظَهْرُه من شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْس، وقد صَهَرَه الحَرُّ.

  والصِّهْرِيُّ، بالكسر: لغة في الصِّهْرِيج وهو كالحَوْضِ، قال الأَزْهَرِيّ⁣(⁣١): وذلك أَنّهم يَأْتُون أَسفَلَ الشِّعْبَة مِن الوادِي الذي له مَأْزِمَانِ، فيَبْنُون بَينهما بالطِّينِ والحِجَارَة، فيترَادُّ الماءُ، فيَشربون به زَماناً، قال: ويُقَال: تَصَهَرْجُوا صِهْرِيًّا.

  والصَّيْهُورُ: شِبْهُ مِنْبَرٍ يُعْمَل مِنْ طِين أَو خَشَب لمَتاع البَيْتِ يُوضَع عليهِ، من صُفْرٍ أَونَحْوِه⁣(⁣٢)، قال ابن سيده: ولَيس بثَبتٍ.

  والصَّاهُورُ: غِلَافُ القَمَر، أَعجميٌّ مُعَرّب. ومن المَجَاز: أَصْهَرَ الجَيْشُ للجَيْشِ، إِذا دَنَا بَعْضُهُم⁣(⁣٣) من بَعْضٍ نقله الصّاغانيّ والزَّمَخْشَرِيّ.

  * ومما يستدرك عليه:

  الصَّهْرُ: المَشْوِيّ.

  وقال أَبو زيد: صَهَرَ خُبْزَه، إِذا أَدَمَهُ بالصُّهَارَةِ، فهو خُبْزٌ صَهِيرٌ ومَصْهُورٌ.

  ويقال: صَهَرَ بَدَنَه، إِذا دَهَنَه بالصَّهِيرِ.

  ومن المَجَاز: قولُهم: لأَصْهَرَنَّك بيَمِين مُرَّة، كأَنَّه يريد الإِذَابَةَ، قال أَبو عُبَيْدَة: صَهَرْتُ فُلاناً بيمينٍ كاذِبَة تُوجِبُ النّارَ، وقال الزمخشريّ: وصَهَرَه باليمينِ صَهْراً: استَحْلَفَه على يَمِين شَدِيدَة، وهو مَصْهُورٌ باليمِينِ.

  والصَّهْرُ في حديثِ أَهلِ النّارِ: أَن يُسْلَتَ ما في جَوْفِه حتَّى يَمْرُقَ من قدَمَيْه.

  وصَهَرَه وأَصْهَرَهُ، إِذا قَرَّبَه وأَدْناهُ. ومنه الحديث: «أَنه كان يُؤَسِّسُ مَسْجِدَ قُبَاءٍ فيَصْهَرُ الحَجَرَ العَظِيمَ إِلى بَطْنِه» أَي يُدْنِيهِ إِليه.

  [صير]: صارَ الأَمْرُ إِلى كذا يَصِير صَيْراً ومَصِيراً وصَيْرُورَةً.

  وقال الأَزهريّ: صَارَ على ضَرْبَيْن: بُلُوغٌ في الحالِ، وبُلُوغٌ في المَكَانِ، كقَوْلِكَ: صَارَ زَيْدٌ إِلى عَمْرٍو، وصَارَ زيدٌ رَجُلاً، فإِذا كانَتْ في الحالِ فهي مثْلُ كان في بابِه.

  وصَيَّرَه إِلَيْهِ، وأَصَارَهُ، وفي كلام عُمَيْلَةَ الفَزَارِيّ لعَمِّه، وهو ابنُ عَنْقَاءَ الفَزارِيّ: ما الذي أَصارَكَ إِلى ما أَرَى يا عَمّ؟ قال: بُخْلُكَ بمَالِكَ، وبُخْلُ غَيْرِك من أَمْثَالِك، وصَوْنِي أَنا وَجْهِي عن مثْلِهِمْ وتسآلك: ثم كان من إِفْضَالِ عُمَيْلَةَ على عَمّه ما قد ذَكَرَه أَبو تَمَام في الحماسة⁣(⁣٤).


(١) كذا، والقول الآتي هو من كلام النضر، نقله الأزهري في التهذيب.

(٢) في التهذيب: من صفر أو شَبَهٍ أو نحوه.

(٣) نص الأساس: أصهر الجيش للجيش إذا دنا له.

(٤) وردت في شرح ديوان الحماسة للتبريزي في باب الأضياف والمديح ٤/ ٦٨ أبيات لابن عنقاء الفزاري مطلعها:

رآني على ما بي عُميلة فاشتكى ... إلى ماله حالي أسرَّ كما جهر

ومما قاله:

ولما رأى المجد استعيرت ثيابه ... تردى رداء واسع الذيل وائتزر