تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بور]:

صفحة 116 - الجزء 6

  [بور]: البَوْرُ، بالفتح: الأَرضُ قبلَ أَن تُصْلَحَ للزَّرْعِ، وهو مَجازٌ، وعن أَبي عُبَيْد: هي الأَرضُ التي لم تُزْرَعْ، وقال أَبو حنيفةَ: البَوْرُ: الأَرضُ كلُّها قبل أَن تُستَخْرَجَ حتى تُصْلَحَ للزَّرْع أَو الغَرْس، وفي كتاب النبيِّ لِأُكَيْدِرِ دُومَةَ: «ولكُم البَوْرُ والمَعَامِي وأَعفالُ الأَرضِ»⁣(⁣١). قال ابن الأَثِير: وهو بالفتح مَصدرٌ وُصِفَ به، ويُرْوَى بالضَّمِّ، وهو جمعُ البَوَارِ، وهي الأَرضُ الخَرَابِ التي لم تُزْرَعْ.

  أَو هي التي تُجَمُّ سَنةً لتُزْرَعَ مِن قابلٍ.

  والبَوْرُ: الاختبارُ والامتحانُ. كالابْتِيارِ. وبَارَه بَوْراً وابْتارَه، كلاهما: اخْتَبَره.

  ويقال للرجل إِذا قَذَفَ امرأَةً بنفسِه أَنّه فَجَرَ بها: فإِن كان كاذباً فقد ابْتَهَرَها، وإِن كان صادقاً فهو الابْتِيارُ، بغير همزةٍ، افتعالٌ مِن: بُرْتُ الشيءَ أَبْورُهُ: اختبرتُه، وقال الكُمَيت:

  قَبِيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفَتا ... ةِ إِمَّا ابْتِهاراً وإِمّا ابْتِيارا

  يقولُ: إِمّا بُهْتَاناً وإِما اختباراً بالصِّدْق، لاستخراجِ ما عندَهَا.

  والبَوْرُ: الهَلاكُ، بارَ بَوْراً.

  وأَبَارَه الله تعالَى: أَهْلَكَه، وفي حديث أَسماءَ: «في ثَقِيفٍ كَذّابٌ ومُبِيرٌ»، أَي مُهلِكٌ يُسرِفُ في إِهلاك الناسِ، وفي حديث عليٍّ: «لو عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه»، وقد ذُكِرَ في أَبر.

  وبنو فلانٍ بادُوا وبارُوا.

  ومن المجاز: البَوْرُ: كَسَادُ السُّوقِ، كالبَوارِ، فيهما، قد بارَ بَوْراً وبَوَاراً.

  والبَوْرُ: جمعُ بائِرٍ، كصاحبٍ وصَحْبٍ، أَو كنائِمٍ ونَوْمٍ، وصائِمٍ وصَوْمٍ، فهو على هذا اسمٌ للجَمْع.

  والبُورُ بالضَّمِّ: الرِّجلُ الفاسِدُ والهالِكُ، الذي لا خَيْرَ فيه، كذا في الصّحاح، وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى: {وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً}⁣(⁣٢): البُور مصدرٌ⁣(⁣٣) يَسْتَوِي فيه الاثنانِ والجمعُ والمؤنَّثُ. وقال أَبو عُبَيْدَةَ: رجلٌ بُورٌ، ورَجلانِ بُورٌ، وقَومٌ بُورٌ، وكذلك الأُنْثَى، ومعناه هالِكٌ.

  قال شيخُنَا: وأَنشدَنَا الإِمامُ ابنُ المسناويِّ، ¥، لبعضِ الصَّحابة، وإِخالُه عبدَ الله بنَ رَوَاحَةَ:

  يا رَسُولَ المَلِيكِ إِنّ لسانِي ... راتِقٌ ما فَتَقْتُ إِذْ أَنا بُورُ

  ونَسَبَه الجوهريُّ لعبدِ الله بنِ الزِّبَعْرَي السَّهْمِيّ، وقد يكونُ بُورٌ هنا جمعَ بائِرٍ، مثل حُولٍ وحائِلٍ، وحَكَى الأَخفشُ عن بعضهم أَنه لغةٌ، وليس بجمع لبائرٍ، كما يُقَال: أَنتَ بَشَرٌ، وأَنتم بَشَرٌ.

  والبُورُ: ما بارَ مِن الأَرضِ وفَسَدَ فلم يُعْمَرْ بالزَّرْعِ والغَرْسِ، كالبائِرِ والبائِرَةِ، وقال الزَّجّاج: البائِرُ في اللغة: الفاسِدُ الذي لا خيرَ فيه، قال: وكذلك أَرضٌ بائِرةٌ: متروكةٌ مِن أَن يُزْرَعَ فيها.

  ونَزَلَتْ بَوارِ على النّاسِ، كقَطامِ اسمُ الهَلَاكِ قال أَبو مُكْعِتٍ الأَسَدِيُّ:

  قُتِلَتْ فكان تَبَاغِياً وتَظَالُماً ... إِن التَّظالُمَ في الصَّدِيقِ بَوَارُ⁣(⁣٤)

  وفَحْلٌ مِبْوَرٌ، كمِنْبَرٍ: عارِفٌ بالنّاقَةِ بِحَالَيْهَا: أَنَّهَا لاقِحٌ أَم حائِلٌ. وقد بارَهَا، إِذا اخْتَبَرَهَا.

  والبُورِيُّ والبُورِيَّةُ والبُورِيَاءُ والبَارِيُّ والبَارَياءُ والبارِيَّةُ، كلُّ ذلك الحَصِيرُ المَنْسُوجُ، وفي الصّحاح: التي من القَصَبِ.

  وإِلى بَيْعِهِ يُنْسَبُ أَبو عليٍّ الحَسَنُ بنُ الرَّبيعِ بنِ سُليمانَ البَوّارِيُّ⁣(⁣٥)، البَجَلِيُّ الكُوفِيُّ، شيخُ البُخَارِيِّ ومُسلِمٍ، وقال عبد الغنيِّ بنُ سعيدٍ: روَى عنه أَبو زُرْعَهَ وأَبو حاتمٍ، وقال ابن سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سنَةَ ٢٢١⁣(⁣٦).


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «وأعفال، لعل الأولى وأغفال، كما في اللسان» وفي التهذيب مثله. والمعامي: المجهولة، والأغفال نحوها.

(٢) سورة الفتح الآية ١٢.

(٣) وفي الصحاح: بُوراً جمع بائر مثل حائلٍ وحُولٍ وحكى الأَخفش عن بعضهم أنه لغة وليس بجمعٍ لبائر.

(٤) ضبطت بوارُ بالرفع عن اللسان.

(٥) في اللباب «البوراني» ويقال بالعراق «البورائي» قال: هذه النسبة إلى عمل البواري. وفيه أيضاً البوراي نسبة إلى عمل البواري أيضاً.

(٦) اللباب: سنة عشرين ومائتين.