[أنبجن]:
  تَئِنُّ حِينَ تَجْذِبُ المَخُطوما ... أَنِين عَبْرَى أَسْلَمتْ حَمِيما(١)
  وأَتَاهُ على مَئِنَّةِ ذاكَ: أَي حينِه ورُبَّانِه.
  وقالَ أَبو عَمْرٍو: الأَنَّةُ والمَئِنَّةُ والعَدْقَةُ والشَّوْزَبُ واحِدٌ.
  ويقالُ: وما أَنَّ(٢) في الفُراتِ قَطْرةٌ، أَي ما كانَ، وقد يُنْصَب ولا أفْعَلَه ما أَنَّ في السَّماءِ نَجْماً. قالَ اللَّحْيانيُّ: أَي ما كانَ وإنَّما فَسَّرَه على المَعْنَى.
  وكأَنَّ: حَرْفُ تَشْبيهٍ إنَّما هو أَنَّ دَخَلَتْ عليها الكافُ، والعَرَبُ تَنْصبُ به الاسْمَ وتَرْفَعُ به الخَبَرَ.
  وقالَ الكِسائيُّ: قد يكونُ بمعْنَى الجَحْدِ كقَوْلِكَ: كأَنَّكَ أَميرُنا فتأْمُرُنا، معْناه لسْتَ أَمِيرنا.
  ويأْتي بمعْنَى التَّمنِّي كقَوْلِكَ: كأَنَّني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معْنَاه لَيْتَني قد قُلْتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه.
  وبمعْنَى العِلْم والظَّنِّ كقَوْلِكَ: كأَنَّ اللهَ يَفْعَل ما يَشاءُ؛ وكأَنَّك خارِجُ.
  وقالَ أَبو سَعيدٍ: سَمِعْتُ العَرَبَ تُنْشِدُ هذا البَيْت:
  ويَوْمَ تُوافِينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ ... كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُوا إلى ناضِرِ السَّلَمْ(٣)
  وكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ، فمَنْ نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فخفَّفَ وأَعْمَل، ومَنْ خَفَضَ أَرادَ كظَبْيَةٍ، ومَنْ رَفَعَ أرادَ كأَنَّها ظَبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مع إضْمارِ الكِنايَةِ. ورَوَى الجرارُ عن ابنِ الأَعْرابيِّ أَنَّه أَنْشَدَ:
  كأَمَّا يَحْتَطِبْنَ على قَتادٍ ... ويَسْتَضْحِكْنَ عن حَبِّ الغَمامِ(٤)
  فقالَ: يُريدُ كأَنَّما فقالَ كأَمَّا.
  وإنَّني وإنِّي بمعْنًى، وكذلِكَ كأَنِّي وكأَنَّني لأنَّه كَثُر اسْتِعْمالُهم لهذه الحُرُوفِ، وهم قد يَسْتَثْقلون التَّضْعيفَ فحذَفُوا النونَ التي تلِي الياءَ. وتبدل هَمْزَةَ أَن مَفْتوحة عيناً فتقولُ: عَلِمْت عَنْك مُنْطَلِق.
  وحَكَى ابنُ جنِّي عن قطْرب أَنَّ طيِّئاً تقولُ: هِنْ فَعَلْتَ فعلْتُ، يُريدُونَ إنْ، فيُبْدِلون.
  قالَ سِيْبَوَيْه: وقوْلُهم: أَمَّا أَنْتَ مُنْطَلِقاً انْطَلَقْتُ مَعَك إنَّما هي أَنْ ضُمَّت إليها ما، وهي ما التَّوْكِيد، ولَزِمَت كَراهِيَة أَن يِجْحِفوا بها لتكونَ عِوضاً من ذَهابِ الفعْلِ كما كانتِ الهاءُ والألفُ عِوضاً في الزَّنادِقةِ واليَماني مِن الياءِ وبنُو تميمٍ يقولُونَ: عَنْ، تُريدُ عَنْعَنَتهم.
  وإذا أَضَفْت أن إلى جَمْعٍ أَو عَظيمٍ قلْتَ: إنّا وإنّنا؛ قالَ الشاعرُ:
  إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْننا ... فحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلتُ فَجارِ(٥)
  كانَ أَصْلَه إنَّنا فكَثرتِ النّونات فحُذِفَتْ إحْدَاها.
  وأَنَّى، كحَتَّى: قرْيَةٌ بواسط، منها: أَبو الحَسَنِ عليُّ ابنُ موسَى بنِ بابا، ذَكَرَه المَالِينيُّ، |.
  * وممَّا يُسْتدرك عليه:
  [أَنبجن]: أَنْبَجانُ، بفتحِ الأَلفِ وسكونِ النونِ وكسْرِ الباءِ وفتْحِها: اسمُ مَوْضِع، وإليه نُسِبَ الكساءُ، وهو مِنَ الصُّوفِ، له خَمَلٌ ولا علمَ له، وهو مِن أَدْوَنِ الثيابِ الغلِيظَةِ. ومنه الحدِيثُ: «ائْتُوني بأَنْبِجانِيَّةِ أَبي جَهْمٍ».
  وقيلَ: مَنْسوبٌ إلى مَنْبِج المَدينَة المَعْرُوفَة، أُبْدِلَتِ الميمُ هَمْزةٌ والأَوّل أَشْبه.
(١) اللسان.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وما أن الخ كذا في النسخ، والذي في اللسان بعد كلام في هذا المعنى، وحكى اللحياني ما أن ذلك الجبل مكانه وما أن حراء مكانه ولم يفسره، وقال في موضع آخر: وقالوا لا أفعله ما أن في السماء نجم، وما عنّ في السماء نجم أي ما عرض وما أن في الفرات قطرة أي ما كان في الفرات قطرة. قال: وقد ينصب ولا أفعله ما أن في السماء نجم».
(٣) اللسان ومغني اللبيب ونسبه بحواشيه إلى علباء أو باغت أو أرقم اليشكري.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان.