تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هذلب]

صفحة 489 - الجزء 2

  وقد كتبه بالحمرة على الحاشية:

  فللزَّجْرِ أُلْهُوبٌ وللسّارِق درَّةٌ

  وللسَّوْط منه كَأَنَّهُ رَدٌّ على الجوهريّ.

  وهَذَبَ القَوْمُ: كَثُرَ لَغَطُهُمْ وأَصواتُهم، نقله الصّاغانيُّ.

  وقال الأَزهريّ: يقالُ: أَهْذَبَت السَّحابَةُ ماءَهَا: إِذا أَسالَتْهُ بسُرْعَة، وأَنشدَ قولَ ذي الرُّمَّة:

  ديارٌ عَفَتْهَا بَعْدَنَا كُلُّ دِيمَةٍ ... دَرُورٍ وأُخْرَى تُهْذبُ الماءَ ساجرُ⁣(⁣١)

  ويُقَال إِبلٌ مَهَاذيبُ: أَي سِرَاعٌ في سَيرها، وقال رُؤْبَةُ:

  صَوَادقَ العَقْب مَهاذِيبَ الوَلَقْ

  ويقال: ما في مَوَدَّتِه هَذَبٌ: الهَذَبُ، مُحَرَّكَةً: الصَّفاءُ، والخُلُوصُ قال الكُمَيْتُ:

  مَعْدنُكَ الجَوْهَرُ المُهَذَّبُ ذُو الإِبْ ... ريز بَخٍّ ما فَوْقَ ذا هَذَبُ⁣(⁣٢)

  والهَيْذَبَى: الهَيْدَبَى، وهو ضَرْبٌ من مَشْيِ الخَيْلِ. اسمٌ من هَذَبَ، يَهْذِبُ: إِذا أَسرعَ في السَّيْر، وقد تقدمَ. هكذا أَورده الأَزهريُّ في التهْذيب بالذّال المعجمة، كما هو صَنيعُ الجوهريّ، واقتصر ابْنُ دُرَيْد في الجمهرة على ذكْرِهما في الدّالِ المُهْمَلَة، وذكرهما في الموضعين ابْنُ فارس في المُجْمَل، وابْنُ عَبّاد في المُحِيطِ، وإِيّاهُمَا تَبِعَ المصنِّفُ.

  وقال ابْنُ الأَنْبَارِيّ: الهَيْذَبَى: أَنْ يَعْدُوَ في شِقٍّ، وأَنشدَ:

  مَشَى الهَيْذَبَى في دَفِّهِ ثُمَّ فَرْفَرَا⁣(⁣٣)

  ورواهُ بعضُهم: مَشَى الهِرْبِذَى⁣(⁣٤) وهو بمنزلة الهَيْذَبَى.

  ومن المَجَاز: رَجُلٌ مُهَذَّبٌ: أَي مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ. وفي اللِّسان: المُهَذَّبُ من الرِّجال: المُخَلَّصُ النَّقيُّ من العُيوب. وقد تقدَّم بيانُ أَصل التَّهْذِيب. * ومما يُستدرَكُ عليه: التَّهْذِيبُ في القدْح: العَمَلُ الثانِي، والتَّشْذِيبُ: الأَوَّلُ، قاله أَبو حنيفةَ، وقد تقدَّمَتِ الإِشارة إِليه في ش ذ ب.

  وحَمِيمٌ هَذِبٌ: هو علَى النَّسَب، أَي: ذُو أَهْذَابٍ⁣(⁣٥)، وقد جاءَ في قول أَبي العِيال [ويحمله حميم أَريحيٌ صادقٌ هذبُ]⁣(⁣٦).

  وعن الفَرَّاءِ: المُهْذِبُ: السَّرِيعُ، وهو من أَسماءِ الشَّيْطَانِ، ويُقالُ له: المُذْهِبُ، أَي المُحَسِّن للمعاصي، وقد تقدّم في موضعه.

  وهَذَّبَ عنها: فَرَّقَ، قاله السُّكَّريّ وأَنشدَ لبعضِ الهُذَلِيِّينَ:

  فهَذَّبَ عَنْهَا ما يَلِي البَطْنَ وانْتَحَى ... طَرِيدةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ

  [هذرب]: الهذْرَبَةُ: أَهمله الجوهريُّ، وقال الصاغانيّ عن ابنِ دُرَيْد: هو كَثْرَةُ الكَلام في سُرْعَة، لغةٌ في الهَذْرَمَة، أُبدِلَت الميمُ باءً، أَو لُثْغَةٌ. وهذِهِ هُذَيْرِباهُ بالضَّمّ وفتح الثّاني وكسر الرّاءِ، كما تقول: وهذه هِجِّيراهُ: أَي: عادَتُه، عن الفراءِ.

  والهُذْرُبَانُ، كعُنْفُوان: الرَّجُلُ الخَفيفُ في كَلامه وخِدْمَتِهِ، والسَّرِيعُ فيهما. نقله الصّاغانيُّ.

  [هذلب] الهَذْلَبَةُ: أَهمله الجوهَرِيُّ، وقال ابْنُ دُرَيْد: هو الخفَّةُ والسُّرْعَةُ قال شيخُنا: صَرَّح غيرُ واحد، منهم ابْنُ دُرَيْد، بأَنَّهَا لُثْغَةٌ في هَذْرمَة، أَبدلوا الرّاءَ لاماً والمِيمَ مُوَحَّدَةً، ولذا أَغفلها الجوهريُّ كغيره من أَئمة اللُّغَة.

  [هرب] هَرَبَ، يَهْرُبُ، هَرَباً بالتَّحْريكِ من باب: نَصَرَ، كما تَدُلُ عليه قاعدةُ إِطلاقه، وهو الصَّحيح واغْتَرَّ بعضٌ بالمصدرِ المُحَرَّك، فقال: إِنّه من باب فَرِحَ، وآخرونَ إِنَّه من باب فَتَحَ، لوُجُود حرفِ الحَلْق، وجَهلَ أَنّ حرف الحَلْق إِذا كان في أَوّله، فإِنّه لا يُعْتَدُّ بِه؛ وآخرونَ أَنّه من باب ضَرَبَ، والصَّحيحُ الأَوَّلُ، وَمَهْرَباً، كطَلَبَ طَلَباً ومَطْلَباً، هو مصدرٌ مِيمِيٌّ، كمَقْعَد، وهَرَباناً بالتّحْرِيك،


(١) في الأصل: «مهذب الماء شاجر» وما أثبتناه عن التهذيب.

(٢) التهذيب. وبهامش المطبوعة المصرية: قوله ذو الابريز الخ كذا بخطه والذي في التكملة ذو الأنْضر وهو جمع نضير بمعنى الذهب ولفظ بخ مذكور في التكملة مرتين وبه يستقيم وزن الشطر الثاني من البيت.

(٣) مرّ في هدب وهو لامرئ القيس. وفي التهذيب هذب: قرقرا بقافين.

(٤) عن التهذيب، وبالأصل «الهوبذى».

(٥) اللسان: ذو هَذْبٍ.

(٦) زيادة عن اللسان.