تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بلكع]:

صفحة 31 - الجزء 11

  فَأَصْبَحَتْ دَارُهُمُ بَلاقِعَا

  وفي الحَدِيثِ: «فَأَصْبَحَت الأَرْضُ مِنِّي بَلاقِعَ». قالَ ابْنُ الأَثِيرِ: وَصَفَهَا بالجَمْعِ مُبَالَغَةً كقَوْلِهِم: أَرْضٌ سَبَاسِبُ، وثَوْبٌ أَخْلاقٌ. وقالَ غَيْرُهُ: جَمَعُوا لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ منها بَلْقَعاً. قال العَارِمُ يَصِفُ الذِّئْبَ:

  تَسَدَّى بِلَيْلٍ يَبْتَغِينِي وصِبْيَتِي ... لِيَأْكُلَنِي، والأَرْضُ قَفْرٌ بَلاقِعُ

  ويُقَالُ أَيْضاً: دِيَارٌ بَلْقَعٌ. قالَ جَرِيرٌ:

  حَيُّوا المَنَازِلَ واسْأَلُوا أَطْلالَها ... هَلْ يَرْجِعُ الخَبَرَ الدِّيَارُ البَلْقَعُ؟

  كأَنَّهُ وضَع الجَمْع مَوْضِعَ الوَاحِدِ، كما قُرِئَ «ثَلَاثَمِائَةِ سِنِينَ» والبَلْقَع والبَلْقَعَة: المَرْأَةُ الخالِيَةُ مِن كُلِّ خَيْرٍ، وهو مَجَازٌ. ومنه حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ ¥: «وشَرُّ نِسَائِكُم السَّلْفَعَةُ البَلْقَعَةُ»⁣(⁣١).

  وقد سَبَقَ الحَدِيثُ في «ق ى س».

  وِسَهْمٌ بَلْقَعِيُّ أَوْ سِنَانٌ بَلْقَعِيُّ، إِذا كَانَ، صَافِي النَّصْلِ، قال الطِّرِمَّاح:

  تَوَهَّنُ فيه المَضْرَحِيَّةُ بَعْدَمَا ... مَضَتْ فيه أُذْنَا بَلْقَعِيٍّ وعَامِلِ

  وِبَلْقَعَ البَلَدُ بَلْقَعَةً: أَقفَرَ.

  وِابْلَنْقَعَ الكَرْبُ: انْفَرَجَ. وابْلَنْقَعَ الصُّبْحُ: أَضَاءَ، قال رُؤْبَةُ:

  فَهْيَ تَشُقُّ الآلَ أَوْ يَبْلَنْقِعُ ... عَنْهَا، ولَوْ وَنَّوْا بِهَا تَتَعْتَعُوا

  وِقال ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ للطَّرِيقِ: صَلَنْقَعٌ بَلَنْقَعٌ. وقال ابنُ فارِسٍ: الَّلامُ في البَلْقَعِ زائدَةٌ، وهو من بابِ البَاءِ والقَافِ والعَيْن.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  ابْلَنْقَعَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ وخَرَجَ.

  [بلكع]: بَلْكَعَهُ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيّ وصاحِبُ اللّسان، وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: هو مِثْلُ بَرْكَعَهُ وكَعْبَرَهُ، إِذا قَطَعَهُ، نَقَلَه الصّاغَانِيّ.

  [بوع]: البَاعُ: قَدرُ مَدِّ اليَدَيْنِ ومَا بَيْنَهُمَا من البَدَنِ، كالبَوْعِ، ويُضَمُّ، الأَخِيرَةُ هُذَلِيَّة. قال أَبُو ذُؤَيْبٍ:

  فلَوْ كَانَ حَبْلاً مِنْ ثَمَانِينَ قَامَةً ... وِخَمْسِينَ بُوعاً نَالَهَا بالأَنَامِلِ⁣(⁣٢)

  هكَذَا في اللِّسَانِ، ويُرْوَى: «إِذا كانَ حَبْلٌ». والَّذِي في الدِّيوَانِ: «وتِسْعِينَ باعاً». وأَمَّا «بُوعاً» فإِنَّهُ رِوَايَةُ الأَخْفَشِ، قَالَ: يُرِيدُ باعاً.

  ج: أَبْوَاعٌ. وفي الحَدِيثِ: «إِذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ مِنِّي بَوْعاً أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» وهو مَثَلٌ لِقُرْبِ أَلْطَافِ الله ø من العَبْدِ، إِذا تَقَرَّبَ إِلَيْه بالإِخْلاصِ والطَّاعَةِ، ورُبَّمَا عُبِّر بالبَاعِ عن الشَّرَف والْكَرَم، قالَ العَجَّاجُ:

  إِذا الكِرَامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ ... تَقَضِّيَ البَازِي إِذا البَازِي كَسَرْ

  وقَالَ حُجْرُ بنُ خَالِدٍ في الكَرَم:

  نُدَهْدِق بَضْعَ اللَّحْمِ لِلبَاعِ والنَّدَى ... وِبَعْضُهُمُ تَغْلِي بِذَمٍّ مناقِعُه⁣(⁣٣)

  وقَالَ اللَّيْثُ: البَوْعُ والبَاعُ لُغَتَانِ، ولكِنَّهُمْ يُسَمُّونَ البَوْعَ في الخِلْقَةِ، فَأَمَّا بَسْطُ الباعِ في الكَرَمِ، ونَحْوِه فلا يَقُولُونَ إِلّا كَرِيمَ الباعِ، وأَنشد:

  لَهُ في المَجْدِ سابِقَةٌ⁣(⁣٤) وَبَاعُ

  وِالبَوْعُ: مَدُّ الباعِ بالشَّيْءِ. يُقَالُ: بَاعَ يَبُوعُ بَوْعاً: بَسَطَ بَاعَه. وبَاعَ الحَبْلَ يَبُوعُهُ بَوْعاً: مَدَّ يَدَيْهِ مَعَهُ حَتَّى صارَ بَاعاً.

  وِبُعْتُه، وقِيلَ: هو مَدُّكَهُ بَاعِكَ، كما تَقُولُ: شَبَرْتُهُ من الشِّبْرِ، والمَعْنَيَان مُتَقَاربَانِ. قال ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ أَرْضاً:

  وِمُسْتَامَةٍ تُسْتَامُ وهْيَ رَخِيصَةٌ ... تُبَاعُ بِسَاحَاتِ الأَيَادِي وتُمْسَحُ


(١) السلفعة: المرأة الجريئة البذيئة الفحاشة القليلة الحياء.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١٤٢ برواية:

فلو كان حبلٌ ... وسبعين باعاً

(٣) ويروي: مراجله.

(٤) عن المقاييس ١/ ٣١٨ «سابغة».