تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثبجر]:

صفحة 139 - الجزء 6

  للأَمِر عليهم، حتّى يجمَع لهم عندَ أَخْذِ الثَّأْرِ بين القَتْلِ وبينَ تَعْرِيفِ الجُرْمِ، وتَسْمِيَتُه وقَرْعُ أَسماعِهِم به؛ ليَصْدَعَ قلوبَهم، فيكون أَنْكَأَ فيهم، وأَشْفَى للنَّفْسِ⁣(⁣١).

  والثّائِرُ: مَنْ لا يُبْقِي على شيْءٍ حتى يُدْرِكَ ثَأْرَهُ.

  ومن المَجَاز: لا ثَأَرَتْ فلاناً، وفي الأَساس: على فلانٍ⁣(⁣٢)، يَداه، أَي لانَفَعَتاه، مُستَعارٌ مِن ثَأَرتُ حَمِيمِي: قَتلتُ به.

  ويقال: اثَّأَرْتُ من فلان، وأَصلُه اثْتَأَرْتُ، بتقديمِ المُثَلَّثَة على الفَوْقِيَّةِ، افتعلتُ مِن ثَأَرَ، أُدغِمَتْ في الثَّاءِ وشُدِّدَتْ، أَي أَدْرَكْتُ منه ثَأْرِي، وكذلك إِذا قَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّه، وقال لَبِيد:

  والنِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً ... بعدَ المَماتِ فإِنِّي كنتُ أَثَّئِرُ⁣(⁣٣)

  أَي كنتُ أَنحرُها للضِّيفان، فقد أَدركْتُ منها ثَأْرِي في حياتِي، مجازاةً؛ لتَقَضُّمِها عِظامِي النَّخِرَةَ بعد مَماتِي؛ وذلك أَن الإِبلَ إِذَا لم تَجِد حَمْضاً ارْتَمَّتْ عِظَامَ المَوْتَى، وعِظَامَ الإِبِلِ، تُحْمِضُ بها.

  والثَّأْرُ المُنيمُ: الذي إِذا أَصابَه الطّالِبُ رَضِيَ به، فنامَ بعدَه. كذا في الصّحاح، وقال غيرُه: هو الذي يكونُ كُفُؤاً لِدَمِ وَلِيِّك - ويقال: أَدْرَكَ فلانٌ ثَأْراً مُنِيماً، إِذا قَتَلَ نَبِيلاً فيه، وفاءً لِطِلْبَتِه، وكذلك أَصابَ الثَّأْرَ المُنِيمَ، وقال أَبو جُنْدب الهُذليّ:

  دَعَوْا مَوْلَى نُفاثَةَ ثُمَّ قالُوا: ... لَعَلَّكَ لسْتَ بالثَّأْرِ المُنِيمِ

  قال السُّكَّرِيُّ: أَي لستَ بالذي يُنِيمُ صاحبَه، أَيْ إِن قتلتُكَ لم أَنَمْ حتى أَقتلَ غيركَ، أَي لستَ بالكُفُؤِ فأُنَامَ بعدَ قَتْلِكَ. وقال الباهليُّ: المُنِيمُ: الذي إِذا أَدْركَه الرجلُ شَفاه، وأَقنعَه فنامَ.

  ويقال: ثَأَرْتُكَ بكذا، أَي أَدْرَكْتُ به ثَأْرِي منكَ.* وممّا يُستدرَك عليه:

  الثّائِرُ: الطّالِبُ.

  والثّائِرُ: المَطْلُوبُ. ويُجْمَعُ الأَثْآرَ، وقال الشاعر:

  طَعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِر ... لها نَفَذٌ لو لا الشُّعَاعُ أَضاءَها

  وعبارةُ الأَساس: ويقال للثّائِرِ أَيضاً: الثَّأْر، وكلُّ واحدٍ مِن طالب ومطلوب ثَأْرُ صاحِبِه⁣(⁣٤).

  والمَثْؤُورُ به: المَقْتُولُ.

  والثَّأْرُ أَيضاً: العَدُوُّ، وبه فُسِّرَ حديثُ عبدِ الرحمن يومَ الشُّورَى: «لا تُغْمِدُوا سُيُوفَكم عن أَعدائِكم، فتوتِرُوا ثَأْرَكُمْ»؛ أَراد أَنَّكُم تُمَكِّنُون عَدُوَّكم مِن أَخْذ وَتْرِه عندكم.

  يقال: وَتَرْتُه، إِذا أَصبتَه بِوَتْرِ، وأَوْتَرْتُه إِذا أَوْجَدْتَه وَتْرَه ومَكَّنْتَه منه.

  والمَوْتُور الثائِرُ: طالِبُ الثَّأْرِ، وهو طلبُ⁣(⁣٥) الدَّمِ، وقد جاءَ في حديث محمّدِ بنِ سَلَمَةَ⁣(⁣٦) يومَ خَيْبَر. وفي الأَمثال للمَيْدَانِيّ⁣(⁣٧): «لا ينامُ مِن ثَأْرِ كذا».

  وفي كامل المبرّد: «لا ينامُ مَنْ أَثْأَرَ»⁣(⁣٨).

  [ثبجر]: اثْبَجَرَّ الرجلُ: ارْتَدَعَ مِن فَزَعٍ، أَو عند الفَزَعِ.

  واثْبَجَرَّ: تَحَيَّر في أَمْرِه.

  واثْبَجَرَّ: نَفَرَ وَجَفَلَ، قال العَجّاج يصفُ الحِمَارَ والأَتانَ:

  إِذا اثْبَجَرَّا مِن سَوادٍ حَدَجَا⁣(⁣٩)

  أَي نَفَرَا وَجَفَلا، وهو الاثْبِجارُ.

  وعن أَبي زيد: اثْبَجَرَّ فلانٌ، إِذا ضَعُفَ عن الأَمْرِ، ولم يَصْرِمْه.


(١) عن النهاية، وبالأصل «للناس».

(٢) كذا، وعبارة الأساس كالقاموس: لا ثأرت فلاناً.

(٣) زيد في الأساس: وكل واحد منهما يقول: فلان ثأري، أحدهما كالصيد والثاني كالعدل.

(٤) البيت في الكامل للمبرد ١/ ١١٠ وصدره فيه: تقول لي ابنة البكري عمرٍو.

(٥) في النهاية: هو طالب الدم.

(٦) في النهاية: مسلمة.

(٧) وردت كلمة «للميداني» بعد كلمة «كذا» بالأصل وهو خطأ.

(٨) في الكامل للمبرد ١/ ١١٠ «لا ينام إلّا من أثَّأَر» وأَثَّأَر أدرك ثأره. وانظر روايته في المستقصى للزمخشري ٢/ ٢٧٦.

(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله حدجا الذي في اللسان: خدجا.