تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حلك]:

صفحة 545 - الجزء 13

  حتى رَقَّ عن ابنِ دُرَيْدٍ. والحَاكَّةُ السِنُّ يقالُ: ما بَقَيْت في فِيهِ حَاكَّةٌ أي سِنٌّ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. سُمِّيَتْ لأَنَّها تَحُكّ صاحبتها⁣(⁣١) أو تَحُكُّ ما تَأْكُلُه، صفَةٌ غالبَةٌ وتقدَّمَ في ت ك ك عن أَبي عَمْرٍو ابن العَلاء تَقُولُ العَرَبُ: ما فيه حاكَّةٌ ولا تاكَّةٌ الحاكَّةُ الضرسُ والتاكَّةُ الناب والاحَكُّ من الرِّجال مَنْ لا حاكَّةَ أَي لا سِنَّ في فمِهِ كأنّه على السَّلبِ.

  ومن المجازِ: التَّحَكُّكُ التَّحَرُّشُ والتَّعَرُّضُ. يقالُ إنَّه يَتَحَكَّكُ بِكَ أي يَتَعَرَّضُ لِشَرِّكَ ويَتَحَرَّشُ ولمجازِ أَيْضاً أنَّه حِكُّ شَرٍّ وحِكاكُهُ بكَسْرِهما أي يُحاكُّهُ كَثيراً وكذلِكَ: حِكُّ مالٍ وضِغْنٍ.

  والمُحاكَّةُ: كالمُبَارَاة وقَدْ تَقَدَّمَ. ومن المجازِ: حَكَّ في صَدْري وأحَكَّ واحْتَكَّ بمعنَى عَمِلَ وهو ما يَقَعُ في خَلَدِك من وساوِسِ الشَّيْطانِ والأَوَّل أَجْود، وحَكَاه ابنُ دُرَيْدٍ جحداً فقالَ: ما حَكَّ في صدْرِي، ولا يقالُ: ما أَحَاكَّ. وقالَ ابنُ سِيْدَه: وهي عَامِيَّةٌ.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  يقالُ هذا أَمْرٌ تَحَاكَّتْ فيه الرُّكَبُ واحْتَكَّتْ أي تَمَاشَتْ واصْطَكَّتْ يُرادُ به التَّسَاوِي في المَنْزِلَةِ أو التجَاثِي على الرُّكَبِ للتَّفَاخرِ وهو مجازٌ. وفي الحدِيثِ⁣(⁣٢): «إذا حَكَكْتُ قُرْحةً دَمَّيْتُها» أي إِذا أَصَمْتُ⁣(⁣٣) غايةً تَقَصَّيْتُها وبلغتُها وهو مجازٌ.

  ويقالُ: جاءَ فلانٌ بالحُكَيْكَاتِ وبالأَحَاجِي وبالأَلغازِ بمَعْنًى واحِدٍ، واحِدَتُها حُكَيْكَةٌ.

  قالَ الزَّمْخَشَرِيُّ: ويقُولُون: ما أَمْلَحَ هذه الحُكَيْكَة وهي الأَحجِيَةُ، ويقُولُون في المحاجاةِ: تَحْكِيَتُكَ وهو نَحْو تقضّي البَازِي أو من الحكَايةِ.

  وقالَ أَبُو عَمْرٍو: الحُكَاكُ بالضمِ أَصْلُ الصليان البالي وأَنْشَدَ:

  مسحل أن أنكحت خوداورهاه ... ذات حكاك ولدت بالدهداه

  تعارض الريح ورعيان الشاه

  كما في العُبَابِ. وفي حدِيثِ ابنِ عُمَرَ: «أَنَّه مَرَّ بغُلْمَانٍ يلْعَبُون بالحِكَّةِ فأَمَرَ بها فدُفِنَت»؛ هي لعبةٌ لهم يَأْخذُون عظماً فيَحُكُّونه حتى يَبْيَضَّ ثم يَرْمُونه بعيداً فمن أَخَذَه فهو الغالِبُ.

  والحُكَكَاتُ: بضمٍ ففتحٍ موضِعٌ بعَيْنِه مَعْروفٌ بالبادِيَةِ قالَ أبو النَّجْمِ:

  عَرَفْتُ رَسْماً لسُعاد مائِلا ... بحيثُ نامِي الحُكَكانِ عاقِلا⁣(⁣٤)

  وأَبُو بَكْرٍ الحكَّاك أَحَدُ صُوفيَّةِ اليَمَنِ وشعَرَائِهم على قِدَمِ ابنِ الفَارِضِ قَدِيمُ الوَفَاةِ.

  [حلك]: الحُلْكَةُ بالضم والحَلَكُ مُحرَّكةً شِدَّة السَّوادِ كلونِ الغُرابِ. وقَدْ حَلِكَ كفَرِحَ واحْلَوْلَكَ مِثْلُه فهو حالِكٌ ومُحْلَوْلِكٌ زَادَ ابنُ عَبَّادٍ: وحُلَكْلِكُ كقُذَعْمِلٍ وحُلْكُوكٌ كعُصْفورٍ وحَلَكوكٌ محرَّكةً مِثْلُ قَرَبوسٍ ولم يأْتِ في الأَلْوانِ فُعْلُول إلَّا هذا ومُحْلَنْكِكٌ ومُسْتَحْلِكٌ ومن الأخِيرِ حدِيثُ خُزَيْمَة وذكر السنةِ: «وتركَت القَرِيسَ⁣(⁣٥) مُسْتَحْلِكاً»، وهو الشديدُ السَّوادِ كالمُحْتَرِقِ من قَوْلِهم: أَسْود حالِكٌ.

  قُلْتُ: وكأنَّ السينَ للصَّيْرورَةِ.

  وحَلَكُ الغُرَابِ مُحرَّكةً حَنَكُهُ أو سَوادُهُ يقُولُونَ: هو أسْودُ⁣(⁣٦) من حَلَكِ الغُرَابِ قيلَ: نونُ حنَكَ بدلٌ من لامِ حَلَك وأنْكرَها بعضُهم وأثبتها الجَوْهَرِيُّ. قالَ يَعْقُوبُ: قالَ الفرَّاءُ: قُلْتُ لأَعْرَابيٍّ: أَتقُولُ كأَنَّه حَنَكُ الغُرابِ أو حَلَكَهُ؟ فقالَ: لا أَقولُ حَلَكَه أَبداً؟ وقالَ أَبُو زَيْدٍ: الحَلَكُ اللَّونُ والحَنَكُ المنْقارُ. وقالَ أَبو حاتِمٍ: قُلْتُ لأُمِّ الهَيْثمِ: كيفَ تقُولِين أَشَدُّ سَوَاداً ممَّاذا؟ فقالَت: من حَلَكِ الغُرَابِ، فقُلْتُ: أَتَقُولينها من حَنَكِ الغُرابِ؟ فقالتْ: لا أَقُولُها أَبداً.

  قُلْتُ: ففي كلامِ الفرَّاءِ وأَبي حاتِمٍ نوع تعارض يُتَنَبَّه لذلِكَ.


(١) عن اللسان وبالأصل «صاحتها».

(٢) في اللسان: وفي حديث عمرو بن العاص.

(٣) اللسان: «أمَّمَت».

(٤) التهذيب واللسان. وفي التهذيب: «ناحلا» بدل «ماثلا» و «ناصي» بدل «نامي» والأصل كاللسان.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: القريس، كذا بخطه والصواب الفريش بالفاء والشين كما ذكره في اللسان في مادة ف ر ش وكذا النهاية» ومثله في النهاية بالفاء والشين، أما الأصل فكاللسان.

(٦) اللسان: «أشد سواداً» ومثله في التهذيب والمقاييس.