تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شفف]:

صفحة 308 - الجزء 12

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  قَوْلُ عليٍّ رَضِيَ الله تعالَى عنه: «أَنْشَأَهُ في ظُلَمِ الْأَرْحامِ، وشُغُفِ الأَسْتَارِ» اسْتَعَارَ الشُّغُفَ، - جَمْعَ شَغَافِ القَلْبِ - لِمَوْضِعِ الوَلَدِ.

  وَقَوْلُ ابنُ عَبَّاسٍ ®: «ما هذه الفُتْيَا التي تَشَغَّفَتِ النَّاسَ» أي وَسْوَسَتْهُم، وفَرَّقَتْهم، كأَنَّهَا دَخَلَتْ شَغافَ قُلُوبِهم.

  وَشَغِفَ بالشَّيْءِ، كفَرِحَ: قَلِقَ.

  وَكعُنِيَ: أُولِعَ بِهِ.

  [شفف]: الشَّفُّ، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ: الثَّوبُ الرَّقِيقُ: ج شُفُوفٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو قَوْلُ أَبي زَيْدٍ، ومن أَبْيَاتِ الكِتَابِ:

  لَلُبْسُ عَباءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إلَيَّ مِن لُبْسِ الشُّفُوفِ

  وقال الكِسَائِيُّ: شَفَّ الثَّوْبُ، يَشِفُّ، بالكَسْرِ، شُفُوفاً، بالضَّمِّ: وشَفِيفاً، كَأَمِيرٍ: رَقَّ فَحَكَى مَا تَحْتَهُ، وَنصُّ الصِّحاحِ: حتى يُرَى ما خَلْفَهُ، وفي حديثِ عُمَرَ - رضي الله تَعَالَى عَنْهُ - «لا تُلْبِسُوا نِسَاءَكم الكَتَّانَ، أو القَبَاطِيَّ، فإِنَّه إِنْ لا يَشِفَّ فإِنَّه يَصِفُ» والمَعْنَى أنَّ القَبَاطِيَّ ثِيابٌ رِقَاقٌ، غيرُ صَفِيقَةِ⁣(⁣١) النَّسْجِ، فإِذَا لَبِسَتْهَا المَرْأَةُ لَصِقَتْ بأَرْدَافِهَا فوَصَفَتْهَا، فنَهَى عن لُبْسِهَا⁣(⁣٢)، وأَحَبُّ أَنْ يُكْسَيْنَ الثِّخانَ الغِلاظَ.

  والشَّفُّ، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ: الرِّبْحُ والْفَضْلُ، واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ علَى الكَسْرِ، وفي اللِّسَانِ: وهو المعروفُ، وفي الحديثِ: «نَهَى عن شَفِّ ما لم يُضْمَنْ»، أي: عن رِبْحِهِ.

  وقال ابنُ السِّكِّيتِ: الشَّفُّ أَيضا: النُّقْصَانُ، فهو ضِدٌّ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، يُقَال: هذا دِرْهَمٌ يَشِفُّ قليلاً، أي: يَنْقُصَ. وقد شَفَّ، يَشِفُّ، شَفًّا: زَادَ، ونَقَصَ، وَمن الأَوَّلِ حديثُ الصَّرْفِ: «فَشَفَّ الخَلْخَالانِ نَحْواً مِن دَانِقٍ، فَقَرَضَهُ» قال شَمِرٌ: أَبي زادَا.

  وشَفَّ الشَّيْءُ، يَشِفُّ: إذا تَحَرَّكَ.

  قال: وشَفَّ جِسْمُهُ، يَشِفُّ، شُفُوفاً: إذا نَحَلَ مِن هَمٍّ وَوَجْدٍ.

  وشَفَّهُ الْهَمُّ: هَزَلَهُ، يَشِفُّه شَفًّا، نَقَلَهُ الجَوهَرِيُّ، وزادَ غيرُه: وأَضْمَرَهُ حتى دَقَّ، ومنه قَوْلُ العَرْجِيِّ:

  أَنا امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فأَحْرَجَنِي ... حتى بَلِيتُ وحتى شَفَّنِي السَّقَمُ

  وَفي المُحْكَمِ: شَفَّهُ الحُزْنُ والحُبُّ، يَشِفُّه، شَفًّا، وَشُفُوفاً: لَذَعَ قَلْبَهُ، قيل: أَنْحَلَهُ، وقيل: أَذْهَبَ عَقْلَهُ.

  وَيُقَال: شَفَّهُ الحَزَنُ، إذا أَظْهَرَ ما عندَهُ مِن الجَزَعِ.

  والشَّفِيفُ، كَأَمِيرٍ: البَرْدُ، وقيل: لَذْعُ الْبَرْدِ، وَبه فُسِّرَ قَوْلُهم: وَجَدَ في أَسْنَانِهِ شَفِيفاً، وقال صَخْرُ الْغَيِّ الهُذَلِيُّ:

  وَمَاءٍ وَرَدْتُ علَى زَوْرَةٍ ... كَمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا⁣(⁣٣)

  وَقال آخَرُ:

  وَنَقْرِي الضَّيْفَ مِنْ لَحْمٍ غَرِيضٍ ... إِذَا مَا الكَلْبُ أَلْجَأَهُ الشَّفِيفُ

  والشَّفِيفُ أَيضاً: مَطَرٌ فِيهِ بَرَدٌ، أَو هو الرِّيحُ الْبَارِدَةُ فيها نَدًى، عن ابنِ دُرَيْدٍ، كَالشَّفْشَافِ، وهي الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ البَرْدِ.

  والشَّفِيفُ أَيضاً: شِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ، وَهو مع قَوْلِهِ: شِدَّةُ لَذْعِ البَرْدِ ضِدٌّ.

  والشَّفِيفُ، الطَّفِيفُ: الْقَلِيلُ، كالشَّفَفِ، مُحَرَّكَةً، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  وثَوْبٌ شَفْشَافٌ: لَم يُحْكَمْ عَمَلُهُ.

  والشُّفَافَةُ، كَكُنَاسَةٍ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ في الإِنَاءِ، وَكذا بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فيه، قال ابنُ الأَثِيرِ: وذكَرَ بعضُ المُتَأَخِّرِينَ أَنَّه رُوِيَ بالسِّينِ المُهْمَلَةِ⁣(⁣٤)، قال الصَّاغَانيُّ: وقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:


(١) في اللسان والتهذيب «صفيقة» بدون غير، وفي النهاية؛ «ضعيفة النسج» وفي التهذيب: ثياب دقاق، بالدال. والمثبت كاللسان وَالنهاية.

(٢) كذا وردت العبارة في اللسان والنهاية، وفي التهذيب: فنهى عمر عن إلباسها النساءَ، لأنها لا تلزق ببدن المرأة لرقتها فيرى خلْقها وراءها من خارج ناتئاً يصفها.

(٣) ديوان الهذليين ٢/ ٧٤.

(٤) ورد كلام ابن الأثير على حديث أم زرع: «وإن شرب اشتفّ».