تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فوق]:

صفحة 410 - الجزء 13

  هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها ... كأَنَّ أَخْمَصَها بالشَّوكِ مُنْتَعِلُ⁣(⁣١)

  قالَ: لا تكونُ دُرْمٌ مَرافِقُها وهي قَلِيلةٌ اللَّحْمِ. وقالَ ابنُ الأَعرابِيّ: فُنُقٌ كأَنها فَنِيقٌ، أَي: جَمَل فَحْلٌ. وقال الأَعْشَى:

  وأَثِيتٍ جَثْلِ النَّباتِ تُرَوِّي ... هِ لَعُوبٌ غَرِيرةٌ مِفْناقُ⁣(⁣٢)

  وناقَةٌ فُنُق: فَتِيَّةٌ سَمِينةٌ لَحِيمةٌ ضَخْمةٌ. قال رُؤْبةُ:

  تَنَشَّطَتْه كُلُّ مِغلاةِ الوَهَقْ ... مَضْبورةٍ قرواءَ هِرجابٍ فُنُقْ

  مائِرةِ الضَّبْعَينِ مِصْلابِ العُنُقْ⁣(⁣٣)

  وأَفنَق الرَّجلُ: إِذا تَنَعَّمَ بعد بُؤْسٍ.

  التَّفْنِيقُ: التَّنْعِيم، وهو مَفْنوقٌ مُنَعَّم. قال رُؤبَةُ:

  وقد تَرانِي مَرِحاً مُفنَّقَا ... زِيراً أُمانِي وُدَّ مَنْ تَوَمَّقَا

  وقالَ غيرُه:

  لا ذَنْبَ لي كُنْتَ امْرَأً مُفنَّقَا ... أَبيضَ⁣(⁣٤) نَوَّامٌ الضُّحَى غَرَوْنَقَا

  وتَفَنَّقَ الرَّجلُ: إِذا تنعَّمَ كما يُفَنِّقُ الصَّبِيَّ المترفَ أَهْلُه.

  وعَيْشٌ مُفانِقٌ: ناعِم. قالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبادِيُّ يَصِف الجَوارِيَ بالنَّعْمَةِ:

  زانَهنَّ الشُّفُوفُ يَنْضَحْن بالمِسْ ... ك وعيش مُفانِقٌ وحَرِيرُ

  هكذا أَنْشَده الجَوْهَرِيُّ بكَسْرِ النُّونِ وفَتْحها.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  الفَنَقُ، محركةً، والفُناق، كغُراب: النَّعْمةُ في العَيْشِ. وفَانَقه فِناقاً: نَعَّمه، نقله الجوهريّ.

  وتَفنَّقتَ في أَمْرِ كذا، أَي: تأَنَّفْتَ، وتَنَطَّعْتَ.

  وجَمَلٌ فُنُق، مثل: فَنِيق.

  [فوق]: فَوْقُ: نَقِيض تَحْت، يَكُون اسماً وظَرْفاً، مبنِيٌّ، فإِذا أُضِيفَ أُعْرِبَ. وحَكَى الكِسائِيُّ: أَفَوْقَ تَنامُ أَم أَسفَلَ؟، بالفتحِ عَلَى حَذْفِ المُضافِ، وتَرْك البِناءِ. وقالَ اللَّيْثُ: مَنْ جَعَلَه صِفةً كانَ سَبِيلُه النَّصْبَ، كقولك: عَبدُ الله فوقَ زَيْدٍ؛ لأَنّه صفة، فإِن صَيَّرتَه اسماً رفعتَه، فقلتَ: فَوْقُه رأْسُه، صار رَفْعاً ههنا، لأَنّه هو الرأْسُ نفسُه، ورفعتَ كُلَّ واحدٍ منهما بصاحبِه، الفَوْقُ بالرَّأْسِ، والرّأْسُ بالفَوْقِ. وتَقولُ فوقَه قَلَنْسُوتُه⁣(⁣٥)، نصَبْت الفَوْقَ؛ لأَنَّهُ صِفَةُ عَيْنِ⁣(⁣٦) القَلَنْسُوةِ، وقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}⁣(⁣٧) لا تَكادُ تَظْهَر الفائِدةُ في قَوْله «مِنْ فَوْقِهِمْ» لأَنَّ «عَلَيْهِمُ» قَدْ تَنُوبُ عَنْها. قالَ ابنُ جِنِّي: قد يَكُونُ قولُه [تعالى]: {مِنْ فَوْقِهِمْ} هُنا مُفيداً، وذلِك أَنَّه قد تُسْتَعْمَلُ في الأَفْعالِ الشّاقَّة المُسْتَثْقَلة «عَلَى» تقولُ: قد سِرْنا عَشْراً، وبَقِيَتْ علينا لَيْلَتانِ، وقد حَفِظْتُ القُرآنَ وبَقِيَتْ عليَّ منه سُورَتان، وكذا يُقالُ في الاعْتِدادِ على الإِنسانِ بذُنُوبه، وقُبْحِ أَفعالِهِ: قد أَخْرَبَ عليَّ ضَيْعَتِي وأَعْطَب علي عَوامِلي، فعَلَى هذا لو قيلَ: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ}، ولم يَقُل: «مِنْ فَوْقِهِمْ» لَجازَ أَن يُظَنَّ بهِ أَنَّه كقولك: قد خَرِبَتْ عليهم دَارُهم، وقد هَلَكَتْ عليهِم مَواشِيهم وغِلالُهم، فإِذا قالَ: «مِنْ فَوْقِهِمْ» زالَ ذلِك المعنى المُحْتَمَل، وصارَ مَعْناه أَنَّه سَقَطَ وَهُمْ من تَحْتِه، فهذا معْنًى غيرُ الأَول، إِلى آخرِ ما قالَ، وهو تَحْقِيقٌ نَفِيسٌ جدّاً.

  وقولُه تعالى: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}⁣(⁣٨) أَراد تَعالى: لأَكلُوا من قَطْرِ السماءِ ومن نَباتِ الأَرض، وقيل: قد يكونُ هذا منْ جهة التَّوْسِعَةِ. كما تقول: فلانٌ في خَيْر من فَرْقه إِلى قَدَمِه، وقولُه تعالى: {إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}⁣(⁣٩) عَنَى الأَحْزَابَ،


(١) ديوانه ص ١٤٥.

(٢) ديوانه ص ١٢٦ وبهامشه: المفناق: المترفة.

(٣) ديوانه ص ١٠٤ والأول في الصحاح برواية:

تنشطته كل هرجاب فنق

وصوّب ابن بري إنشاده كرواية الأصل.

(٤) في اللسان: أغيد.

(٥) في التهذيب: قلنسوة.

(٦) في التهذيب واللسان: غير.

(٧) سورة النحل الآية ٢٦.

(٨) سورة المائدة الآية ٦٦.

(٩) سورة الأحزاب الآية ١٠.