[فوق]:
  هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرافِقُها ... كأَنَّ أَخْمَصَها بالشَّوكِ مُنْتَعِلُ(١)
  قالَ: لا تكونُ دُرْمٌ مَرافِقُها وهي قَلِيلةٌ اللَّحْمِ. وقالَ ابنُ الأَعرابِيّ: فُنُقٌ كأَنها فَنِيقٌ، أَي: جَمَل فَحْلٌ. وقال الأَعْشَى:
  وأَثِيتٍ جَثْلِ النَّباتِ تُرَوِّي ... هِ لَعُوبٌ غَرِيرةٌ مِفْناقُ(٢)
  وناقَةٌ فُنُق: فَتِيَّةٌ سَمِينةٌ لَحِيمةٌ ضَخْمةٌ. قال رُؤْبةُ:
  تَنَشَّطَتْه كُلُّ مِغلاةِ الوَهَقْ ... مَضْبورةٍ قرواءَ هِرجابٍ فُنُقْ
  مائِرةِ الضَّبْعَينِ مِصْلابِ العُنُقْ(٣)
  وأَفنَق الرَّجلُ: إِذا تَنَعَّمَ بعد بُؤْسٍ.
  التَّفْنِيقُ: التَّنْعِيم، وهو مَفْنوقٌ مُنَعَّم. قال رُؤبَةُ:
  وقد تَرانِي مَرِحاً مُفنَّقَا ... زِيراً أُمانِي وُدَّ مَنْ تَوَمَّقَا
  وقالَ غيرُه:
  لا ذَنْبَ لي كُنْتَ امْرَأً مُفنَّقَا ... أَبيضَ(٤) نَوَّامٌ الضُّحَى غَرَوْنَقَا
  وتَفَنَّقَ الرَّجلُ: إِذا تنعَّمَ كما يُفَنِّقُ الصَّبِيَّ المترفَ أَهْلُه.
  وعَيْشٌ مُفانِقٌ: ناعِم. قالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبادِيُّ يَصِف الجَوارِيَ بالنَّعْمَةِ:
  زانَهنَّ الشُّفُوفُ يَنْضَحْن بالمِسْ ... ك وعيش مُفانِقٌ وحَرِيرُ
  هكذا أَنْشَده الجَوْهَرِيُّ بكَسْرِ النُّونِ وفَتْحها.
  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:
  الفَنَقُ، محركةً، والفُناق، كغُراب: النَّعْمةُ في العَيْشِ. وفَانَقه فِناقاً: نَعَّمه، نقله الجوهريّ.
  وتَفنَّقتَ في أَمْرِ كذا، أَي: تأَنَّفْتَ، وتَنَطَّعْتَ.
  وجَمَلٌ فُنُق، مثل: فَنِيق.
  [فوق]: فَوْقُ: نَقِيض تَحْت، يَكُون اسماً وظَرْفاً، مبنِيٌّ، فإِذا أُضِيفَ أُعْرِبَ. وحَكَى الكِسائِيُّ: أَفَوْقَ تَنامُ أَم أَسفَلَ؟، بالفتحِ عَلَى حَذْفِ المُضافِ، وتَرْك البِناءِ. وقالَ اللَّيْثُ: مَنْ جَعَلَه صِفةً كانَ سَبِيلُه النَّصْبَ، كقولك: عَبدُ الله فوقَ زَيْدٍ؛ لأَنّه صفة، فإِن صَيَّرتَه اسماً رفعتَه، فقلتَ: فَوْقُه رأْسُه، صار رَفْعاً ههنا، لأَنّه هو الرأْسُ نفسُه، ورفعتَ كُلَّ واحدٍ منهما بصاحبِه، الفَوْقُ بالرَّأْسِ، والرّأْسُ بالفَوْقِ. وتَقولُ فوقَه قَلَنْسُوتُه(٥)، نصَبْت الفَوْقَ؛ لأَنَّهُ صِفَةُ عَيْنِ(٦) القَلَنْسُوةِ، وقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}(٧) لا تَكادُ تَظْهَر الفائِدةُ في قَوْله «مِنْ فَوْقِهِمْ» لأَنَّ «عَلَيْهِمُ» قَدْ تَنُوبُ عَنْها. قالَ ابنُ جِنِّي: قد يَكُونُ قولُه [تعالى]: {مِنْ فَوْقِهِمْ} هُنا مُفيداً، وذلِك أَنَّه قد تُسْتَعْمَلُ في الأَفْعالِ الشّاقَّة المُسْتَثْقَلة «عَلَى» تقولُ: قد سِرْنا عَشْراً، وبَقِيَتْ علينا لَيْلَتانِ، وقد حَفِظْتُ القُرآنَ وبَقِيَتْ عليَّ منه سُورَتان، وكذا يُقالُ في الاعْتِدادِ على الإِنسانِ بذُنُوبه، وقُبْحِ أَفعالِهِ: قد أَخْرَبَ عليَّ ضَيْعَتِي وأَعْطَب علي عَوامِلي، فعَلَى هذا لو قيلَ: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ}، ولم يَقُل: «مِنْ فَوْقِهِمْ» لَجازَ أَن يُظَنَّ بهِ أَنَّه كقولك: قد خَرِبَتْ عليهم دَارُهم، وقد هَلَكَتْ عليهِم مَواشِيهم وغِلالُهم، فإِذا قالَ: «مِنْ فَوْقِهِمْ» زالَ ذلِك المعنى المُحْتَمَل، وصارَ مَعْناه أَنَّه سَقَطَ وَهُمْ من تَحْتِه، فهذا معْنًى غيرُ الأَول، إِلى آخرِ ما قالَ، وهو تَحْقِيقٌ نَفِيسٌ جدّاً.
  وقولُه تعالى: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}(٨) أَراد تَعالى: لأَكلُوا من قَطْرِ السماءِ ومن نَباتِ الأَرض، وقيل: قد يكونُ هذا منْ جهة التَّوْسِعَةِ. كما تقول: فلانٌ في خَيْر من فَرْقه إِلى قَدَمِه، وقولُه تعالى: {إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}(٩) عَنَى الأَحْزَابَ،
(١) ديوانه ص ١٤٥.
(٢) ديوانه ص ١٢٦ وبهامشه: المفناق: المترفة.
(٣) ديوانه ص ١٠٤ والأول في الصحاح برواية:
تنشطته كل هرجاب فنق
وصوّب ابن بري إنشاده كرواية الأصل.
(٤) في اللسان: أغيد.
(٥) في التهذيب: قلنسوة.
(٦) في التهذيب واللسان: غير.
(٧) سورة النحل الآية ٢٦.
(٨) سورة المائدة الآية ٦٦.
(٩) سورة الأحزاب الآية ١٠.