تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عشق]:

صفحة 335 - الجزء 13

  [عشق]: العِشْقُ بالكسْر، وإِنَّما أَهمله لشُهْرَتِه.

  والمَعْشَق، كمَقْعَد، قال الأَعْشَى:

  وما بِيَ مِنْ سُقْمٍ وما بِيَ مَعْشَقُ⁣(⁣١)

  عُجْبُ المُحِبِّ بمَحْبُوبِه. أَو هو: إِفراطُ الحُبِّ. وسُئلَ أَبُو العَبَّاس أَحمدُ بنُ يَحْيى عن الحُبِّ والعِشْقِ: أَيُّهما أَحْمَدُ؟ فقالَ: الحُبُّ؛ لأَنَّ العِشْق فيه إِفراطٌ، ويَكُونُ العِشْق في عَفاف الحُبّ وفي دَعَارَةٍ، أَو هو عَمَى الحِسِّ عن إِدْرَاكِ عُيُوبِه، أَو مَرَضٌ وَسْواسِيُّ يَحْلُبُه إِلى نَفْسِه بتَسْلِيطِ فِكْرِه على استِحْسانِ بَعْضِ الصُّوَرِ.

  قال شَيخُنا ¦: وقد أَلَّفَ الرَّئيسُ ابنُ سِينَا في العِشْقِ رِسالةً، وبَسَط فِيها مَعْناه، وقال: إِنه لا يَخْتَصُّ بنَوْعِ الإِنْسانِ، بل هُوَ سارٍ في جَمِيع المَوْجُوداتِ: من الفَلَكِيَّاتِ، والعُنْصُرِيّات، والنَّباتات، والمَعْدِنِيّات والحَيَوانات، وأَنّه لا يُدرَك مَعْناه ولا يُطَّلَع عَلَيه، والتَّعْبِير عنه يَزِيدُه خَفاءً، وهو كالحُسْنِ لا يُدرَكُ، ولا يُمكِن التَّعْبِير عنه، وكالوَزْن في الشِّعرِ، وغَيرِ ذلِك مِمّا يُحالُ فيه على الأَذْواقِ السَّلِيمة، والطِّباع المُسْتَقِيمة.

  عَشِقه، كعَلِمه هذا هو الصَّواب، ومِثلُه في الصِّحاح والعُباب واللِّسان. وفي المِصْباح أَنّه كضَرَب، وهو غَيْر مَعْروفٍ، فلا يُعتَدُّ به، أَشارَ له شَيخُنا عِشْقاً، بالكَسْرِ، وعَشَقاً أَيضاً بالتَّحْرِيكِ عن الفَرَّاءِ. قال رُؤْبَة يَذْكُر الحِمارَ والأُتُنَ:

  ولم يُضِعْهَا بَيْن فِرْكٍ وَعشَقْ

  قالَ الجَوْهَرِيّ: وقالَ ابنُ السَّرّاجِ النَّمَرِيّ في كِتاب الحُلَى: إِنَّما حَرَّكه ضَرُورَةً ولم يُحَرِّكْه بالكَسْر إِتباعاً للعَيْن، كأَنَّه كَرِه الجَمْعَ بين كَسْرَتَين؛ لأَنَّ هذا عَزِيزٌ في الأَسْماءِ.

  وقال زُهَيْر بنُ أَبِي سُلْمَى:

  قامَتْ تَبدَّى بِذِي خالٍ لتَحْزُنَني ... ولا مَحالَة أَن يَشْتاقَ مَنْ عَشِقا⁣(⁣٢)

  فهو عاشِقٌ من قومٍ عُشَّاق، وهي عَاشِقٌ أَيضاً. قال الفَرَّاءُ: يَقُولُونَ: امْرأَةٌ مُحِبٌّ لزَوْجِها وعاشِقٌ لزَوْجِها. وقال ابنُ فَارِسِ: حَمَلُوه على قَوْلِهم: رجل بَادِنٌ، وامرأَة بادِنٌ.

  وقد يقالُ: عاشِقَةٌ كطَالِقة، وسُمِّيَ العاشِقُ عاشِقاً لأَنه يَذْبُل من شِدَّةِ الهَوَى.

  وتَعَشَّقَه: تَكَلَّفَه، نَقَله الجَوْهَرِيُّ.

  ورَجُلٌ عِشِّيقٌ كسِكِّيت: كَثِيرُه أَي: العِشْق، نَقَله الجوهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيت.

  وعَشِق به كفَرِح بالشين والسّين: لَصِق، ولذلك قِيل للكَلِف: عَاشِق، للزُومِه هَواه.

  والعَشَقَة، مُحَرَّكة: شَجَرة تَخْضَرُّ، ثم تَدِقُّ وتَصْفَرُّ عن الزَّجّاج، وزَعَم أَنّ اشْتِقاقَ العَاشِقِ منه ج: عَشَقٌ. وقال كُراعٌ. هي عِنْد المُوَلَّدينَ اللَّبلاب. وقال ابنُ دُرَيْد: زَعَم ناسٌ أَنّ العَشَقَةَ اللَّبلابةُ، قالوا: ومنه اشْتُقَّ اسمُ العاشِق لِذُبُوله وهو كَلام ضعيف. وفي الأَساسِ: واشْتِقاق العِشْق من العَشَق وهو اللَّبْلاب؛ لأَنه يَلْتَوِي على الشَّجَر ويَلْزَمُه.

  والمَعْشُوقُ: كُلُّ مَحْبُوب.

  واسمُ قَصْرٍ بسُرَّ مَنْ رَأى بالجانِبِ الغَرْبِيِّ منه، بناه المُعْتَمِدُ على الله.

  وأَيْضاً: ع بمِقْيَاس مِصْر له ذِكْر في دِيوان ابنِ الفَارِضِ، وقد امَّحَى أَثرُه الآنَ.

  وقالَ ابنُ الأَعرابِيِّ: العُشُق، بضَمَّتَيْنِ: المُصْلِحُونَ غُروسَ الرَّياحِينِ ومُسَوُّوها.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  تَعَشَّقَه بِمَعْنى عَشِقَه.

  والعَشَقُ، محركةً: الأَرَاكُ.

  وقال أَبو عَمْروٍ: يُقال للنَّاقةِ إِذا اشتَدَّت ضَبَعَتُها: قد هَدِمَت، وهَوِسَت، وبَلَمَت، وتَهَالَكَت، وعَشِقَت.

  وقال ابنُ الأَعرابيِّ: العُشُق، بضَمَّتَيْن مِنَ الإِبِل: الذي يَلْزَمُ طَرْوقَتَه، ولا يَحِنّ إِلى غَيْرها.

  والعَشِيقُ، كأَمِيرٍ: يكونُ بمَعْنَى الفاعِلِ ويكون بمَعْنى المَفْعولِ.


(١) ديوانه ط بيروت ص ١١٦ وصدره فيه:

أرقتُ وما هذا السهادُ المؤرِّقُ

(٢) ديوانه ط بيروت ص ٣٩ وصدره فيه:

قامت تراءى بذي ضالٍ لتحزنني