تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حبكر]:

صفحة 237 - الجزء 6

  وقال أَيضاً:

  فأَعْجَبَني من حَبْتَرٍ أَنّ حَبْتَراً ... مَضَى غيرَ مَنْكُوبٍ ومُنْصَلَه انْتَضَى⁣(⁣١)

  [حبجر]: الحِبَجْرُ، كسِبَطْرٍ، والحُبَاجِرُ مثلُ عُلابِطٍ، والمُحْبَجرّ مثلُ مُسْبَكرٍّ - الأَخيرَتَان عن التَّكْمِلَة -: الغَلِيظُ مِن أَيِّ نوعٍ كان، قالَه أَبو عُبَيْدٍ، وعَيَّنَه غيرُه فقال: الحِبجَرُ، كسِبَطْرٍ ودِرْهَم: الوَتَرُ الغَلِيظُ، قال الرّاجز:

  أَرْمِي علَيها وهْي شَيْءٌ بُجْرُ ... والقَوْسُ فيها وتَرٌ حِبَجْرُ

  وهْيَ ثلاثُ أَذْرُعٍ وشِبْرُ

  وأَنشد ابنُ سِيدَه قولَ الرّاجز:

  يُخْرِجُ منها ذَنَباً حُباجِرَا

  قال: وهذا هو الصَّحيح، وأَنشدَه ابنُ الأَعرابيِّ: حُنَاجِرَا - بالنُّون - ولم يُفَسِّره، والصَّوابُ ما قالَه ابنُ سيدَه. قلتُ: قد وُجِدَ في النُّسخ النَّوادِرِ لابنِ الأَعرابيِّ: حُبَاجِرَا، بالباءِ، والرَّجَز لرجل مِن بَنِي كِلَاب يَصِفُ الجَرَادَ.

  والحُبْجُرُ والحُباجِرُ، كقُنْفُذ وعُلابِط: ذَكَرُ الحُبَارَى الطائرِ المعروفِ، مَقْلوبَا حُبْرُجٍ وحُبارِجٍ، نقلَه الصَّاغانيُّ.

  والتَّحَبْجُرُ: الْتِواءٌ في الأَمْعَاءِ. وفي التكملة: شبْهُ الْتِواءٍ.

  واحْبَجَرَّ، كاقْشَعَرَّ: انْتَفَخَ غَضَباً، كاحْبَنْجَرَ، كابْرَنْشَقَ، فهو مُحْبَجِرٌّ ومُحْبَنْجِرٌ.

  واحْبَجَرَّ: الشيءُ واحْبَنْجَرَ: غَلُظ واشْتَدَّ.

  وحَبْجَرَى: ناحيةٌ نَجْدِيَّةٌ بأَكنافِ الشَّرَبَّةِ.

  [حبقر]: حَبْقُرٌّ - كفَعْلُلٍّ، أَي بفتح فسكون فضمٍّ فتشديد - ذَكَرُوه في الأَبنيةِ ولم يُفَسِّروه؛ لأَن الأَقْدَمِين إِنّمَا يَذْكُرون الأَلفاظَ لأَمْثِلَةِ التَّصْرِيف، إِذا لا غَرَضَ لهم في ذِكْر معانِيها، ومعناه البَرَدُ، محرَّكةً، وهو حَبُّ الغَمامِ؛ يُقال في المَثَل: «هو أَبْرَدُ مِن حَبْقُرٍّ» ويُقال أَيضاً: «أَبْرَدُ مِن عَبْقُرٍّ» - بالعين بدل الحاءِ - وكذا «أَبْرَدُ مِن عَضْرَس». أَوردَ الثلاثة الأَزْهَرِيُّ في التَّهْذِيب، وأَصلُه حَبُّ قُرٍّ، كأَنَّهُمَا كلمتانِ جُعِلَتَا واحداً، كذا ذكره الجوهريُّ في عبقر، وذَكر هناك حبقر استطراداً، كما عكَسَه المصنِّف هنا. والقُرُّ: البَرْدُ فالكلمة مَنْحُوتَةٌ، وحيث إِنها منحوتةٌ فذِكْرُها في الأَبنية غيرُ مناسب، كما لا يَخْفَى والدَّلِيلُ على ما ذَكَرْتُه أَن أَبا عَمْرِو بنَ العَلاءِ المُقْرِئَ النَّحْوِيَّ اللغويّ الضَّريرَ⁣(⁣٢) يَرْوِيه أَي المثَلَ: «أَبْرَدُ مِن عَبِّ قُرٍّ»، والعَبُّ: اسمٌ للبَرَدِ، وقد ذَهَلَ عن ذِكْره في موضعه، فعلى هذا كلٌّ مِن الكلمتَيْن لفظٌ مستقلٌّ، ووَزْنٌ خاصٌّ، وذَكَره الإِمامُ أَبو حَيّان في شرح التَّسْهيل، وفَسَّرَه بأَنه اسم عَلَم على موضع معروف للعَرَب، كعَبْقَرٍ، وأَشار إِليه في الارتشاف، وذَكَره قبلَه ابنُ عُصْفُورٍ في المُمْتِعِ. قالَه شيخُنَا.

  [حبكر]: الحَبَوْكَرُ - كغَضَنْفَرٍ، وَزْنُه به لا يخلُو عن تَأَمُّل، قالَه شيخُنا؛ أَي أَن الأَوْلَى أَن يكون كقَبَعْثَرٍ، لاتِّحاد الحُكْم، كما سيأْتي -: رَمْلٌ يَضِلُّ فيه السّالِكُ.

  ومنه: الحَبَوْكَرُ بمعنى الدّاهيَةِ، كالحَبَوْكَرَى بالأَلِف، وحَبَوْكَرَى بلا لامٍ، وحَبَوْكَر أَيضاً بلا لامٍ، نقلَه الفَرّاءُ، وأُمِّ حَبَوْكَرٍ، وأُمِّ حَبَوْكَرَى، وأُمِّ حبَوْكَرَانَ. وفي الصّحاح: أُمُّ حَبَوْكَرَى⁣(⁣٣) هي أَعظمُ الدَّواهِي، وأَنشدَ لعَمْرو بن أَحمَرَ الباهليِّ:

  فلمّا غَسَا لَيْلِي وأَيْقَنْتُ أَنهَا ... هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمِّ حَبَوْكَرَى

  ثم قال: والأَلفُ زائدةٌ بُنِيَ الاسم عليها؛ لأَنك تقول للأُنثى: حَبَوْكَرَاةٌ، وكلُّ أَلف للتأْنيث لا يَصحُّ دُخُولُ هاءِ التأْنيث عليها، وليْستْ أَيضاً للإِلحاق؛ لأَنه ليس له مِثالٌ من الأُصول فيُلْحَق به. قال شيخُنا: وهو كلامٌ غيرُ مُعْتَدٍّ به، وقد صَرَّحُوا أَنه لا ثالثَ لأَلِفَيِ التأْنِيث أَو الإِلْحَاق، ولا تُبْنَى الكلمةُ على ما ليس منهما. وقولُه: كلُّ أَلفٍ للتأْنيث لا يَصِحُّ دُخولُ الهاءِ عليها كلام صحيحٌ، وقاعدةٌ تامَّةٌ؛ إِلّا أَن الأَلف هنا: مَن قال هي للتأْنيث أَنْكَرَ دُخُولَ الهاءِ، ومَن


(١) ديوانه ص ٤.

(٢) بهامش المطبوعة الكويتية: كذا، وأبو عمرو بن العلاء ليس ضريراً» وانظر تقريب التهذيب.

(٣) في الصحاح هنا وفي الشاهد: «أم حبوكر» وفي اللسان عن الجوهري فكالأصل.