تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[درأ]:

صفحة 150 - الجزء 1

  [درأ]: دَرَأَه كجَعَلَه يَدْرَؤُهُ دَرْأً بفتح فسكون وَدَرْأَةً، ودَرَأَه إِذا دَفَعَهُ ومنه الحديث: «ادْرءُوا الحُدُودَ بالشُّبُهَاتِ» ودَرَأَ السَّيْلُ دَرْأً: انْدَفَع، كانْدَرَأَ وهو مجاز، ودَرَأَ الوادِي بالسَّيْل: دَفَع، وفي حديثِ أَبي بَكرٍ:

  صَادَفَ دَرْءَ السَّيْلِ سَيْلٌ يَدْفَعُهْ ... يَهْضِبُه طَوْراً وطَوْراً يَمْنَعُهْ

  ودَرَأَ الرَّجُلُ دُرُوءاً: طَرَأَ وهم الدُّرَّاءُ والدُّرَآءُ، يقال: نحن فُقَراءُ ودُرَآءُ ودَرَأَ عليهم دَرْأً ودُرُوءاً: خَرَجَ فُجَاءَةً⁣(⁣١) كاندَرَأَ وتَدَرَّأَ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  أَحِسُّ لِيَرْبُوعٍ وَأَحْمِي ذِمَارَهَا ... وأَدْفَعُ عَنْهَا مِنْ دُرُوءِ القَبَائِلِ

  أَي من خُرُوجِها وحَمْلِهَا، وفي العباب: اندَرَأَ عليهم إِذا طَلَع مُفاجَأَةً، وروى المُنذرِيُّ عن خالدِ بن يزيدَ قال: يقال: دَرَأَ علينا فُلانٌ وطَرَأَ إِذا طلع فُجَاءَةً⁣(⁣٢)، ودَرَأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً من ذلك⁣(⁣٣).

  ومن المجاز قال شَمِرٌ: دَرَأَتِ النارُ: أَضاءَتْ، ودَرَأَ البعيرُ دُروءاً: أَغَدَّ زاد الأَصمعيُّ وكان مع الغُدَّةِ وَرَمٌ في ظَهْرِه وفي الإِناث في الضَّرْع⁣(⁣٤)، فهو دَارِئٌ، وناقة دَارِئٌ أَيضاً اذا أَخذَتْها الغُدَّةُ في مَرَاقِها واستبانَ حَجْمُها، ويسمى الحَجْمُ دَرْأً، بالفتح، قاله ابن السكِّيت، وعن ابن الأَعرابيّ: إِذا دَرَأَ البَعِيرُ مِن غُدَّتِه رَجَوْا أَنْ يَسْلَمَ، قال: ودَرَأَ إِذَا وَرِمَ نَحْرُه، والمَرَاقُ مَجْرَى الماءِ في حَلْقِهَا، واستعاره رؤبةُ للمنتفِخِ المُتغَضِّب فقال:

  يَا أَيُّهَا الدَّارِئُ كَالمَنْكُوفِ ... والمُتَشَكِّي مَغْلَةَ المَحْجُوفِ

  جعل حِقْدَه الذي نَفَخه بمنزلةِ الوَرَم الذي في ظَهْرِ البعيرِ، والمنكوف: الذي يشتكي نَكَفَتَه وهي أَصلُ اللِّهْزِمَة ودَرَأَ الشَّيْءَ: بَسَطَه ودَرَأْتُ له وِسَادَةً، أَي بسطْتها، ودرأْتُ وَضِينَ البعيرِ إِذا بَسَطْتَه على الأَرض ثم أَبْرَكْته عليه لتَشُّدَّه به، قال المُثَقَّب العبدِيُّ يصف ناقته: تَقُول:

  إِذا دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي ... أَهذَا دِينُهُ أَبداً ودِينِي؟

  وفي حديث عُمر ¥ أَنه صلّى المغرِبَ، فلما انصرف دَرأَ جُمْعَةً مِن حصَى المسجدِ وأَلقى عليها رِدَاءَه واستلقى، أَي بَسَطها وسَوَّاها⁣(⁣٥)، والجُمْعَة: المجموعة، يقال: أَعطِنِي جُمْعَةً من تَمْرٍ، كالقُبْصَةِ وقال شَمِر: دَرَأْتُ عن البعير الحَقَبَ، أَي دفعته، أَي أَخَّرْته عنه، قال أَبو منصور: والصواب فيه ما ذكرناه من بَسَطْتُه على الأَرض وأَنخْتُها عليه.

  ويقال: القومُ تَدَارَءُوا إِذا تَدَافَعُوا في الخُصُومَةِ ونَحوِها واختلفوا، كَادَّارَءُوُا.

  ويقال: جَاءَ السَّيْلُ دَرْأً بفتح فسكون ويُضَمُّ إِذا انْدَرَأَ مِنْ مكَانٍ بعيدٍ لا يُعْلَمُ بِه ويقال: جاءَ الوادي دُرْأً، بالضم، إِذا سالَ بمطرِ وادٍ آخَرَ، وقيل جاءَ دَرْأً: من بلدٍ بعيدٍ، فإِن سالَ بمطرِ نَفْسِه قيل: سال ظَهْراً، حكاه ابنُ الأَعرابيّ. واستعار بعضُ الرُّجَّاز الدَّرْءَ لِسَيَلَانِ الماءِ من أَفْوَاهِ الإِبل في أَجْوافِها، لأَن الماءَ إِنما يَسيلُ هناك غَرِيباً أَيضاً، إِذْ أَجواف الإِبل ليستْ مِن مَنابعِ الماءِ ولا مِن مناقِعِه فقال:

  جَابَ لَهَا لُقْمَانُ فِي قِلَاتِهَا ... ماءً نَقُوعاً لِصَدَى هَامَاتِهَا

  تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلَاتِهَا ... يَسِيلُ دَرْأً بيْنَ جَانِحَاتِهَا

  واستعار للإِبل الجَحافِلَ، وهي لِذَوَاتِ الحوافِر، كذا في اللسان.

  والدَّرْءُ: المَيْلُ والعَوَجُ يقال: أَقَمْتُ دَرْءَ فُلانٍ، أَي اعْوِجَاجَه وشَغْبَه⁣(⁣٦) قال المْتَلمِّس:

  وَكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنَا لَهُ مِنْ دَرْئِهِ، فَتَقَوَّمَا⁣(⁣٧)

  والرواية الصحيحةُ «من مَيْلِه» ومنه قولهم: بِئْرٌ ذاتُ دَرْءٍ


(١) اللسان: فَجأة. وفي المقاييس: ودرأ فلان: إذا طلع مفاجأة.

(٢) اللسان: فَجْأَة.

(٣) في الأساس: درأ الكوكبُ: طلع كأنه يدرأ الظلام.

(٤) نص في اللسان على أن الغُدّة هي طاعون الابل.

(٥) اللسان: أي سواها يده وبسطها.

(٦) اللسان: «وشعبه» وفي المقاييس: فأما الدرء الذي هو الاعوجاج، فمن قياس الدفع، لأنه إذا اعوجّ اندفع من حد الاستواء إلى الاعوجاج.

(٧) ديوانه ص ١ اللسان والمقاييس ٢/ ٢٧٤.