تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذهب]:

صفحة 505 - الجزء 1

  شِرْكاً بِمَاءِ⁣(⁣١) الذَّوْبِ يَجْمَعُهُ ... فِي طَوْدِ أَيْمَنَ مِنْ قُرَى قَسْرِ

  والمِذْوَبُ بالكَسْرِ: مَا يُذَابُ فيهِ والذَّوْبُ: مَا ذَوَّبْتَ مِنْهُ، والمِذْوَبَةُ بهَاءٍ: المِغْرَفَةُ عن اللِّحْيانيّ والإِذْوَابُ والإِذْوَابَةُ، بكَسْرِهِمَا: الزُّبْدُ يُذَابُ في البْرْمَةِ للسَّمْن فلا يَزَالُ ذلك اسْمَه حتَّى يُحْقَنَ في سِقاءٍ، وقال أَبو زيد: الزُّبْدُ حِينَ يَحْصُلُ في البُرْمَةِ فَيُطْبَخُ⁣(⁣٢) فهُوَ الإِذْوَابَةُ، فإِنْ خُلِطَ⁣(⁣٣) اللَّبَنُ بالزُّبْدِ قِيلَ: ارْتَجَنَ، وفي الأَساس من المجاز: هُوَ أَحْلَى مِنَ الذَّوْبِ بالإِذْوَابَةِ، أَي⁣(⁣٤) مِنْ عَسَلٍ أُذِيبَ فَخُلِّصَ منه شَمْعُه.

  ومن المجاز الإِذابَةُ: الإِغَارَةُ، وأَذَابُوا عَلَيْهِمْ: أَغَارُوا وفي حَدِيث قُسٍّ.

  أُذِيبُ اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبَ صَدَاكُمَا

  أَي أَنْتَظِرُ في مُرُورِ اللَّيَالِي وذَهَابِهَا، منَ الإِذَابَةِ، والإِذَابَةُ: النُّهْبَةُ، اسْمٌ لا مَصْدَرٌ، واستشهدَ الجوهريّ هنا ببيت بشر بن أَبي خازم:

  أَتَتركها مَذْمُومَةً أَمْ تُذُيبُهَا

  وشَرَحَه بقوله أَي تُنْهِبُهَا، وقال غيرُه: تُثْبِتُهَا، وقد تَقَدَّم وأَذَابُوا أَمْرَهُمْ: أَصْلَحُوهُ، وفي الحديث «مَنْ أَسْلَمَ على ذَوْبَةٍ أَوْ مَأْثَرَة فَهِيَ لَهُ» الذَّوْبَةُ: بَقِيَّةُ المَال يَسْتَذِيبُهَا الرَّجُلُ أَي يَسْتَبْقِيهَا، والمَأْثَرَةُ: المَكْرُمَةُ.

  والذُّوبَانُ بالضَّمِّ: الصَّعَالِيكُ، واللصُوصُ، لُغَةٌ في الذُّؤْبَانِ بالهَمْزِ، خُفِّفَ فانْقَلَبَتْ واواً.

  والذُّوبَانُ بالضَّمِّ والذِّيبَانُ بالكَسْرِ: بَقِيَّةُ الوَبَرِ أَو الشَّعرِ على عُنُقِ الفَرَسِ أَو البَعِير ومِشْفَرِهِ، وهما لُغَتَانِ، وعَسَى أَنْ يَكُونَ مُعَاقَبَةً فتدْخُلَ⁣(⁣٥) كُلُّ واحِدَةٍ مِنْهُمَا على صَاحِبَتِهَا. وعن ابن السّكّيت الذَّابُ بمَعْنَى العَيْبِ مِثْلُ الذَّامِ والذَّيْمِ والذَّانِ.

  ومنَ المَجَازِ نَاقَةٌ ذَوُوبٌ⁣(⁣٦) كصَبُورٍ: سَمِينَةٌ لأَنَّهَا تَجمَع فيها ما يُذَابُ⁣(⁣٧)، زاد الصاغانيّ: وليْسَتْ في غَايَةِ السِّمَنِ.

  وذَوَّابٌ كَشَدَّادٍ: صَحَابِيٌّ كان يَمُرُّ بالنبيّ ÷ ويُسَلِّمُ عليه، وإِسْنَادُه ضَعِيفٌ، أَوْرَدَه النَّسَائِيُّ، كذا في المُعْجَم.

  ومن المجاز: أَذَابَ حَاجَتَهُ واسْتَذَابَهَا لِمَنْ أَنْضَجَ حَاجَتَهُ وأَتَمَّهَا.

  وذَوَّبَهُ تَذْوِيباً: عَمِلَ لَهُ ذُوَابَةً وفي حديث ابنِ الحَنَفِيَّةِ «أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ» أَي يَضْفِرُ ذَوائِبَها⁣(⁣٨)، قال أَبو منصور: والأَصْلُ فيه الهَمْزُ لأَنَّ عينَ الذُّؤَابَةِ هَمْزَةٌ، ولكِنَّه جاءَ وفي بعض النسخ: جَارٍ علَى غَيْرِ قِيَاسٍ أَي جَاءَ غيرَ مهموزٍ، كَمَا جَاءَ الذَّوَائِبُ عَلَى خِلَافِ القِيَاسِ.

  [ذهب]: ذَهَبَ كَمَنَعَ يَذْهَبُ ذَهَابَاً بالفَتْحِ ويُكْسَرُ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ وذُهُوباً بالضم، قِيَاسِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ ومَذْهَباً، فهو ذَاهِبٌ وذَهُوبٌ كصَبُورٍ: سَارَ أَو: مَرَّ، وذَهَبَ بِهِ: أَزَالَهُ، كأَذْهَبَهُ غَيْرُهُ وأَذْهَبَه بِهِ قال أَبو إِسحاق، وهو قَلِيلٌ، فأَمَّا قِرَاءَةُ بعضِهِم يكادُ سَنَا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصَارِ⁣(⁣٩) فنَادِرٌ، ومن المجاز: ذَهَبَ عَلَيَّ كَذَا: نَسِيتُه، وذَهَبَ في الأَرْضِ كناية عن الإِبْداءِ⁣(⁣١٠)، كذا في الأَساس، قال شيخنا: ذَهَبَتْ طائفةٌ منهم السُّهَيْلِيُّ إِلى أَنَّ التَّعْدِيَةَ بالبَاءِ تُلْزِمُ المُصَاحَبَةَ، وبغَيْرِهَا لا تُلْزِم، فإِذا قلتَ: ذَهَبَ به فمَعْنَاهُ: صَاحَبَه في الذَّهَابِ، وإِذَا قلتَ أَذْهَبَه أَو ذَهَّبَه تَذْهِيباً فمعناهُ: صَيَّرَه ذاهباً وحْدَه ولم يُصَاحِبْهُ، وبَقِي على ذلك أَسْرَاهُ وأَسْرَى بِهِ وتَعَقَّبُوهُ بنحو {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}⁣(⁣١١) فإِنه لا يُمْكِنُ فيه المُصَاحَبَةُ، لاستِحَالَتِهَا، وقَالَ بعضُ أَئمة اللغةِ والصَّرْفِ: إِنْ عُدِّيَ الذَّهَابُ بالبَاءِ فمَعْنَاهُ الإِذْهَابُ، أَو بعَلَى فمعناه النِّسْيَانُ، أَو بعَنْ فالتَّرْكُ، أَو بإِلَى فالتَّوَجُّه، وقد أَورد أَبو


(١) عن اللسان، وبالأصل «شروا بماء».

(٢) في الصحاح: يجعل في البرمة ليطبخ سمناً».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فإن خلص كذا بخطه ولعل الصواب خلط كما يدل عليه معنى ارتجن» وهو ما أثبتناه موافقاً لما في اللسان أيضاً.

(٤) عبارة الأساس: أي من العسل الذي أذيب حتى خُلِّص من الشمع بالزبدة التي أذيبت وخلص منها السمن.

(٥) عن اللسان، وبالأصل «فيدخل».

(٦) في الأساس واللسان: ذؤوب.

(٧) الأساس: «لأنه يجمع منها ما يذاب.» وزيد فيه: يقال: إن كانت جزوركم لذؤوباً.

(٨) عن النهاية، وبالأصل «ذُؤابتها».

(٩) سورة النور الآية ٤٣.

(١٠) عن الأساس، وبالأصل «الأبد».

(١١) سورة النور الآية ١٧.