تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضبب]:

صفحة 161 - الجزء 2

  عَلَى كُلِّ ضُؤْبَانٍ كَأَنَّ صَرِيفَه ... بِنَابَيْه صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَغَرِّدِ⁣(⁣١)

  هكذا أَنشده. وقول الشاعر:

  لمّا رأَيْتُ الهَمَّ قَدْ أَجْفَانِي ... قَرَّبتُ للرحْلِ ولِلظِّعَانِ

  كُلَّ نِيَافِيِّ القَرَى ذُؤْبَان

  أَنشده أَبو زيد ضُؤْبَان بالهمزِ والضَّاد.

  والضَّيْأَبُ كَصَيْقَل: الذي يَتَقَحَّمُ في الأُمُور عَن كراع أَو هو تَصْحِيفُ ضَيْأَز بالزَّاي المعجمة في آخره. وفي بعض النُّسَخِ بالنُّونِ في آخِرِه. قال شيخنا: هو الذي جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الصَّرْفِ ولم يَعْتَدُّوا بِغَيْرِهِ.

  قلت: والصحِيحُ أَنَّه لُغُةٌ فيه لا تَصْحِيف، كما زعمه المُصَنِّفُ. انظره في لِسَانِ الْعَرب⁣(⁣٢).

  [ضبب]: الضَّبُّ: دُوَيْبّةٌ من الحَشَرَات م، وهو يُشْبِه⁣(⁣٣) الوَرَلَ. وقَالَ عبد الْقَاهر: هِيَ عَلَى حَدِّ فَرْخِ التِّمْسَاح الصغير، وذَنَبُه كَذَنَبِه، وهو يَتَلَوَّن أَلْوَاناً نحو⁣(⁣٤) الشَّمْسِ كما تَتَلَوَّن الحِرْبَاءُ، ويَعِيشُ سَبْعَمِائَة عَام ولا يَشْرَبُ المَاءَ، بل يكتفي بالنَّسِيمِ، ويَبُولُ في كل أَرْبَعِين يَوْماً قَطْرَة، وأَسنانُه قِطْعَةٌ وَاحِدَة مُعْوَجَّة، وإِذا فَارَق جُحْرَه لم يَعْرِفه، ويَبِيضُ كالطَّيْرِ، كما قاله ابنُ خَالَوَيْهِ وَغَيْرُهُ واسْتَوْفَاهُ الدَّمِيرِيُّ في حَيَاةِ الْحَيَوَانِ.

  وقال أَبو مَنْصُور: الورَلُ: سَبْطُ الخَلْق، طَوِيلُ الذَّنَبِ كأَنَّ ذَنَبه ذَنَبُ حَيَّة، ورُبَّ ورَلٍ يُرْبِي⁣(⁣٥) طُولُه على ذِراعَيْن، وذَنَبُ الضَّبِّ ذُو عُقَدٍ، وأَطْوَلُه⁣(⁣٦) يكُونُ قَدْرَ شِبْر. والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتَستَقذِرُه ولا تَأْكُلُه. وأَما الضَّبُّ فإِنَّهم يُحَرِّضُون⁣(⁣٧) على صَيْدِه وأَكْلِه، والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَبِ خَشنُه مُفَقَّرُهُ، ولَونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَةٌ مُشْرَبَةٌ سواداً، وإِذَا سَمِنَ اصفرّ صَدْرُه، ولا يأْكُلُ إِلَّا الجَنَادِبَ والدَّبَى والعُشْبَ، ولا يَأْكُلُ الهَوَامَّ. وأَمَّا الوَرَلُ فإِنَّه يأْكُلُ العَقَارِبَ والحَيَّات والحَرَابِيَّ والخَنَافِسَ، ولحمه دُرْيَاقٌ والنِّسَاء يَتَسمَّنَّ بلَحْمِه، كذَا في لسان العرب.

  ج أَضُبٌّ مِثْلُ كَفٍّ وأَكُفٍّ وضِبَابٌ وضُبَّانٌ الأَخِيرَةُ عن اللِّحْيَانِيّ. قَالَ: وذَلِكَ إِذَا كَثُرَت جِدًّا. قال ابنُ سِيدَه: وَلَا أَدْرِي ما هَذَا الْفَرْق، لِأَنَّ فِعَالاً وفُعْلَاناً سَوَاء في أَنَّهُمَا بِنَاءَانِ من أَبْنِية التَّكثير⁣(⁣٨) ومَضَبَّةٌ، في لِسَانِ الْعَرَب: قال الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ من العرب يَقُولُ: خرجْنَا نَصْطَادُ المَضَبَّة، أَي نَصِيدُ الضِّبَابَ، جَمَعُوهَا على مَفْعَلَة، كما تَقُولُ للشُّيُوخ مَشْيَخَةً ولِلسُّيُوفٍ مَسْيَفَةً.

  وهي ضَبَّة بِهَاء. وأَرْضٌ مَضَبَّةٌ وَضَبِبَةٌ الأَخِيرَة كفَرِحَة: كَثيرَتُه. في التّهْذِيبِ: أَرْضٌ ضَبِبَة أَحَدُ ما جَاءَ على أَصْلِه وقد ضَبُبَتْ كفَرِحَ وكَرُم هَكَذَا في النُّسَخِ المُعْتَمَدَة، وقد سَقَطِ من نُسْخَةِ شَيْخِنَا «وكَرُم» وأَضَبَّتْ، أَي كَثُرَت ضِبَابُهَا، وهو أَحدُ مَا جَاءَ عَلَى الأَصْلِ من هَذَا الضَّرْب. وأَرْض مُضِبَّةٌ ومُرْبِعَةٌ: ذاتُ ضِبَابٍ وَيَرَابِيعَ.

  وقال ابن السِّكِّيت: ضَبِبَ البَلَدُ: كَثر⁣(⁣٩) ضِبَابُه، ذكَرَه في حُرُوفٍ أَظْهَرَ فِيهَا التّضْعِيفَ، وهي مُتَحَرِّكَة مثل قَطِطَ شَعْرُه ومَشِشَتِ الدَّابَة. وفي الحَدِيثِ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رسولَ الله ، فَقَالَ: إِنّي في غَائِطٍ مُضِبّة».

  قال ابن الأَثير: هكذا جَاءَ في الرِّوَايَة «بِضَمِّ المِيمِ وكَسْرِ الضاد» والمَعْرُوفُ بِفَتْحِهَما⁣(⁣١٠) وهي أَرْضٌ مَضَبَّةٌ مِثْلُ مَأْسَدَةٍ ومَذْأَبَةٍ ومَرْبَعَة أَي ذَاتُ أُسُودٍ وذِئَابٍ وَيَرَابِيعَ. وجمع المَضَبَّة مَضَابُّ. فأَمَّا مُضِبَّةٌ فهو اسْمُ الفَاعِلِ من أَضَبَّتْ كأَغَدَّت فَهِيَ مُغِدَّة، فإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَة فهي بمَعْنَاهَا.

  وَوَقَعْنَا في مَضَابَّ مُنْكَرَة، وهي قِطَعٌ من الأَرْضِ كثيرةُ الضِّبَاب.

  والمُضَبِّبُ: الحَارِشُ لَهُ؛ وهو الَّذِي يَصُبُّ المَاءَ في جُحْره حتى يَخْرُجَ ليَأْخُذَه. والمُضَبِّبُ: الَّذِي يُؤَتِّي المَاءَ


(١) في التهذيب المترنم بدل المتغرد.

(٢) انظر اللسان «ضأز».

(٣) عن اللسان، وبالأصل «يشمل».

(٤) في حياة الحيوان للدميري: بحرّ.

(٥) كذا يربي ولعله يربو بمعنى يزيد.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «وأطول».

(٧) اللسان: يحرصون.

(٨) اللسان: الكثرة.

(٩) اللسان: كثرت.

(١٠) عن النهاية، وبالأصل «بفتحها».