تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عنت]:

صفحة 93 - الجزء 3

  ومُسْتَدِيراً حَلْقَةً لِيُجْعَلَ فِي اليَدِ فَيُعْزَلَ بالمَدَرَةِ كعَمَّت⁣(⁣١٢) تَعْمِيتاً، ورِوَايَةُ التَّشْدِيدِ عن الصّاغانيّ، وتلكَ القِطْعَةُ عَمِيتَةٌ وج أَعْمِتَةٌ وعُمُتٌ، بضَمَّتَيْنِ في الأَخِيرِ، هذِهِ حكايةُ أَهل اللغة، قال ابنُ سيده: والذي عندي أَنّ أَعْمِتَةً جَمْعُ عَمِيت الذي هو جمع عَمِيتَةٍ، لأَنَّ فَعِيلَةً لا يُكَسَّرُ⁣(⁣١) على أَفْعِلَةٍ، والعَمِيتَةُ من الوَبر كالفَلِيلَة من الشَّعَرِ، ويقال: عَمِيتَةٌ من وَبَرٍ أَو صُوفٍ، كما يقال: سَبِيخَةٌ من قُطْنٍ، وسَليلَةٌ من شَعَر، كذا في الصحاح.

  وفي التهذيب: عَمَتَ الوَبَرَ والصُّوفَ: لَفَّهُ حَلْقَةً فَعَزَلَهُ، كما يَفْعَلُه الغَزَّالُ الذي يَغْزِلُ الصُّوفَ، فيُلْقِيهِ في يَدِه، قال: والاسْمُ العَمِيتُ، وأَنشد:

  يَظَلُّ في الشَّاءِ يَرْعَاهَا ويَحْلُبُهَا ... وَيَعْمِتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ

  يقال عَمَتَ العَمِيتَ يَعْمِتُهُ عَمْتاً⁣(⁣٢)، قال الشاعر:

  فَظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وَرَاجِلِةٍ ... يُكَفِّتُ⁣(⁣٣) الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ

  قال: يَعْمِتُ: يَغْزلُ، من العَمِيتَةِ، وهي القِطْعَةُ من الصُّوفِ، ويُكَفِّتُ يَجْمَعُ ويَحْرِصُ إِلَّا سَاعَةَ⁣(⁣٤) يَقْعُدُ يَطْبُخُ الهَبِيدَ، والرَّاجِلَةُ: كَبْشُ الرَّاعِي يَحْمِلُ عليهِ مَتَاعَهُ، وقَالَ أَبو الهَيْثَمِ: عَمَتَ فُلَانٌ الصُّوفَ يَعْمِتُه عَمْتاً، إِذا جَمَعَه بَعْدَ ما يَطْرُقُه ويَنْفِشُه، ثم يَعْمِته لِيَلْوِيَهُ على يَدِهِ ويَغْزِلَه بالمَدَرة⁣(⁣٥)، قال: وهي العَمِيتَةُ، والعَمَائتُ جَمَاعَةٌ.

  وعَمَتَ فُلَاناً: قَهَرَهُ وكَفَّهُ يقال: فلانٌ يَعْمِتُ أَقْرَانَه، إِذا كان يَقْهَرُهُم وَيَكُفُّهُم⁣(⁣٦)، يُقَالُ ذلك في الحَرْبِ، وجَوْدَةِ الرَّأْيِ، والعِلْمِ بِأَمْرِ العَدُوِّ وإِثْخانِه.

  أَو عَمَتَهُ، إِذا ضَرَبَهُ بالعَصَا غَيْرَ مُبَالٍ مَنْ أَصَابَ.

  والعِمِّيتُ، كالسِّكِّيتِ: الرَّقِيبُ الظَّريفُ، ورجل عِمِّيتٌ: ظَريفٌ جَرِيءٌ، وقال الأَزْهَرِيّ: العِمِّيتُ: الحَافِظُ العَالِمُ الفَطِنُ، قال:

  ولا تَبَغَّ⁣(⁣٧) الدَّهْرَ ما كُفِيتَا ... ولا تُمَارِ الفَطِنَ العِمِّيتَا

  والعِمِّيتُ: السَّكْرانُ، وَيقال: الجَاهِلُ الضَّعِيفُ، قال الشَّاعر:

  كالخُرْسِ العَمَامِيتِ

  وَمَنْ لا يَهْتَدِي إِلى جِهَة.

  [عنت]: العَنَتُ مُحَرَّكَةً: الفَسَادُ، والإِثْمُ، والهَلَاكُ والغَلَطُ، والخَطَأُ، والجَوْرُ، وَالأَذَى، وَسَيَأْتِي، ودُخُولُ المَشَقّةِ على الإِنْسَانِ.

  وقال أَبو إِسْحَاقَ الزَّجَاجُ: العَنَتُ في الُّلغَةِ: المَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، والعَنَتُ: الوُقُوعُ في أَمْر شَاقٍّ.

  وقد عَنِتَ، وأَعْنَتَهُ غَيْرُه. والعَنَتُ: لِقَاءُ الشدَّةِ يقال: أَعْنَتَ فلانٌ فُلاناً إِعْنَاتاً⁣(⁣٨)، وفي الحديث «البَاغُونَ البَرَاءَ العَنَتَ».

  قالَ ابنُ الأَثِيرِ: العَنَتُ المَشَقَّةُ، والفَسادُ، والهَلَاكُ، والإِثْمُ، والغَلَطُ، والخَطَأُ، والزِّنَا، كُلّ ذلك قَدْ جَاءَ، وأُطْلِقَ العَنَتُ عَلَيْهِ، والحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كُلَّهَا، والبُرَآءُ: جَمْعُ بَرِيءٍ، وهو والعَنَتُ مَنْصُوبان، مَفْعُولانِ للبَاغِينَ، وقوله ø: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}⁣(⁣٩) أَي لو أَطَاعَ مثلَ المُخْبِرِ الذي أَخْبَرَه بما لا أَصْلَ لَه، وكَانَ قد سَعَى بقَوم من العَرَبِ إِلى النَّبِيّ أَنّهم ارْتَدُّوا، لوَقَعْتُمْ في عَنَتٍ، أَي في فسَادٍ وهَلَاكٍ، وفي التَّنْزِيل {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ}⁣(⁣١٠) معنَاه: لو شَاءَ [اللهُ]⁣(⁣١١) لشَدَّدَ عَلَيْكُمْ وتَعَبَّدَكُمْ بِمَا يَصْعُبُ عليكُمْ أَدَاؤُهُ، كما فَعَلَ بمن كانَ قَبْلَكُمْ. وقد يُوضَعُ العَنَتُ مَوْضِعَ الهَلَاكِ، فيَجُوزُ


(١٢) في القاموس: كَعَمَّةَ. (٦) الأصل والتكملة، وفي اللسان والتهذيب: ويلفهم.

(١) اللسان: لا تكسّر. (٧) عن التهذيب واللسان، وفي الأصل «ولا تبغي».

(٢) في التهذيب واللسان: عمَّتَ العميتَ يُعَمِّتُه تعميتا.

(٣) التهذيب: يكفت. (٨) إذا أدخل عليه عنتا، أي مشقة.

(٤) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «إلا ساعد» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله إلا ساعد الخ كذا بخطه والصواب إلا ساعة لأنه تفسير لقوله إلا ريث». (٩) سورة الحجرات الآية ٧.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله بالمدرة، كذا بخطه في هذه وفيما قبلها ولتحرر». (١٠) سورة البقرة الآية ٢٢٠. (١١) زيادة عن التهذيب.