تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كرر]:

صفحة 440 - الجزء 7

  ومن أَمثالِهِم: «مَنْ رَشَّكَ بُلَّه، ومَنْ رَمَاك بكَدَرَة ارْمِهِ بحَجَرَة».

  والكَدَرُ، محرَّكَة: مَوضعٌ قريبٌ من الحَزْنِ في دِيَار بَنِي يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَة.

  والمُنْكَدِرُ بن مُحَمَّدِ بن المُنْكَدِرِ، ثقَةٌ.

  [كرر]: كَرَّ عليه يَكُرّ كَرًّا وكُرُوراً، كقُعُود، وتَكْرَاراً، بالفَتْح: عَطَفَ. وكرَّ عَنْه: رَجَعَ، فهو كَرَّارٌ ومِكَرٌّ، بكسر المِيم، يُقَال في الرَّجُلِ والفَرَس.

  وكَرَّرَه تَكْرِيراً وتَكْراراً، قال أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: قُلْتُ لأَبي عَمْرو: ما بين تِفْعَالٍ وتَفْعَالٍ؟ فقال: تِفْعَالٌ اسمٌ، وتَفْعَالٌ بالفَتْح مَصْدَر، وتَكِرَّةً كتَحِلَّةٍ وتَسِرَّة وتَضِرَّة وتَدِرَّة، قاله ابنُ بُزُرْج.

  وكَرْكَرَه: أَعادَه مَرَّةً بعد أُخْرَى، قال شيخُنا: معنى كَرَّر الشَّيْءَ أَي كَرَّرَهُ فِعْلاً كان أَو قَوْلاً، وتفسيرُه في كُتُبِ المَعَانِي بذِكْر الشيْءِ مَرَّةً بعد أُخْرَى اصطِلاحٌ منهم لا لُغَة، قاله عِصَامٌ في شرح القصارى، انتهى. قُلْت: وقال السّيُوطِيُّ في بعض أَجْوِبَتِه: إِنّ التَّكْرَار هو التَّجْدِيدُ للَّفْظِ الأَوّل ويُفِيد ضَرْباً من التأْكيدِ. وقد قَرَّرَ الفَرْقَ بينهُمَا جماعَةٌ من عُلَمَاءِ البَلاغَة. ومِمَّا فَرَّقُوا به بينهما: أَنَّ التأْكيد شَرْطُه الاتّصالُ وأَنْ لَا يُزاد على ثَلَاثَة، والتَّكْرَارُ يُخَالفهُ في الأَمْرَيْن، ومن ثَمَّ بَنَوْا على ذلك أَنَّ قوله تعالَى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}⁣(⁣١) تكرَارٌ لا تَأْكِيدٌ، لأَنَّهَا زادت على ثلاثة، وكذا قولُه تعالَى {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}⁣(⁣٢). قال شيخُنَا: وقولُه أَعَادَهُ مَرَّةً بعد أُخْرَى هو قَرِيبٌ من اصطلاح أَهْلِ المَعَاني والبَدِيع. وذكرَ صَدْرُ الدِّين زادَه أَنَّهُم فَسَّرُوا التَّكْرِير بذِكْرِ الشيءِ مَرَّتَيْن، وبِذِكْرِ الشيء مَرَّةً بعدَ أُخْرَى، فهو على الأَوّل مجموعُ الذِّكْرَيْن وعلى الثّانِي الأَخير. وفي العِنَايَة، أَوائل البَقَرَة: أَنَّ التّكْرَارَ يكون بمعنَى مَجْمُوعِ الذِّكْرَيْن كما يكونُ للثَّانِي والأَوّل. وفي الفُرُوق اللُّغَوِيَّة الَّتِي جَمَعَها أَبو هِلالٍ العَسْكَرِيّ أَنّ الإِعَادة لا تكون إِلّا مَرَّةً، بخلاف التّكْرَار، فلا يُقَال أَعَادَهُ مَرَّاتٍ إِلَّا من العَامَّةِ وكَرَّرَه يَحْتَمل مرَّةً بعد مَرَّة، ثم قضيّة كلام المصنّف توقّف التَّكْرَار على التثْلِيث لتحقّق الإِعادَة مرَّةً بعد أُخْرَى، إِلَّا أَن يُريدَ بعد ذِكْرِه مَرَّةً أُخْرَى لا بعد أُخْرَى إِعادَة. والله أَعلم، فتأَمَّل.

  المُكَرَّر، كمُعَظَّم: حَرْفُ الراء، وذلك لأَنَّكَ إِذا وَقَفْتَ عليه رأَيتَ طَرَفَ اللِّسَان يتَعَثَّر بما فيه من التَّكْرِير، ولذلك احتُسِبَ في الإمالَةِ بحَرْفَيْن.

  والكَرِيرُ، كأَمِيرٍ: صَوْتٌ في الصَّدْرِ مثل الحَشْرَجَة وليس بها، وكذلك هو من الخيْل في صدورها، قال الشّاعر:

  يَكِرُّ كَرِيرَ البَكْرِ شُدَّ خِنَاقُهُ ... ليَقْتُلَنِي والمَرْءُ ليس بقَتَّال

  وقيل: هو صَوْتٌ كصَوْتِ المُخْتَنِق⁣(⁣٣) أَو المَجْهُود، قال الأَعْشَى:

  فأَهْلِي الفِداءُ غَداةَ النِّزالِ ... إِذَا كَان دَعْوَى الرِّجالِ الكَرِيرَا

  وقيل: هو الحَشْرَجَةُ عند المَوْت. والفِعْل كمَلَّ وقَلَّ، يَكَرُّ بالفَتْح وبالكَسْر، الفَتْح عن ابنِ الأَعْرَابيّ فإِذا عَدَّيْتَه قلتَ: كَرَّهُ يَكُرُّه، إِذا رَدَّهُ.

  والكَرِيرُ: بُحَّةٌ تَعْتَرِي من الغُبَارِ. والكَرِيرُ: نَهْرٌ، نقله الصاغَانِيّ.

  والكَرُّ⁣(⁣٤): قَيْدٌ من لِيف أَو خُوص. والكَرُّ: حَبْلٌ يُصْعَدُ به على النَّخْلِ، وجَمْعُه كَرُورٌ، وقال أَبو عُبَيْد: لا يُسَمَّى بذلك غيْرُه من الحِبَال. قال الأَزهريُّ: وهكذا سَماعِي من العَرَب في الكَرِّ. ويُسَوَّى من حُرِّ اللِّيف [الجيد]⁣(⁣٥)، قال الراجِزُ:

  كالكَرّ لا سَخْتٌ ولا فِيه لَوَى

  وقد جعل العَجّاجُ الكَرَّ حَبْلاً تُقَادُ به السُّفُن فقال:

  جَذْب الصَّرَارِيِّينَ بالكُرُورِ


(١) من سورة الرحمن، وقد تكررت الآية فيها.

(٢) من سورة المرسلات، وقد تكررت الآية فيها.

(٣) في القاموس «المختنق» وفي التهذيب: «صوت المختنق المجهود» وفي اللسان فكالأصل.

(٤) كذا ضبطت في القاموس الذي بيدي، وفي نسخة أخرى (الرسالة - بيروت) ضبطت بالضم. وما أثبتناه يوافق ما جاء في التهذيب واللسان والصحاح.

(٥) زيادة عن التهذيب.