تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رأب]:

صفحة 3 - الجزء 2

«فَصْلُ الرَّاءِ المُهْمَلةِ»

  [رأب]: رَأَبَ إِذا أَصلح، ورَأَبَ الصَّدْعَ والإنَاءَ كمَنَعَ يَرْأَبُهُ رَأْباً: أَصْلَحَه، وشَعَبَه، كارْتَأَبَهُ كذا في النسخ، وفي أُخرى كأَرْأَبَهُ⁣(⁣١) وقيل: رأَّبَهُ بالتَّشْدِيدِ، قال الشاعر:

  يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأَى بِرَصِينٍ ... مِنْ سَجَايَا⁣(⁣٢) آرَائِهِ ويَغِيرُ

  الثَّأَى: الفَسَادُ، أَي يُصْلِحُه وقال الفرزدق:

  وَإِنِّيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِمْ تُتَّقَى العِدا ... وَرَأبُ الثَّأَى والجَانِبُ المُتَخَوَّفُ

  وهُو مِرْأَبُ، كمِنْبَرٍ، والمِرْأَب: المِشْعَبُ⁣(⁣٣)، ورَجُلٌ مِرْأبٌ وَرآبٌ* كشدِّادٍ إذا كان يَشْعَبُ صُدُوعَ الأَقْدَاحِ ويُصْلِحُ بَيْنَ القَوْمِ، أو يُصْلِحُ رَأْبَ الأَشْياءِ، وقَوْمٌ مَرَائِيبُ، قال الطِّرِمَّاحُ يمدح قوماً:

  نُصُرٌ لِلذَّلِيلِ في نَدْوَةِ الحَـ ... ـيِّ مَرَائِيبُ لِلثَّأَى المُنْهَاضِ

  ورَأَبَ بَيْنَهُمْ يَرْأَبُ: أَصْلَح ما بينهم، وكلُّ ما أَصْلَحْتَه فقد رَأَبْتَهُ، ومنه قولُهم: اللهُمَّ ارْأَبْ بَيْنَهُمْ، أَي أَصْلِحْ، وكُلُّ صَدْعٍ لأَمْتَهُ فقَد رَأَبْتَه.

  ورَأَبَتِ الأَرْضُ إِذَا نَبَتَتْ رَطْبَتُهَا بَعْدَ الجَزِّ.

  والرُّؤْبَةُ بالضَّمِّ: القِطْعَةُ مِنَ الخَشَبِ الَّتِي يُرْأَبُ بِهَا الإِنَاءُ أَي يُشْعَبُ ويُصْلَحُ ويُسَدُّ بها ثُلْمَةُ الجَفْنَةِ، وقَدْ وَرَدَ في دعَاءٍ لبَعْضِ الأَكَابِرِ: اللهُمَّ ارْأَبْ حَالَنَا. وهو مجازٌ، وعن أَبي حاتم أَنه سَمِعَ من يقول: رَبْ، وهي لُغَةٌ جَيِّدَةٌ، كَسَلْ واسْأَل، قِيلَ: وبِه سُمِّي أَبُو الجَحَّافِ رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ بنِ رُؤْبَةَ بنِ لَبِيدِ بنِ صَخْر بنِ كثيفِ بنِ عميرَةَ بنِ حُنَيِّ بنِ رَبِيعَةَ بنِ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ التَّمِيمِيُّ، عَلَى أَصَحِّ الأَقْوَالِ، وبه جَزَمَ الشيخ أَبو حَيَّانَ في شرح التسهيل، واقتصر عليه الجوهريّ، وأَبو العباس ثعلبٌ في الفصيح، وفي التهذيب: رُؤْبَةُ بن العَجَّاجِ مهموزٌ، وسيأْتي في روب.

  والرُّؤْبَةُ: الرُّقْعَةُ التي يُرْقَعُ بها الرَّحْلٌ إِذا كُسِرَ، والرُّؤْبَةُ، مَهْمُوزَةً: ما تُسَدُّ به الثُّلْمَةُ، قال طُفَيْلٌ الغَنَوِيُّ:

  لَعَمْرِي لَقَدْ خَلَّى ابنُ خَيْدَعَ ثُلْمَةً ... ومِنْ أَيْنَ إِنْ لَمْ يَرْأَبِ الله تُرْأَب⁣(⁣٤)

  قال يعقوب: هو مثلُ: لَقَدْ خَلَّى ابنُ خَيْدَعَ ثُلْمَةً. قال: وخَيْدَعُ هي امرأَةٌ، وهي أُمُّ يَرْبُوعٍ، يَقُول: مِن أَين تُسَدُّ تلك الثُّلْمَةُ إِنْ لم يَسُدَّها الله، والجَمْعُ رِئَابٌ، قال أُمَيَّةُ يَصِفُ السَّماءَ:

  سَرَاةُ صَلَايَةٍ خَلْقَاءَ صِيغَتْ ... تُزِلُّ الشَّمْسَ لَيْسَ لَهَا رِئَابُ⁣(⁣٥)

  أَي صُدُوعٌ وهو مهموزٌ، وفي «التهذيب» الرُّؤْبَةُ: الخَشَبَةُ التي تَرْأَبُ⁣(⁣٦) بها المُشَقَّرَ⁣(⁣٧)، وهو القَدَحَ الكَبِيرُ من الخَشَبِ، والرُّؤْبَةُ: القِطْعَةُ من الحَجَرِ تُرْأَبُ بها البُرْمَةُ وتُصْلَحُ بِها، وسيأْتي بعضُ معانِي الرُّؤْبَةِ في روب، ومن المجاز قولُهُم: هُوَ أُرْبَةُ عَقْدِ الإخَاءِ، ورُؤْبَةُ صَدْعِ الصَّفَاء.

  والرَّأْبُ: الجَمْعُ والشَّدُّ، ورَأَبَ الشَّيْءَ: جَمَعهُ وشَدَّهُ


(١) في القاموس: كارتأبه وبهامشه عن نسخة ثانية كأرأبه.

(٢) عن اللسان، وبالأصل «سحاتا» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله من سحاتا كذا بخطه فلتحرر».

(٣) جمهرة ابن حزم: عميرة.

(٨) (*) بالقاموس: ورَآَّبٌ.

(٤) اللسان: ابن خيدع، وبهامشه: «قوله لعمري البيت هكذا في الأصل، وقوله بعده قال يعقوب هو مثل لقد خلى ابن خيدع الخ في الأصل أيضا».

(٥) وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله رئاب قال في التكلمة متعقبا الجوهري: والرواية ليس لها إياب أي ليس للشمس رجوع إذا زالت عن السماء للغروب لملاسة السماء».

(٦) اللسان: يُرأبُ.

(٧) عن اللسان، وبالأصل «المسعر».