تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أزق]:

صفحة 5 - الجزء 13

  أَبُو عُبَيْدٍ: أَصلُه من الحَيّاتِ، وقال الأَزْهَرِيُّ: صَغَّرَ الأَوْرَقَ تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ كسُوَيْدٍ في أَسْوَدَ، والأَصْلُ وُرَيْقُ، فقُلبَت الواوُ هَمْزَةً ذَكَرَه في هذا التَّركِيبِ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: حَقُّ أُرَيْقٍ أَنْ يُذْكَرَ في فصل «ور ق» لأَنَّه تصغِيرُ أَوْرَقَ، كقَوْلِهم في أَسْوَدَ: سُوَيْدٌ، ومما يَدُلُّ على أَنَّ أَصْلَ الأُرَيْقِ الحَيّاتُ - كما قال أَبو عُبَيد - قولُ العَجّاجِ:

  وقد رَأَى دُونِيَ من تَجَهُّمِي⁣(⁣١) ... أُمَّ الرُّبَيْقِ والأُرَيْقِ الأَزْنَمِ

  بدلالَةِ قولِه: «الأَزْنَمِ» وهو الَّذِي له زَنَمَةٌ من الحَيَّاتِ.

  وآرَقَه كَذَا وأَرَّقَه إِيراقاً وتَأْرِيقاً، وعلى الثانِي اقْتَصَرَ الجَوْهَريُّ: أَسْهَرَه وهو مُؤَرَّقٌ قال:

  مَتَى أَنامُ لا يُؤرِّقْنِي الكَرِي

  قال سِيبَوَيْه: جَزَمه لأَنّه في معنى إِنْ يَكُن لي نَوْمٌ في غيرِ هذه الحالِ لا يُؤَرِّقْنِي الكَرِيُّ، وقال تَأَبَّطَ شَرّاً:

  يا عِيدُ مالَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ ... ومَرِّ طَيْفٍ عَلَى الأَهْوالِ طَرّاقِ⁣(⁣٢)

  وقال رُؤْبَةُ:

  أَرَّقَنِي طارِقُ هَمٍّ أَرّقَا ... ورَكْضُ غِرْبانٍ غَدَوْنَ نُعَّقَا

  وقالَ الأَعْشَى:

  أَرِقْتُ وما هَذا السُّهادُ المُؤَرِّقُ ... وما بِيَ من هَمٍّ وما بِيَ تَعْشَقُ⁣(⁣٣)

  ومُؤَرِّقٌ كمُحَدِّثٍ: عَلَمٌ منهم مُؤَرِّقٌ العِجْلِيُّ وغيرُه، قال ابنُ دُرَيْدٍ في تَرْكِيب «ور ق» فأَمّا تَسْمِيَتُهم مُؤَرِّقاً فليسَ من هذا، ذاكَ من الأَرَقِ، وهو ذَهابُ النَّوْمِ⁣(⁣٤).

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليهِ:

  رَجُلٌ أَرُقٌ كَندُسٍ، وأُرُقٌ بضَمَّتَينِ، بمعنى آرِقٍ.

  وقِيلَ: إِذا كانَ ذلِكَ عادَتَه فبِضمِّ الهَمْزَةِ والراءِ لا غيرْ. وأُراقُ⁣(⁣٥)، كغُرابٍ: موضِعٌ في قَوْلِ ابنِ أَحْمَرَ:

  كأَنَّ عَلَى الجِمالِ أَوانَ حُفَّتْ ... هَجائِنَ من نِعاجِ أُراقَ عِينَا

  وقالَ ابنُ زَيْدِ الخَيْلِ الطّائِيُّ:

  ولَمَّا أَنْ بَدَت لصَفَا أُراقٍ ... تَجَمَّعَ مِنْ طَوائِفِهمْ فُلُولُ

  [أزق]: أَزِقَ صَدْرُه، كفَرِحَ وضَرَبَ الأَوَّلُ عن ابنِ دُرَيْدٍ أَزْقاً بالفَتْحِ وأَزَقاً بالتّحْرِيكِ، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّبٍ: ضاقَ وفي الصِّحاحِ والعُبابِ: الأَزْقُ: الأَزْلُ، وهو الضِّيقُ.

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الأَزَقُ، بالتَّحْرِيكِ: الضِّيقُ، يُقال: أَزِقَ، بالكَسْرِ، يأْزَقُ أَزَقاً، وقالَ الأَصْمَعِيُّ في قَولِ رُؤْبَةَ يَصِفُ نامُوسَ الصَائِدِ:

  مُضطَّمِراً⁣(⁣٦) كالقَبْرِ بالضَّيْقِ الأَزَقْ

  حَرّك الزّاي ضَرورَةً، قال الصّاغانِيُّ: الدَّلِيلُ على صِحَّةِ قولِ الأَصْمَعِيِّ قولُ العَجّاجِ:

  أَصْبَحَ مَسْحُولٌ يُوازِي⁣(⁣٧) شِقَّا ... مَلَالَةً يَمَلُّها وأَزْقَا

  أَو أَزِقَ الرَّجُلُ: إِذا تَضايَقَ صَدْرُه في الحَرْبِ، كتَأَزَّقَ فِيهِما، وحكى الفَرّاءُ: تأَزَّقَ صَدْرِي، وتَأَزَّل، أَي: ضاقَ.

  والمَأْزِقُ، كمَجْلِسٍ: المَوْضِعُ المَضِيقُ الذي يَقْتَتلونَ فيهِ، قالَ اللَّحْيانِيّ: وكذلِكَ مَأْزِقُ العَيْشِ، ومنه سُمِّي مَوْضِعُ الحَرْبِ مَأْزِقاً، والجمعُ المَآزِقُ، قال جَعْفَرُ بنُ عُلْبَةَ الحارِثِيُّ:

  إِذا ما ابْتَدَرْنَا مَأْزِقاً فَرَّجَتْ لَنَا ... بأَيْمانِنَا بِيضٌ جَلَتْهَا الصَّيَاقِلُ

  وفي المَقايِيس لابنِ فارِسٍ: اسْتُؤْزِقَ على فُلانٍ: إِذا ضاقَ عليهِ المَكانُ فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَبرُزَ.

  ثمّ إِنَّ هذا الحَرْفَ مكتوبٌ عِنْدَنا في النُّسَخِ بالحُمْرَةِ، وقد وُجِدَ في نُسَخِ الصِّحاحِ، فانظُرْه.


(١) عن الديوان ص ٦٢ وبالأصل «تهجمي».

(٢) المفضليات ص ٢٧.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١٦ برواية:

وما بي من سقم وما بي معشقُ

(٤) الجمهرة ٢/ ٤١٠.

(٥) تقدمت الإشارة إليه، وقد مر الشاهد أثناء المادة.

(٦) عن الديوان ص ١٠٧ وبالأصل «مضطرما».

(٧) عن الديوان ص ٤٠ وبالأصل «يوارى» بالراء.