تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كشف]:

صفحة 456 - الجزء 12

  ذَهَبَ من الحُزْنِ، فلم تَكْسِف النُّجومَ والقَمَرَ، فهما مَنْصُوبانِ بكاسِفَةٍ أو على الظَّرْفِ، ويجوزُ تُبْكِي من أَبْكَيْتُه، يُقالُ: أَبْكَيْتُ زَيْداً على عَمْرٍو، قال شيخُنا: وكلامُ الجوهريِّ كما تَراه في غايةِ الوُضُوحِ، لا تَكَلُّفَ فيه، بل هو جارٍ على القَوانِين العَرَبِيّةِ، وكَسَفَ يُسْتَعْمَلُ لازِماً وَمُتَعَدِّياً، كما قالَه المُصَنِّفُ نَفْسُه، وهذا من الثّانِي، ولا يَحْتاج إلى دَعْوَى المُغالَبَةِ، كما قالَه بعضٌ، واللهُ أَعلم.

  قلتُ: قال شَمِرٌ: قلتُ للفَرّاءِ: إِنَّهُم يَقُولُونَ فيه: إِنّه على معنَى المُغالَبَةِ: باكَيْتُه فبَكَيْتُه، فالشّمْسُ تَغْلِبُ النجومَ بُكاءً، فقَالَ: إنَّ هذا لوَجْهٌ حَسَنٌ، فقلتُ: ما هَذا بحَسَنٍ وَلا قَرِيبٍ منه، ثم قالَ شَيْخُنا: وقد رَأَيْتُ من صَنَّفَ في هذا البَيْتِ على حِدَةٍ، وأَطالَ بما لا طائِلَ تحتَه، وما قالَهُ يرجعُ إلى ما أَشَرْنا إِليه، واللهُ أَعلم.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَكْسَفَ اللهُ الشَّمْسَ، مثلُ كَسَفَ، وكَسَفَ أَعْلَى.

  وَأَكْسَفَه الحُزْنُ: غَيَّرَهُ.

  وَكَسَّفَ الشَّيْءَ تَكْسِيفاً: قَطَّعَه، وخَصَّ بَعْضُهم به الثَّوْبَ وَالأَدِيمَ.

  وَكِسْفُ السَّحابِ، وكِسَفُه: قِطَعُه، وقِيلَ: إذا كانَتْ عَريضَةً، فهي كِسْفٌ.

  وَكَسَفْتُ الشيءَ كَسْفاً: إذا غَطَّيْتَه.

  وَقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يقالُ: كَسفَ أَمَلُه، فهو كاسِفٌ: إذا انْقَطَع رَجاؤُه مِمّا كانَ يَأْمُلُ، ولم يَنْبَسِط.

  وَالكِسْفُ، بالكَسْرِ: صاحِبُ المَنْصُورِيَّة، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ.

  [كشف]: الكَشْفُ، كالضَّرْب، والكاشِفَةُ: الإِظْهارُ الأَخِيرُ من المَصادِرِ التي جاءَت على فاعِلَةٍ، كالعافِيةِ وَالكاذِبَةِ، قال الله تَعالَى: {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ}⁣(⁣١) أي: كَشْفٌ وإِظهارٌ، وقالَ ثَعْلَبٌ: الهاءُ للمُبالَغَةِ، وقِيلَ: إِنّما دَخَلَت الهاءُ ليُساجِعَ قوله: {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}⁣(⁣٢). وقال اللَّيْثُ: الكَشْفُ: رَفْعُ شَيْءٍ عَمّا يُوارِيه ويُغَطِّيهِ، كالتَّكْشِيفِ قال ابنُ عَبّادٍ: هو مُبالَغَةُ الكَشْفِ.

  والكَشُوفُ كصَبُورٍ: النَّاقَةُ يَضْربُها الفَحْلُ وهي حامِلٌ، وَرُبَّما ضَرَبَها وقد عَظُمَ بَطْنُها نَقَلَهُ اللَّيْثُ، وتَبِعَهُ الجَوْهريُّ، وقالَ الأَزهَريُّ: هذا التَّفْسِيرُ خَطَأٌ، ونقَلَ أَبو عُبَيْدٍ عن الأَصْمَعِيِّ أَنّه قالَ: فإِن حُمِلَ عَلَيْها الفَحْلُ سَنَتَيْن وِلاءً فذلِكَ الكِشافُ، بالكَسْر وهي ناقَةٌ كَشُوفٌ وقد كَشَفَتِ النّاقَةُ تَكْشِفُ كِشافاً أَو هُوَ أَن تُلْقِحَ حِينَ تُنْتَجُ وفي الأَساسِ: ناقَةٌ كَشُوفٌ: كُلَّما نُتِجَتْ لَقِحَتْ وهي في دَمِها، كأَنَّها - لكَثْرَة لِقاحِها، وَإِشالَتِها ذَنَبَها - كثيرةُ الكَشْفِ عن حَيائِها، ونَصُّ الأَزْهَرِيّ: هو أَنَ يُحْمَلَ على النَّاقةِ بَعْدَ نِتاجها وهي عائِذٌ، وقد وَضَعَتْ حَدِيثاً.

  أَو أَنْ يُحْمَلَ عليها في كُلِّ سَنَةٍ قال اللَّيْثُ: وذلِكَ أَرْدَأُ النِّتاج أَو هو أَنْ يُحْمَلَ عليها سنةً، ثم تُتْرَكَ سَنَتَيْنِ أو ثلاثاً، وَجَمْعُ الكَشُوفِ: كُشُفٌ، قال الأَزْهَريُّ: وأَجْودُ نِتاجِ الإِبلِ أَنْ يَضْرِبَها الفَحْلُ، فإِذا نُتِجَتْ تُرِكَتْ سنةً لا يضرِبُها الفَحْلُ، فإذا فُصِلَ عَنْها فَصِيلُها - وذلك عند تَمامِ السّنَةِ من يوم نِتاجِها - أُرْسِلَ الفَحْلُ في الإِبِلِ التي هِيَ فِيها فيَضْرِبُها، وإذا لم تَجِمَّ سنَةً بعدَ نِتاجها كان أَقَلَّ للبَنِها، وَأَضعفَ لَولَدِها، وأَنْهَكَ لقُوَّتِها وطِرْقِها.

  والأَكْشَفُ: مَنْ بِهِ كَشَفٌ، محرَّكَةً أي: انْقِلابٌ من قُصاصِ النّاصِيَةِ، كأَنَّها دائِرَةٌ، وهي شُعَيْراتٌ تَنْبُتُ صُعُداً وَلم يَكُنْ دائِرةً، نقله الجَوْهَرِيُّ، قال اللَّيْثُ: ويُتَشاءَمُ بها، وَقالَ غيرُه: الكَشَفُ في الجَبْهَةِ: إِدْبارُ ناصِيَتِها من غيرِ نَزَعٍ، وقِيلَ: هو رُجُوعُ شَعَرِ القُصَّةِ قِبَلَ اليَافُوخِ، وفي حَدِيث أَبي الطُّفَيْلِ: «أَنّه عَرَضَ له شابٌّ أَحْمَرُ أَكْشَفُ» قال ابنُ الأَثيرِ: الأَكْشَفُ: الذي تَنْبُتُ له شَعراتٌ في قُصاص ناصِيَتِه ثائِرَةٌ لا تَكادُ تَستَرْسِلُ وذلِكَ المَوْضِعُ كَشَفَةٌ، مُحَرَّكَةً كالنَّزَعَةِ.

  والأَكْشَفُ من الخَيْلِ: الّذِي في عَسِيبِ ذَنَبِه الْتِواءٌ نقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  والأَكْشَفُ: مَنْ لا تُرْسَ مَعَهُ في الحَرْبِ نقلَه


(١) سورة النجم الآية ٥٨.

(٢) سورة النجم الآية ٥٧.