تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نسي]:

صفحة 239 - الجزء 20

  وأَنْشَدَ الأصْمعِي لامرئِ القَيْس:

  وأَنْشَبَ أَظْفَارَهُ في النَّسَا ... فقُلْتُ: هُبلتَ أَلا تَنْتَصِرْ⁣(⁣١)

  وقال أَيْضاً:

  سليمِ الشَّظَى عَبل الشَّوَى شَنِجِ النَّسا ... له حجباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفَالِ⁣(⁣٢).

  قال شيخنا: والصَّوابُ جَوازُه وحمله على إضَافةِ العامِّ إلى الخاصِّ، انتَهَى.

  قُلْت: وحكَاهُ الكِسائي وغيرُهُ، وحكَاهُ أَبو العبَّاسِ في الفَصِيح وإن كانَ ابنُ سِيدَه خَطَّأَه.

  قال ابنُ برِّي: جاءَ في التَّفْسِيرِ عن ابنِ عبَّاس وغيرِهِ: {كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ}، قالوا: حَرَّم إسْرائيل لحومَ الإِبِلِ لأنَّه كانَ به عِرْق النَّسا، فإذا ثَبَتَ أنَّه مَسْموعٌ فلا وَجْه لإِنْكارِ قولِهم عِرْقُ النَّسا؛ قالَ: ويكونُ من بابِ إضافَةِ المُسَمَّى إلى اسْمِه كـ {حَبْلِ الْوَرِيدِ} ونحوِهِ؛ ومنه قولُ الكُمَيْت:

  إلَيْكم ذَوي آلِ النَّبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازعُ قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ

  أَي إلَيْكم يا أَصْحاب هذا الاسْم، قالَ: وقد يُضافُ الشيءُ إلى نفْسِه إذا اخْتَلَف اللَّفْظانِ كـ {حَبْلِ الْوَرِيدِ} و {حَبَّ الْحَصِيدِ} وثَابِتِ قُطْنةَ وسعِيدِ كُرْز، ومثْلُه فقلْتُ انْجُوَا عنها نَجا الجِلْدِ؛ والنَّجا: هو الجِلْدُ المَسْلوخُ.

  وقولُ الآخر:

  تُفاوِضُ مَنْ أَطْوي طَوَى الكَشْح دُونه

  وقالَ فَرْوةُ بنُ مُسَبْك:

  لمَّا رأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدةَ أَعْرَضَتْ ... كالرَّحلِ خانَ الرّحلَ عِرْقُ نَسائِها⁣(⁣٣)

  قالَ: وممَّا يقوِّي قولَهم عِرْقُ النَّسا قولُ هِمْيان:

  كأنَّما يَبْجَع عِرْقا أَنْبَضِه⁣(⁣٤)

  والأَنْبَضُ: هو العِرْقُ، انتَهَى.

  وقد مَرَّ بعضُ ذلكَ في نجو قرِيباً، وفي قطن، وفي كرز، وأوْرَدَه ابنُ الجيان في شرْحِ الفصيح.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  تَصغيرُ نِسْوةٍ: نُسَيَّةٌ؛ ويقالُ نُسَيَّاتٌ، وهو تَصْغيرُ الجَمْع؛ كما في الصِّحاحِ.

  وجَمْعُ النَّسا، للعِرْقِ: أَنْساءٌ؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي لأبي ذُؤَيْب:

  مُتَفَلِّقُ أَنْساؤُها عن قانِئٍ ... كالقُرْطِ صاوٍ وغُبْرُه لا يُرْضَعُ⁣(⁣٥)

  أَرادَ: تَنْفَلقُ فَخِذاه عن مَوْضِع، النَّسا، لمَّا سَمِنَتْ تفرَّجَت اللحْمَةُ فظَهَرَ النَّسا.

  وأَبْرق النّسا: في دِيارِ فَزارَةَ؛ وقد ذُكِرَ في القافِ.

  وقد يُمَدُّ نَسا للمَدينَةِ التي بفارِسَ؛ قال شاعرٌ في الفُتوحِ:

  فَتَحْنا سَمَرْقَنْد العِرِيضَةَ بالقَنا ... شِتاءً وَأَرعنا نَؤُوم نَساءِ

  فلا تَجْعَلنا يا قُتَيْبَة والذي ... يَنامُ ضُحًى يَوْم الحُرُوبِ سواءِ⁣(⁣٦)

  نقلَهُ ياقوت.

  [نسي]: ي نَسِيَهُ، كرَضِيَ؛ وإنَّما أَطْلَقه عن الضَّبْط لشُهْرتِه؛ يَنْساهُ نَسْياً ونِسْياناً ونِسايَةً⁣(⁣٧)، بكسْرهنَّ، ونَسْوَةً، بالفتح، كذا مُقْتضَى سِياقِه؛ ووُجِدَ في نسخ، المُحْكم بالكَسْر أَيْضاً، وكذا في التكْملَةِ بالكَسْر أَيْضاً، وأنْشَدَ ابنُ خَالَويه في كتابِ اللغاتِ:


(١) ديوانه ط بيروت ص ١١١.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٤٣ برواية «على الغالى».

(٣) اللسان وفيه:

كالرّجْل خان الرّجْلَ عرق نسائها

(٤) في اللسان «أبيضه» وفي التفسير: الأبيض: هو العرق.

(٥) ديوان الهذليين ١/ ١٦ واللسان والصحاح.

(٦) معجم البلدان «نسا» وفيه: وأوعسنا بدل وأرعنا.

(٧) على هامش القاموس عن نسخة: ونِساوَةً.