تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جرب]:

صفحة 360 - الجزء 1

  فُطِمَ، وَرُبَّمَا يَهْلِكُ، ويُفهم من كلام الأَساس أَنه مأْخوذ من قولهم: انْجَذَبُوا في السَّيْرِ، وانْجَذَبَ بهم السَّيْرُ: ساروا⁣(⁣١) بعِيداً. فيُنظرُ مع تفسير المُؤلّف، ورواه بعضُهم بالدّال المهملة، ونقل شيخنا: والأَصوبُ قولُ الأَزهريّ عن الأَصمعيّ خَدَبَاتٍ أَي بالخَاء المعجمة، جمع خَدْبَة فَعْلَة مِن خَدَبَتْهُ الحَيَّةُ: نَهَشَتْهُ، يُضْرَب لواقعٍ في هَلَكَةٍ، وللجَائرِ عن قَصْدِه، ويأْتي للمصنِّف، ونقل شيخُنَا أَيضاً أَنه أُخِذَ من كلام الميدانيّ أَنه يقالُ جُذِبَ الصَّبِيُّ إِذا فُطِم، وظاهِرُ المصنّفِ كالجَوْهرِيِّ أَنه يكونُ للمُهْرِ، لأَنه ذَكرَه مُقيَّداً به.

  قلت: وقد أَسْبَقْنَا النقْلَ عن التهذيب في ذلك ما يُغنِي النقل عن معنى المَثل.

  [جرب]: الجَرَبُ مُحَرَّكَةً م خِلْطٌ غَلِيظٌ يَحْدُثُ تحتَ الجِلْدِ من مُخَالَطَةِ البَلْغَم المِلْحِ للدَّمِ، يكونُ معه بُثُورٌ، ورُبَّمَا حَصَلَ معه هُزَالٌ لكَثْرَته، نقله شيخُنا عن المصباح، وأَخْصَرُ من هذا عبارةُ ابنِ سيده: بَثْرٌ يَعْلُو أَبْدَانَ النَّاسِ والإِبلِ، وفي الأَساس: وفي المَثَلِ: «أَعْدَى مِنَ الجَرَبِ عِنْدَ العَرَبِ» جَرِبَ، كَفَرِحَ يَجْرَبُ جَرَباً فَهُوَ جَرِبٌ وجَرْبَانُ وأَجْرَبُ المعروفُ في هذه الصفاتِ الأَخِيرُ ج جُرْبٌ كأَحْمَرَ وحُمْرٍ، وهو القِيَاسُ، وجَرْبَى كقَتْلَى، ذَكَرَهُ الجوهَرِيُّ وابنُ سِيدَه، وهو يَحْتَمِلُ كونَه جمْعَ أَجْرَبَ أَو جَرْبَانَ كَسَكْرَان، على القِيَاس، وجِرَابٌ بالكسر، يجوزُ أَن يكون جَمْعاً لأَجْرَبَ كأَعْجَفَ وعِجَافٍ، كما جَزَم به في المصباح وصرح به أَنه على غيرِ قِياس، وزَعَم الجوهَرِيُّ أَنهُ جَمْعُ جُرْبٍ الذي هو جمع أَجْرَبَ⁣(⁣٢)، فهو عنده جَمْعُ الجَمْعِ، وهو أَبْعَدُهَا، كذا قاله شيخُنا، وأَجَارِبُ، ضَارَعُوا به الأَسماءَ كأَجادِلَ وأَنَامِلَ.

  وأَجْرَبُوا جَرِبَتْ إِبِلُهُمْ وهو أَي الجَرَبُ على ما قال ابنُ الأَعرابيّ: العَيْبُ، وقال أَيضاً: الجَرَبُ: صَدَأُ السَّيْفِ، وهو أَيضاً كالصَّدَا مقصور يَعْلُو باطِنَ الجَفْنِ ورُبَّمَا أَلْبَسَه كُلَّه، ورُبما رَكِبَ بَعْضَه، كذا في المحكم.

  والجَرْبَاءُ: السَّمَاءُ سُمِّيَت بذلك لموضع المَجَرَّةِ، كأَنَّهَا جَرِبَتْ بالنُّجُوم قاله الجوهَرِيُّ⁣(⁣٣)، وابنُ فارِسٍ، وابنُ سِيده، وابن منظور، ونقله شيخنا عن الأَوَّلين، زَادَ ابنُ سيده: وقال الفَارِسِيُّ: كَمَا قِيلَ لِلْبَحْرِ أَجْرَدُ، وكما سَمَّوُا السَّمَاءَ أَيضاً: رَقِيعاً، لأَنَّها مَرْقُوعَةٌ بالنجُوم، قال أُسَامَةُ بنُ حَبِيبٍ الهُذَلِيُّ:

  أَرَتْهُ مِنَ الجَرْبَاءِ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ ... طِبَاباً فَمَثْوَاهُ النَّهَارَ المَرَاكِدُ

  أَو الجَرْبَاءُ: النَّاحِيَةُ من السماءِ التي يَدُورُ⁣(⁣٤) فيها فَلَكُ الشَّمْسِ والقَمَرِ كذا في المحكم قال: وجِرْبَةُ مَعْرِفَةً: اسْمٌ للسَّمَاءِ، أُرَاهُ مِنْ ذلكَ، ولم يَتعرَّضْ له شيخُنا، كما لم يتعرضْ لمادَّة جذب إِلا قليلاً، على عادَتِه، وقال أَبو الهَيْثَمِ: الجَرْبَاءُ والمَلْسَاءُ: السَّمَاءُ الدُّنْيَا: والجَرْبَاءُ: الأَرْضُ المَحْلَةُ⁣(⁣٥) المَقْحُوطَةُ لا شَيْءَ فيها، قاله ابن سيده، وعن ابن الأَعْرَابِيّ: الجَرْبَاءُ: الجَارِيَةُ المَلِيحَةُ: سُمِّيَت جَرْبَاءَ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَنْفِرْنَ عَنْها لِتَقْبِيحها بِمحَاسِنِهَا مَحَاسِنَهُنَّ، وكان لعَقِيلِ بنِ عُلَّفَةَ المُرِّيِّ بنْتٌ يقالُ لَهَا الجَرْبَاءُ، وكانت من أَحْسَنِ النِّسَاءِ.

  والجَرْبَاءُ: ة بجَنْبِ⁣(⁣٦) أَذْرُحَ بالذَّالِ المُعْجَمَةِ والرَّاءِ والحَاءِ المُهْمَلَتَيْنِ، قال عياضٌ: كذا للجمهورُ، ووقع للعذيريّ في رواية مُسْلِم ضبطُهَا بالجِيمِ، وهو وَهَمٌ، وهُمَا: قَرْيَتَانِ بالشَّأْمِ، ثُمَّ إِنّ صَرِيحَ كلامِ المُؤَلِّفِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا ممدودةٌ، وهو الثابتُ في الصَّحِيحِ، وجَزَمَ غَيْرُهُ بكَوْنِهَا مَقْصُورَةً، كذا في المطالع والمشارق، وفيهما نسبةُ المَدِّ لِكِتَابِ البُخَارِيِّ، قال شيخُنَا: قلت: وقد صَوَّبَ النَّوَوِيُّ في شَرْح مُسْلِمٍ القَصْرَ قالَ: وكذلك ذَكَره الحَازِمِيُّ والجُمْهُور وَغَلِطَ، كَفَرِحَ، وفي نسخة، مُشَدَّداً مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مَنْ قَالَ بَيْنَهُمَا ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، وهو قولُ ابنِ الأَثِيرِ، وقَدْ وَقَعَ في روَايَة مُسْلِمٍ، وَنَبَّهَ عليه عِيَاضٌ وغَيْرهُ وقالوا: الصَّوَابُ ثَلَاثَةُ أَمْيالٍ وإِنَّمَا الوَهَمُ مِنْ رُوَاةِ الحَدِيثِ مِنْ إِسْقَاطِ زِيَادَةٍ ذَكَرَهَا الإِمَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ في كِتَابِهِ وهِي أَي


(١) عن الأساس، وبالأصل «امتاروا» وقد مرت الإشارة إلى ذلك في المادة.

(٢) قال ابن بري معقباً: ليس بصحيح، إنما جِراب وجُرْب جمع أجْربَ.

(٣) عبارة الصحاح: والجرباء: السماء، سميت بذلك لما فيها من الكواكب، كأنها جرب لها. وفي المقاييس: شبهت كواكبها بجرب الأجرب.

(٤) في اللسان: التي لا يدور فيها ...

(٥) اللسان: أرض جرباء: ممحلة مقحوطة لا شيء فيها.

(٦) في القاموس: «وقرية بجنب ..» دون ذكر الرمز «ة».