تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كيف]:

صفحة 473 - الجزء 12

  وأَما الثّانِي فقد ضَبَطَه ياقوتٌ والصّاغانِيُّ بالفَتْح، ومنه قولُ بِشْرِ بنِ أَبي خازِمٍ:

  يَسُومُونَ الصَّلاحَ بذاتِ كَهْفٍ ... وَما فِيها لَهُم سَلَعٌ وقارٌ

  وَقولُ عَوْفِ بنِ الأَحْوَصِ:

  يَسُوقُ صُرَيْمٌ شاءَها من جُلاجلٍ ... إِليَّ ودُونِي ذاتُ كَهْفٍ وقُورُها

  وَأَما الثالِثُ فقد ذَكَرَه ابنُ دُرَيْدٍ، وتَقَدّمت الإِشارةُ إِليه.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ: تَكَهَّفَ الجَبَلُ: صارَ تْ فيه كُهُوفٌ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  ناقَةٌ ذاتُ أَرْدافٍ وكُهُوفٍ، وهي ما تَراكَبَ في تَرائِبِها وَجَنْبَيْها من كَرادِيسِ اللَّحْمِ والشَّحْمِ، وهو مجازٌ نقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ⁣(⁣١) وابنُ عَبّادٍ.

  وَتَكَهَّفَت البِئْرُ، وتَلَجَّفَت، وتَلَقَّفَت: إذا أَكَلَ الماءُ أَسْفَلَها فَسَمِعْتَ للماءِ في أَسْفَلِها اضْطِراباً، نقله ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٢).

  وَتَكَهَّفَ، واكْتَهَفَ: لَزِمَ الكَهْفَ.

  وَكَهْفَةُ: اسمُ امْرَأَةٍ، وهي: كَهْفَةُ بنتُ مَصادٍ أَحدِ بَنِي نَبْهانَ.

  [كيف]: الكَيْفُ: القَطْعُ وقد كافَه يَكِيفُه، ومِنه: كَيَّفَ الأَدِيمَ تَكْيِيفاً: إذا قَطَعَه.

  وكَيْفَ، ويُقال: كَيْ بحَذْفِ فائِه، ما قالُوا في سَوْفَ: سَوْ، ومنه قولُ الشّاعرِ:

  كَيْ تَجْنَحُونَ إلى سَلْمٍ وما ثُئِرَتْ ... قَتْلاكُمُ⁣(⁣٣)، ولَظَى الهَيْجاءِ تَضْطَرِمُ

  كما في البَصائِرِ، قال الجوْهَرِيّ: اسمٌ مُبْهَمٌ غيرُ مُتَمَكِّنٍ وَإِنّما حُرِّكَ آخِرُه للسّاكِنَيْنِ، وبُنِي بالفَتْحِ دونَ الكَسْرِ لمَكانِ الياءِ كمَا في الصِّحاحِ، وقال الأَزْهرِيُّ: كَيْفَ: حرفُ أَداةٍ، ونُصِبَ الفاءُ فِرارًا⁣(⁣٤) به من الياءِ الساكنةِ فيها؛ لئلّا يَلْتَقِيَ ساكنانِ.

  والغالبُ فيه أَنْ يَكُونَ اسْتِفهاماً عن الأَحْوالِ إِما حَقِيقِيًّا، ككَيفَ زَيْدٌ؟ أَو غَيْرَهُ مثل: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ⁣(⁣٥) فإِنَّهُ أُخْرِج مُخْرَجَ التَّعَجُّبِ والتّوْبِيخِ، وقالَ الزَّجَاجُ: كيفَ هُنا: اسْتِفْهامٌ في معنَى التَّعَجُّبِ، وهذا التَّعَجُّبُ إِنّما هو للخَلْق وَللمُؤْمِنِينَ، أي اعْجَبُوا من هؤلاءِ كيفَ يَكْفُرُونَ بالله وقد ثَبَتَتْ حُجَّةُ الله عليهم؟ وكذلِكَ قولِ سُوَيْدِ بنِ أَبي كاهِلٍ اليَشْكُرِيِّ:

  كيفَ يَرْجُونَ سِقاطِي بَعْدَ ما ... جَلَّلَ الرّأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟

  فإِنّه أُخْرِجَ مُخْرَجَ النَّفْيِ أي: لا تَرْجُوا مِنِّي ذلِك.

  ويَقَعٌ خَبَرًا قَبْلَ ما لا يَسْتَغْنِي عَنْه، كَكَيْفَ أَنْتَ؟ وكَيْفَ كُنْتَ؟.

  ويَكُونُ حالاً لا سُؤالَ معه، كقَوْلِكَ: لأُكْرِمَنَّكَ كَيْفَ كُنْتَ، أي: عَلَى أيَّ حالٍ كُنْتَ، وحالاً قَبْلَ ما يَسْتَغْنِي عَنْهُ، كَكَيْفَ جاءَ زَيْدٌ؟

  ويَقَعُ مَفْعولاً مُطْلَقًا مثل: كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ⁣(⁣٦).

  وَأَما قَوْلُه تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ⁣(⁣٧) فهو تَوْكِيدٌ لِما تَقَدَّمَ من خَبَرٍ، وتَحْقِيقٌ لما بعدَه، على تَأْوِيلِ إنَّ الله لا يَظْلِمُ مِثْقال ذَرَّةٍ في الدُّنْيا، فكَيْفَ في الآخِرَةِ؟

  وقِيلَ: كيفَ يُسْتَعْمَلُ على وَجْهَيْنِ: أَحَدُهما: أَن يكونَ شَرْطاً، فيَقْتَضِي فِعْلَيْنِ مُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ وَالمَعْنَى، غيرَ مَجْزُومَيْنِ، كَكَيْفَ تَصْنَعُ أَصْنَعُ ولا يَجُوزُ كَيْفَ تَجْلِسُ أَذْهَبُ باتِّفاقٍ.

  وَالثانِي - وهو الغالِبُ -: أَنْ يكونَ اسْتِفْهاماً، وقد ذَكَرَه المُصَنِّفُ قَرِيباً⁣(⁣٨).


(١) وشاهده في الأساس قول الشاعر:

حسرَّ منه الخمس عن كهوفِ ... مثل أعالي الظُفُن الوقوفِ

(٢) انظر الجمهرة ٣/ ١٩٥.

(٣) عن المغني ص ٢٤١ و ٢٧٠ وبالأصل «قتلا لكم».

(٤) عبارة التهذيب: فرارًا من التقاء الساكنين فيها.

(٥) سورة البقرة الآية ٢٨.

(٦) سورة الفيل الآية ١ قال ابن هشام في المغني ص ٢٧١ إذ المعنى أي فعل فعل ربك؟ ولا يتجه فيه أن يكون حالاً من الفاعل.

(٧) سورة النساء الآية ٤١.

(٨) انظر في المغني ص ٢٧٠ - ٢٧١ شروحات لوجهي استعمال كيف.