تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لمز]:

صفحة 145 - الجزء 8

  وشَنٌّ ولُكَيْزٌ، كزُبير: ابْنَا أَفْصَى بن عَبْد القَيْس بن أَفْصَى بن دُعْميِّ بن جَديلَةَ، يقال: إِنهما كانَا مع أُمِّهما ليْلَى بنْت قُرّانَ في سَفَرٍ حتَّى نَزَلَتْ ذا طُوى، فلمّا أَرادَت الرَّحيلَ فَدَّتْ لُكَيْزاً، أَي قالتْ له: فِدَاكَ أَبي وأُمِّي، ودَعَتْ شَنًّا ليَحْملَها، فحَمَلَهَا وهو غَضْبَانُ، حتّى إِذا كانا⁣(⁣١) في الثَّنِيَّة رَمَى بها عن بَعيرهَا فَمَاتَتْ، فقال شَنٌّ: «يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفَدَّى لُكَيْزٌ» فَجَرَى مَثَلاً، يُضْرَبُ في وَضْع الشَيءِ في غير مَوْضِعه، وقيل: يُضْرَبُ لمَنْ يُعَاني مِرَاسَ العَمَل فيُحْرَمَ، ويَحْظَى غيرُه فيُكْرَمُ، ثمّ قال شَنٌّ لأَخيه: عَلَيْكَ بجَعَرَاتِ أُمِّكَ يا لُكَيْزُ. وهذه الجملَةُ الأَخيرَةُ غيرُ محتاجةٍ في الإِيرَاد هنا، وقد تَرَكَهَا غَيرُه من المُصَنِّفين نَظَراً للاختصار؛ فإِنّ الإِطالةَ في بَيانِ قَصَصٍ مَحَلُّه كُتُبُ الأَمْثَالِ، ولذا اقْتَصَرَ الجوْهَريُّ على إِيرادِ المَثَلِ فقط.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  لَاكَزَه مُلَاكَزَةً، وتَلَاكَزَا.

  ومن المَجَاز: هو مُلَكَّزٌ، كمُعَظَّمٍ، أَي ذَليلٌ مُدَفَّعٌ عن الأَبْوَاب، كما في الأَسَاس.

  [لمز]: اللَّمْزُ: العَيْبُ في الوَجْه. وقال الفَرّاءُ: الهَمْزُ واللَّمْزُ والمَرْزُ واللَّقْسُ والنَّقْسُ: العَيْبُ. وأَصلُه الإِشارةُ بالعَيْن ونَحوِهَا، كالرَّأْس والشَّفَة مع كلامٍ خَفيٍّ. وقيل: هو الاغْتيابُ.

  لَمَزَهُ يَلْمُزُهُ ويَلْمِزُه، من حَدِّ ضَرَبَ ونَصَرَ، وقُرئَ بهما قولُه تعالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ} يَلْمِزُكَ {فِي الصَّدَقاتِ}⁣(⁣٢).

  واللَّمْزُ: الضَّرْب، وقد لَمَزَه لَمْزاً، أَي ضَرَبَه وقال أَبو مَنْصُور: الأَصْلُ في الهَمْز واللَّمْز: الدَّفْعُ، قال الكسائيُّ: يقال: هَمَزْتُه ولَمَزْتُه⁣(⁣٣)، إِذا دَفَعْتَه.

  ولَمَزَه القَتِيرُ أَي، الشَّيْبُ، يَلْمُزُه ويَلْمِزُه - أَي من بابَيْ نَصَر وضَرَبَ، ولم يُحْتَجْ إِلى إِعادتهما ثانياً، وهذا الحرفُ نقَلَه من التَّكْملَة وليس فيها ذِكْرُ البابَيْن -: ظَهَرَ فيه. ونَصُّ الصاغَانيِّ: «لَمَزَه القَتِيرُ». ولا يَخْفَى أَنّ هذه العبارَةَ أَفْوَدُ من عبارَة المصنِّف. واللَّمَاز، كسَحَاب، واللُّمَزةُ مثلُ هُمَزَةٍ: العَيّابُ للنّاس، وكذلك امرأَةٌ لُمَزَةٌ، الهاءُ فيها للمبالغَة لا للتَّأْنيث.

  أَو اللُّمَزَةُ: الذي يَعِيبُكَ في وَجْهِك، والهُمَزَةُ: مَن يَعيبُك في الغَيْب.

  أَو الهُمَزَةُ: المُغْتابُ للنّاس، واللُّمَزَةُ العَيّابُ لهم.

  أَو هما بمعنًى وَاحِدٍ، هكذا قالَه الزَّجَّاجُ وابنُ السِّكِّيت، ولم يُفَرِّقَا بينهما وقالا: الهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ: الذي يَغْتَابُ النّاسَ ويَغُضُّهم. ورُوِيَ عن ابن عَبّاسٍ في تفسير قوله تعَالَى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} لُمَزَةٍ⁣(⁣٤) قال: هو المَشّاءُ بالنَّميمَة والمُفَرِّقُ بين الجَمَاعَةِ المُفَرِّقُ بين الأَحبَّة.

  أَو الهُمَزَةُ: المُغْتَابُ في الوَجْه، واللُّمَزَةُ المُغْتَابُ في القَفَا.

  وقال اللَّيْث: الهُمَزَةُ: الذي يَهْمِزُ أَخاه في قَفَاه من خَلْفه، واللُّمَزَةُ: في الاستقبال.

  وقال ابنُ القَطّاع لَمَزَه لَمْزاً: لَقِيَه بالعَيْب له.

  أَو الهُمَزَةُ: الطَّعّانُ في النَّاس بذِكْر عُيُوبهم، واللُّمَزَةُ: الطَّعّانُ في أَنْسَابهم.

  أَو الهُمَزَةُ: بالعَيْن، واللُّمَزَةُ: باللِّسَان، أَو عَكْسُه.

  والصحيح أَنّ هذه الأَقْوَالَ داخلةٌ في قوله أَوّلاً: «الهُمَزَةُ: المُغْتَابُ»؛ فإِنّ الذي يَغْتَابُهم أَعَمُّ من أَنْ يكون بالشِّدْق أَو بالعَيْن أَو بالرَّأْس، حَقَّقه غيرُ وَاحدٍ من أَئمَّة الاشتقاق.

  فقولُه: أَقوالٌ أَطالَ بذكْرهَا كِتابَه خُرُوجاً عن جادَّة التَّحْقيق، كَما هو ظاهرٌ عند التَّأَمُّل، وسَيَأْتي ذكْرُ بعضها في مَادة همز.

  والتَّلَمُّزُ: التَّلَمُّسُ، نقلَه الصاغانيُّ، وهو بَدَلٌ.

  والتَّلَمُّزُ: السُّرْعَةُ في السَّيْر، نقلَه الصاغانيُّ أَيضاً، وبه فُسِّرَ قولُ مَنْظُور بن حَبَّةَ:

  حادِي المَطَايَا خافَ أَنْ تَلَمَّزَا ... يُحْسَبْنَ منْ حَنْذِ المَوَامِي نُحَّزَا


(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «كانوا».

(٢) سورة التوبة الآية ٥٨.

(٣) اللسان: همزته ولمزته ولهزته.

(٤) الآية الأولى من سورة الهمز.