تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قرأ]:

صفحة 218 - الجزء 1

  الرجال وهم قِنْدَأْوُونَ وقيل: هو الكبير العظيم الرأْسِ الصغيرُ الجِسْمِ المَهزولُ. والقِنْدَأْوُ أَيضاً: الجَرِيءُ المُقْدِمُ، التمثيلُ لِسيبويه، والتفسير للسيرافي. والقَصيرُ⁣(⁣١) العُنُق الشديدُ الراسِ قاله الليث وقيل: هو الخَفيف، والصُّلْبُ وقد همز الليثُ: جَمَلٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ، واحتجّ بأَنه لم يَجِئْ بِنَاءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلَّا وثانيه نُونٌ، فلما لم يَجِئْ هذا البناءُ بغيرِ نُونٍ عَلِمنا أَنّ النونَ زائدةٌ فيها، كالقِنْدَأَوَةِ بالهاء في الكُلِّ مما ذُكر، وفي عبارته هذه تَسامحٌ، فإِن الصحيح أَن السَّيِّءَ الخُلُقِ والغِذاءِ والخَفيفَ يقال فيها بالوجهَيْنِ، وأَما ما عدا ذلك فالثابت فيه القِنْدَأْوُ فقط، وأَكثرُ ما يُوصَف به الجَمَلُ، يقال جَمَلُ قِنْدَأْوٌ أَي صُلْبٌ، وناقة قِنْدَأْوَة جَرِيّة⁣(⁣٢) قال شَمِرٌ: يهمز ولا يهمز والجَرْيُ هو السُّرْعة، وقد قال في عبارة والجَرِيءُ المُقْدِم، فلا يُقال إِن المصنف غَفَلَ عما في الصحاح ناقة قِنْدَأْوَةٌ: سَرِيعَةٌ، كما زعمه شيخنا وَوَهِم أَبو نَصْرِ الجوهريُّ فذكره في حرف الدال المهملة، بناءً على أَن الهمزة والواو زائدتان، كما تقدم، وهو مذهبُ ابنِ عُصفور، وأَنت خبيرٌ بأَنَّ مثل هذا لا يُعَدُّ وَهَماً، فلْيُتَأَمَّلْ.

  [قرأ]: القُرْآن هو التنزيلُ العزيزُ، أَي المَقروءُ المكتوب في المَصاحف، وإِنما قُدِّم على ما هو أَبْسَطُ منه لشرفه.

  قَرَأَه وقَرأَ به بزيادة الباءِ كقوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}⁣(⁣٣) وقوله تعالى: {يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ}⁣(⁣٤) أَي تُنْبِتُ الدُّهْنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ وقال الشاعر:

  هُنَّ الحَرَائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ ... سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ

  كنَصَرَه عن الزجاجي، كذا في لسان العرب، فلا يقال أَنكرها الجماهير ولم يذكرها أَحدٌ في المشاهير كما زعمه شيخُنا وَمَنَعه، قَرْءاً عن اللحياني وقِراءَةً ككِتابةٍ وقُرْآناً كعُثْمَان فهو قارِئٌ اسم فاعل مِن قومٍ قَرَأَةٍ كَكَتبةٍ في كاتبٍ وقُرَّاءٍ كعُذَّالٍ في عاذِلٍ وهما جَمْعَانِ مُكَسَّرَانِ وقَارِئينَ جمع مذكر سالم: تَلَاهُ، تَفْسِيرٌ لِقَرأَ وما بعده، ثم إِن التِّلاوَةَ إِمَّا مُرادِفٌ للقراءَةِ، كما يُفْهَم من صَنِيع المُؤَلّف في المعتلّ، وقيل: إِن الأَصل في تَلا معنى تَبِعَ ثم كَثُر كاقْتَرَأَه افتَعَل من القراءَة يقال اقْتَرَأْتُ، في الشعر وأَقْرَأْتُه أَنا وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً، ومنه قيل: فُلانٌ المُقْرِئ، قال سيبويه، قَرأَ واقترأَ⁣(⁣٥) بِمعْنًى، بِمَنزِلةِ عَلَا قِرْنَه واستعْلَاهُ وَصحيفةٌ مَقْروءَةٌ كمَفعولة، لا يُجيز الكسائيُّ والفرَّاءُ غيرَ ذلك، وهو القياس وَمَقْرُوَّةٌ كمَدْعُوَّة، بقَلْبِ الهمزةِ واواً، ومَقْرِيَّةٌ كمَرْمِيَّةٌ، بإِبدال الهمزة ياءً، كذا هو مضبوطٌ في النُّسخ، وفي بعضها مَقْرِئَة كمَفْعِلَةٍ، وهو نادِرٌ إِلَّا في لغةِ من قال: قَرِئْتُ.

  وَقَرَأْتُ الكِتَابة⁣(⁣٦) قِراءَةً وقُرْآناً، ومنه سُمِّيَ القُرْآنُ، كذا في الصحاح، وسيأْتي ما فيه من الكلام. وفي الحديث: «أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ» قال ابنُ الأثير⁣(⁣٧) قيل: أَرادَ: مِنْ جَماعةٍ مَخصوصين، أَو في وَقْتٍ من الأَوْقَاتِ، فإِن غيرَه [كان]⁣(⁣٨) أَقرَأُ منه، قال: ويجوز أَن يُريد به أَكثرهم قِرَاءَةً، ويجوز أَن يكون عاماًّ وأَنه أَقْرَأُ أَصحابِه⁣(⁣٩) أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفَظُ.

  وقَارَأَهُ مُقَارَأَةً وقِرَاءً كَقِتالٍ: دَارَسَه.

  واسْتَقْرَأَه: طَلَب إِليه أَن يَقْرأَ.

  وفي حديث أُبَيٍّ في سُورَةِ الأَحزاب: إِنْ كَانَتْ لَتُقَارِئ سُورَةَ البَقَرَة، أَوْ هِي أَطْوَلُ. أَي تُجَارِيها مَدَى طُولِها فِي القِرَاءَةِ، أَو أَنّ قَارِئَها لَيُساوِي قَارِئ البَقَرَة في زمنِ قِرَاءَتِها، وهي مُفَاعلَةٌ مِن القِراءَة. قال الخطَّابِيّ: هكَذَا رواه ابنُ هَاشِمٍ⁣(⁣١٠)، وأَكثرُ الرِّوايات: إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي.

  والقَرَّاءُ. كَكَتَّانٍ: الحَسَنُ القِرَاءَةِ ج قَرَّاءُونَ، ولا يُكَسَّر أَي لا يُجْمع جَمْعَ تكسيرٍ والقُرَّاءُ كَرُمَّان: الناسِك المُتَعَبِّد مثل حُسَّانٍ وجُمَّال، قال شيخنا: قال الجوهريُّ: قال الفَرَّاءُ: وأَنْشدَني أَبو صَدَقَةَ الدُّبَيْريُّ:


(١) اللسان: الصغير.

(٢) في اللسان: «وناقة قندأوة جريثة» وفي هامشه: قوله: «ناقة قندأوة جريئة» كذا هو في المحكم والتهذيب بهمزة بعد الياء، فهو من الجراءة لا من الجري».

(٣) سورة المؤمنون الآية ٢٠.

(٤) سورة النور الآية ٤٥٣.

(٥) عن اللسان؛ وبالأصل: وأقرأ.

(٦) اللسان: الكتاب.

(٧) عن اللسان، والحديث في النهاية لابن الأثير (قرأ).

(٨) زيادة عن النهاية.

(٩) قال الهروي في غريبه: «ويجوز أن يحمل «أقرأ» على قاري، والتقدير قاريء من أمتي أبيّ، قال اللغويون: الله أكبر، بمعنى كبير».

(١٠) كذا بالأصل واللسان، وفي النهاية: ابن هشام.