تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نقم]:

صفحة 705 - الجزء 17

  ومِن شواهِدِ المطول:

  وِنَغْمَةُ معتفٍ جَدْواه أَحْلى ... على أُذُنَيْه من نغمِ السّماعِ

  قالَ ابنُ سِيْدَه: هذا قَوْلُ اللّغويِّين، وعنْدِي أنَّ النَّغَم اسْمُ الجَمْع كما حَكَاه سِيْبَوَيْه مِن أنَّ حَلَقاً وفَلَكاً اسْمُ جَمْع حَلْقةٍ وفَلْكةٍ لا جَمعٌ لهما، وقد يكونُ نَغَمٌ مُتحرِّكاً مِن نَغْمٍ.

  وِنَغَمَ فلانٌ في الغِناءِ، كضَرَبَ ونَصَرَ وسَمِعَ.

  الأُوْلى نَقَلَها الجَوْهرِيُّ.

  والثانِيَةُ قالَ فيها ابنُ سِيْدَه: وأُرَى الضمَّةَ لُغَةً.

  وأَمَّا الثالثةُ: فأَخَذَها مِن سِياقِ الجَوْهرِيُّ، وفيه نَظَرٌ فإنَّه قالَ: نَغَمَ يَنْغِمُ وِيَنْغِمُ نَغْماً فليسَ فيه تَصْريحٌ بأَنَّه مِن حَدِّ سَمِعَ، ولو كانَ كَذلِكَ لقالَ: وِنَغَمَ يَنْغِمُ، فلمَّا لم يفرد ماضِيه عَرَفْنا أَنَّه مِن حَدِّ مَنَعَ فتأَمَّل ذلِكَ.

  يقالُ: سَكَتَ فلانٌ فما نَغَم بحَرْفٍ وِما تَنَغَّمَ مِثْله.

  وِنَغَمَ في الشَّرابِ: شَرِبَ منه قَلِيلاً كنَغَبَ، حَكَاه أَبو حَنِيفَةَ؛ وقد يكونُ بَدَلاً، قالَهُ ابنُ سِيْدَه.

  وِالنُّغْمَةُ، بالضَّمِّ: الجُرْعَةُ، كالنُّغْبَةِ، ج نُغَمٌ، كصُرَدٍ، عن أَبي حَنِيفَةَ.

  وصَرَّحَ ابنُ الأَعْرابيِّ أنَّه مِن البَدَلِ.

  وِقد نَغَمَ نَفَساً.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  ناغَمَهُ مُناغَمَةً: حادَثَهُ.

  وِالنِّغَمُ، بكسْرٍ ففتحٍ: جَمْعُ نَغْمَة، بالفتحِ، كخَيْمةٍ، وخِيَمٍ: أَوْرَدَه الشَّهابُ في شرْحِ الشفاءِ، وتوقف في ثبوتِه شيْخنا.

  وتُجْمَعُ النّغْمَةُ على الأَنْغامِ، وجَمْعُ الجَمْعِ: أَناغِيمُ.

  ورجُلٌ نَغَّامٌ، كشَدَّادٍ: كَثيرُ النّغْمَةِ. وِنَغُومٌ، كصَبُورٍ: حَسَنُها.

  [نقم]: النِّقْمَةُ، بالكسْرِ والفتحِ وكفَرِحَةٍ الأَخيرَةُ هي الأَصْلِ.

  والأُوْلى مَنْقولَةٌ منها بالتَّخْفيفِ والاتْباعِ بتَسْكينِ القافِ ونَقْلِ حَرَكَتها إلى النّونِ، كما هو في الصِّحاحِ.

  والثانِيَةُ نَقَلَها ابنُ سِيْدَه وهي أَيْضاً مَنْقولَةٌ.

  المُكافَأَةُ بالعُقوبَةِ، قالَهُ اللّيْثُ، وقد يكونُ الإِنْكارُ باللِّسانِ.

  وجَعَلَه الرَّاغبُ أَصْلاً لمعْنَى النّقْمَة.

  ج نَقِمٌ ككَلِمٍ، هو جَمْعُ الأَخيرَةِ؛ وعِنَبِ هو جَمْعُ الثانِيَة، ونَظَرَه الجَوْهرِيُّ بنَعْمَةٍ ونِعَم، وكَلِمَاتٍ، هو جَمْعُ الأَخيرَةِ أَيْضاً؛ ففيه لفٌّ ونشْرٌ غيرُ مُرتَّبٍ.

  وأَمَّا ابنُ جنيِّ فقالَ: نَقِمَه كفَرِحَةٍ، وِنَقِم كعِنَبٍ على خِلافِ القِياسِ عَدَلوا عنه إلى أَنْ فَتَحوا المَكْسورَ وكَسَروا المَفْتوحَ.

  ولم يَرْتَضِهْ ابنُ سِيْدَه. وفاتَه جَمْع الثانِيَةِ، والقِياسُ يَقْتَضِي أَنْ يكونَ بحذْفِ الهاءِ ولا يُغَيَّر مِن صيغَةِ الحُروفِ شيءٌ كتَمْرَةٍ وتَمْر.

  وِنَقَمَ منه، كضَرَبَ وعَلِمَ، الأَخيرَةُ نَقَلَها الجَوْهرِيُّ عن الكِسائيِّ، نَقْماً، بالفَتْحِ، وَتِنِقَّاماً، كتِكِلَّامٍ، وكَذلِكَ نَقَمَ عليه، فهو ناقِمٌ ويقالُ: ما نَقَمَ منه إلَّا الإحْسان.

  وقوْلُه تعالَى: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا إِلّا أَنْ آمَنّا بِاللهِ}⁣(⁣١)؛ رُوِيَ بالفتحِ وبالكسْرِ.

  قالَ الزجَّاجُ: والأَجْودُ الفَتْح وهو الأكْثَرُ في القِراءَةِ.

  وفي المَثَلِ: «مَثَلي مَثَلُ الأَرْقَم، إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ، وإن يُتْرَكْ يَلْقَمْ»؛ قوْلُه: يَنْقَمْ أَي يُثَأَر به، وكانوا يَزْعمونَ في الجاهِلِيَّةِ أنَّ الجِنَّ تَطْلُبُ بثأْرِ الأَرْقَم، فرُبَّما ماتَ قاتِلُه، ورُبَّما أَصابَهُ خَبَلٌ؛ ومنه قَوْلُ عليٍّ، كرَّم اللهُ وَجْهَه:


- شرح أشعار الهذليين، في زيادات شعره ٣/ ١٣٣٨، واللسان.

(١) المائدة، الآية ٥٩.