تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قطب]

صفحة 329 - الجزء 2

  بتشدِيدِ الرّاءِ، حَشَفٍ، محرَّكةً، وكانَ فيها أَي: القَوْصَرَّةِ بَدْرَةٌ، له فيها دنانيرُ، وفي رواية: كِيسٌ له فيه دنانِيرُ كثيرَة، كان قد أُنْسِيَ [رَفْعَه] فَلَحِقَهُ بائِعُها، فقال له: إنّك صديقٌ لي، وقد أَعطَيْتُك تَمْراً غيرَ جَيِّدٍ، فرُدَّهُ عَلَيَّ، لِأُعَوِّضَكَ الجَيِّدَ. فاسْترَدَّهَا منه، فَرَدَّها له، وكَانَ مَعَهُ سِكِّينٌ، حَمَله ليَقْتُلَ به نَفْسِه إِنْ لم يَجِدِ البَدْرَةَ، فَأَخَذَ القَوْصَرَّةَ وأَخْرَجَ منها البَدْرَة، فنَثَرَهَا، وأَخْرَجَ منها دَنانيرَه، وقالَ للأَعرابيّ: أَتَدْرِي لِمَ حَمَلْتُ هذا السِّكّينَ معي؟ قالَ: لا، قالَ: لأَشُقَّ بَطني إِنْ لَمْ أَجِدِ الكِيسَ، فَأَخَذَ قَضِيبٌ السِّكِّينَ المذكورَ بعدَ أَنْ تَنَفَّسَ، فَقَتَلَ به نَفْسَهُ، تَلَهُّفاً على البَدْرَةِ فضربتِ العربُ بهِ المَثَلَ، وفيه يقولُ عُرْوَةُ بْنُ حِزامٍ:

  أَلَا لا تَلُومَا لَيْسَ في اللَّوْمِ رَاحَةٌ ... وقَدْ لُمْتُ نَفْسِي مِثْلَ لَوْمِ قَضِيبِ

  * ومما يُستدركُ على المُؤَلِّف: المُقْتَضَبُ من الشِّعْرِ، وهو: فاعِلاتُ مُفْتَعِلُنْ مَرَّتَانِ⁣(⁣١)، وإِنَّما سُمِّيَ مُقْتَضَباً؛ لِأَنَّهُ اقْتُضِبَ مفعولات وهو الجُزْءُ الثّالثُ من البيت، أَي: قُطِعَ، وهو البَحْرُ الثّالثَ عَشَرَ من العَرُوضِ، وبيتُهُ:

  أَقْبَلَتْ فَلَاحَ لَهَا ... عَارِضَانِ كالبَرَدِ⁣(⁣٢)

  وقَضَّبَ الكَرْمَ، تَقْضِيباً: قَطَعَ أَغْصَانَهُ وقُضْبَانَه في أَيَّام الرَّبِيع.

  وفي الأَساس: وقُضَابَةُ الكَرْمِ والشَّجَرِ: ما يَأْخُذُهُ القاضِبُ⁣(⁣٣) انتهى.

  وما في فمي قاضِبةٌ، أَي سِنٌّ يَقْضِبُ شيئاً، فَيَبِينُ⁣(⁣٤) أَحَدُ نِصْفَيْهِ من الآخَرِ. ورُوِيَ عن الأَصمَعِيّ: القَضَبُ: السِّهَامُ الدِّقاقُ، واحدها قَضِيبٌ، واستدركه شيخُنا، ولم يَعْزُه. والقُضَّابُ، كزُنّارٍ: نَبْتٌ، عن كُراع.

  ومن المَجَاز: اقْتَضَبَ البَعِيرَ: اعْتَبَطَه.

  ومَلَكَ [فلان]⁣(⁣٥) البُرْدَةَ والقَضِيبَ: اسْتُخْلِفَ. كذا في الأَساس.

  [قطب] قَطَبَ الشَّيْءُ، يَقْطِبُ، من باب ضَرَبَ، قَطْباً، وقُطُوباً، الأَخيرُ بالضَّمِّ، فهو قَاطِبٌ، وقَطُوبٌ كصَبُور.

  والقُطُوبُ: تَزَوِّي ما بين العَيْنَيْنِ عندَ العُبُوسِ، يقال: رأَيْتُهُ غَضْبانَ قاطِباً، وهُوَ يَقْطِبُ ما بين عَيْنَيْه قَطْباً وقُطوباً: زَوَى ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وعَبَسَ، وكَلَحَ من شَرَابٍ وغيره، كَقَطَّبَ تَقْطِيباً.

  والمُقَطَّبِ، كمُعَظَّمٍ، وكمُحَدِّثٍ، ومُحْسِنٍ: ما بَيْنَ الحاجِبَيْنِ. وقال أَبو زيدٍ: وفي الجَبينِ المُقَطِّبُ، وهو ما بَيْنَ الحاجِبَيْنِ. وفي الحديث: «أَنَّهُ أُتِيَ بنَبِيذٍ فَشَمَّه، فَقَطَّبَ» أَي قَبَضَ ما بَيْنَ عينيهِ كما يَفْعَلُهُ العَبُوسُ، ويُخَفِّفُ، ويُثَقَّلُ. وفي حديث العَبّاسِ: «ما بالُ قُرَيْشِ يَلْقَوْنَنَا [بوجوهٍ]⁣(⁣٦) قاطِبةٍ»، أَي مُقَطِّبَة. قال: وقد يجيء فاعلٌ بمعنى مفعول، كعِيشَةٍ راضيةٍ. قال الأَزْهَرِيُّ: والأَحسنُ أَنْ يكون فاعِلٌ على بابه، من قَطَبَ المخفَّفة.

  وفي حديث المُغِيرَةِ: «دَائِمَةُ القُطُوبِ»، أَي: العُبُوس.

  والقَطْبُ: القَطْعُ، يقالُ: قَطَبَ الشَّيْءَ، يَقْطِبُه، قَطْباً: قَطَعَه.

  وقَطَبَ الشَّيْءَ، يَقْطِبُهُ، قَطْباً: جَمَعَه.

  وقَطَّبَ ما بينَ عَيْنَيْهِ. أَي جَمَعَ كذلك، وقَطَّبَ بينَ عَيْنَيْهِ: أَي جمع الغُضُونَ.

  وقَطَبَ الشَّرابَ، يَقْطِبُه، قَطْباً، مَزَجَهُ، كقَطَّبَه تَقْطِيباً، وأَقْطَبَهُ، كلُّ ذلك بمعنًى واحِدٍ، قال ابْنُ مُقْبِلٍ:

  أَنَاةٌ كأَنَّ المِسْكَ تَحْتَ ثِيابِها ... يُقَطِّبُهُ بالعَنْبَرِ الوَرْدِ مُقْطِبُ⁣(⁣٧)


(١) بهامش المطبوعة المصرية: قوله وهو فاعلات الخ عبارة متن الكافي وأجزاؤه مفعولات مستفعلن مستفعلن مرتين مجزوّ وجوباً وعروضه واحدة مطوية وضربها مثلها ا ه. وبه تعلم ما في كلامه وقوله لأنه اقتضب الخ راجع حاشية الكافي يظهر لك ما فيه.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كالبرد» الذي في بعض نسخ الكافي كالسَّبَج وهو خرز أسود برّاق».

(٣) راجع الاساس باختلاف.

(٤) اللسان: فتُبين.

(٥) زيادة عن الاساس.

(٦) زيادة عن النهاية.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تحت ثيابها أنشده في التكملة دون شعارها، وقوله يقطبه قال فيها: ويروي ببكله اه أي بخلطه».