تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مدح]:

صفحة 199 - الجزء 4

  محرَّكَةً، ومُحوحاً، بالضمّ، وأَمَحَّ يُمِحُّ، إِذا أَخْلَقَ وكذلك الدارُ إِذا عَفَتْ. وأَنشدَ:

  أَلَا يا قَيْلَ قد خَلُقَ الجَديدُ

  وحُبُّكِ ما يُمِحُّ وما يَبيدُ⁣(⁣١)

  وهذه قد ذَكرَها الزّمخشريُّ في الأَساس، وابن منظور في اللّسان.

  والمُحُّ، بالضَّمّ: خالِصُ كلّ شيْءٍ، والمُحُّ: صُفْرَةُ البَيْض كالْمُحَّة. قال ابنُ سيِده: وإِنّما يُريدُون فَصّ البَيْضةِ، لأَنّ المُحَّ جَوْهَرٌ والصُّفرةُ عَرَضٌ، ولا يُعبَّر بالعَرَض عن الجَوْهر، اللهُمَّ إِلّا أن تكون العربُ قد سَمّت مُحَّ البَيضةِ صُفْرةً. قال: وهذا ما لا أَعرِفه، وإِن كانت العامّة قد أُولِعتْ بذلك. أَنشدَ الأَزْهَريُّ لعبد الله بن الزِّبَعْرَى:

  كانَتْ قُرَيشٌ بَيْضةً فتفَلَّقَتْ

  فالمُحُّ خالصُها لعَبْد مَنَافِ⁣(⁣٢)

  أَو ما في البَيْضِ كلِّه من أَصفَرَ وأَبيضَ، قال ابن شُمَيْل.

  قال ومنهم من قال المُحَّة: الصَّفراءُ، والغِرْقِئُ: البَياضُ الّذي يُؤكَل. وقال أَبو عَمرو: يقال لبياضِ البَيْضِ الّذي يُؤكَل: الآخُ، ولصُفرته الماحُ، وسيأْتي.

  والمُحَاحُ كغُرَابٍ: الجُوعُ. والمَحَّاح ككتَّان: الكَذَّاب، ومَنْ يُرضيكَ بقَولِهِ ولا فِعْلَ، وفي التهذيبِ يُرضِي النّاسَ بكلامه ولا فِعْلَ لَه، وهو الكَذُوب وقيل هو الكَذَّاب الّذي لا يَصْدُقُك أَثَره، يَكْذِبك من أَينَ جاءَ، قال ابن دُرَيْد: أَحْسبهم رَوَوْا هذه الكلمةَ عن أَبي الخَطّاب الأَخفشِ. ويقال مَحّ الكَذّابُ يَمُحُّ مَحَاحَةً.

  والمَحَاحُ، كسَحَاب، من الأَرْض: القَليلةُ الحَمْضِ.

  يقال أَرْضٌ مَحَاحٌ.

  والمَحْمَحُ والمَحْمَاح والمُحَامِح: الخَفيف النَّزِقُ ككَتِفٍ، وفي نسخة: النَّذْل⁣(⁣٣) وقيل: هو الضَّيِّقُ البَخيلُ.

  والأَمَحُّ: السَّمِينُ، كالأَبَحّ.

  وفي التهذيب: مَحْمَحَ فُلَاناً⁣(⁣٤)، إِذا أَخْلَصَ مَوَدَّتَه.

  وتَمَحْمَحَ: تَبَحْبَحَ. ومَحْمَحَتِ المَرأَةُ: دنا وَضْعُها.

  ومَحْمَاحِ، بالكَسْرِ، بمعنَى بَحْبَاحِ. قال اللِّحيانيّ: وزعم الكسائيّ أَنّه سمعَ رَجُلاً من بني عامرٍ يقول: إِذا قيلَ لنا أَبَقِي عندَكم شيءٌ قلْنا: مَحْمَاحِ، أَي لم يَبقَ شيءٌ.

  * ومما يستدرك عليه:

  مَحّ الكِتَابُ وأَمحَّ، أَي دَرَسَ.

  [مدح]: مَدَحَه، كمَنَعَه يَمدَحُه مَدْحاً ومِدْحةً، بالكسر هذا قولُ بعضهم، والصَّحيح أَنَّ المَدْحَ المصدَرُ، والمِدْحة الاسمُ، والجمع مِدَحٌ: أَحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْه، ونقيضُه الهِجَاءُ.

  وقال شيخنا: قال أَئمَّةِ الاشتقاقِ وفقهاءُ اللُّغة: المَدْح بمعنَى الوَصْف بالجميلِ، يقابلُه الذّمُّ و: بمعنى عَدِّ المآثر، ويقابلُه الهَجْو، ونقله السيِّد الجُرجانيّ في حاشية الكشّاف. كمَدَّحَه تَمديحاً، وامْتَدحَه وتَمَدَّحه. وفي المصباح: مَدَحْتُه مَدْحاً، كنَفَع: أَثنَيتُ عليه بما فيه من الصِّفات الجميلةِ خِلْقِيَّة كانت أو اختياريّة، ولهذا كان المَدْحُ أَعَمَّ من الحَمْد. قال الخطيب التِّبريزي: المدح من قولهم انْمدَحَتِ الأَرضُ إِذا اتَّسَعَت. فَكأَنّ معنَى مَدحْته: وَسَّعْت شُكْرَه⁣(⁣٥) وعن الخليل بالحاءِ للغائب وبالهاءِ للحاضر، وقال السَّرقُسْطيِّ: يقال إِنّ المَدْهَ في صِفَة الحالِ والهَيْئة لا غير، نقله شيخُنا.

  والمَدِيح، والمِدْحَة، بالكسر، والأُمْدوحَة، بالضّمّ: ما يُمدَح به من الشِّعْر. ج مَدِيحٍ مَدائحُ، وجَمْعُ الأُمدوحةِ أَماديحُ. وإِذا كان جمعَ مديحٍ فَعَلَى غيرِ قياس، ونَظيره حَديثُ وأَحاديثُ. قال أَبو ذؤيب:

  لو أَنَّ مِدْحَة حَيٍّ أَنشَرَت أَحَداً

  أَحْيَا أُبُوَّتَكَ الشَّمَّ الأَماديح


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله يا قيل كذا في النسخ وهو مرخم قيلة، والذي في اللسان والأساس يا قتل مرخم قتلة فليحرر».

(٢) قال ابن بري: من روى خالصة بالتاء فهو في الأصل مصدر كالعافية. ومن روى خالصه بالهاء فلا إِشكال فيه.

(٣) وهي رواية اللسان.

(٤) كذا وفي التهذيب: محمح الرجلُ إِذا أخلص مودته.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وعن الخليل الخ سقط من عبارة المصباح بعد قوله شكره: ومدهته مندهاً مثله وعن الخليل الخ وبه تستقيم العبارة».