تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[إذا]:

صفحة 366 - الجزء 20

  وَالنَّجْمِ إِذا هَوى⁣(⁣١)؛ وناصِبُها شَرْطُها أَو ما في جَوابِها مِن فِعْلٍ أَو شِبْهِهِ.

  وأَمَّا إذْ فإنّه لمَا مَضَى من الزّمانِ؛ وقد ذُكِرَ في حرْفِ الذالِ مُفَصَّلاً.

  وقد تكونُ إذا⁣(⁣٢) للمُفاجَأَةِ ولا يَلِيها إلَّا الفِعْلُ الواجِبُ وهي التي تكونُ بعْدَ بَيْنا وبَيْنما تقولُ: بَيْنما أَنا كذا إذْ جاءَ زَيْدٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ جنِّي للأفْوه الأوْدي:

  بَيْنما الناسُ على عَلْيائِها إذْ ... هَوَوْا في هُوَّةٍ فيها فَغَارُوا⁣(⁣٣)

  قال: إذ هنا غَيْرُ مُضافَةٍ إلى ما بعْدَها كإذا التي للمُفاجَأَةِ، والعامِل في إذْ هَوَوْا.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  قد تَجِيءُ إذْ للمُسْتَقْبَل، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا}⁣(⁣٤)، معناه ولَوْ تَرى إذْ يَفْزعُونَ يَوْم القِيامَةِ.

  قال الفرَّاءُ: وإنَّما جازَ ذلكَ لأنَّه كالواجِبِ إذْ كانَ لا يُشَكُّ في مَجِيئِه، والوجه فيه إذا.

  وأَمَّا إذا المَوْصولَةُ بالأوْقاتِ فإنَّ العَرَبَ تَصِلُها في الكتابَةِ بها في أَوْقاتٍ مَعْدودَةٍ في حينَئِذٍ ويَومَئِذٍ ولَيْلتَئِذٍ وغَداتَئِذٍ وعَشيَّتَئِذٍ وساعَتَئِذٍ وعامَئِذٍ، ولم يقولوا: الآنئِذٍ لأنَّ الآنَ أَقْرَب ما يكون في الحالِ، فلمَّا لم يتحوَّل هذا الاسْمُ عن وقْتِ الحالِ ولم يتباعَدْ عن ساعَتِك التي أنْتَ فيها لم يتمكن ولذلكَ نُصِبَت في كلِّ وجْهٍ.

  وإذْ يَقَعُ مَوْقِعَ إذا، وإذا يَقَعُ موقِعَ إذ، كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ}⁣(⁣٥)، مَعناهُ إذا، لأنَّ هذا الأمْرَ مُنْتَظَرٌ لم يَقَع؛ وقال أَوْسٌ في إذا بمعْنَى إذْ:

  الحافِظُو الناسِ في تَحُوطَ إذا ... لم يُرْسِلُوا تَحْتَ عائِذٍ رُبَعا⁣(⁣٦)

  أَي إذْ لم يُرْسِلوا. وقال آخرُ:

  ثم جَزاهُ الله عنَّا إذْ جَزَى ... جَنَّاتِ عَدْنٍ والعلالي العُلا⁣(⁣٧)

  أَرادَ: إذا جَزَى.

  قال الجَوْهري: وقد تُزادَانِ جَمِيعاً في الكلامِ كقوله تعالى: {وَإِذْ واعَدْنا مُوسى}⁣(⁣٨)، أَي وعدنا، وقال عبدُ مناف الهَذَلي:

  حتى إذا أَسْلَكُوهم في قُتَائِدةٍ ... شلًّا كما تَطْرُدُ الجمَّالةُ الشُّرُدا⁣(⁣٩)

  أَي حتى أَسْلَكُوهم في قُتائِدةٍ لأنَّه آخِرَ القَصِيدَةِ، أَو يكونُ قد كَفَّ عن خَبَرِه⁣(⁣١٠) لعِلْم السَّامع.

  قال ابنُ برِّي: جوابُ إذا مَحْذوف وهو الناصِبُ لقوله: شَلًّا، تَقْديرُه شَلُّوهم شَلًّا.

  وإذاً مُنوَّنة: جوابٌ وجَزاءٌ وعَمَلُها النَّصْب في مُسْتَقْبل غَيرْ مُعْتمد على ما قَبْلها كقولك لمَنْ تقول: أَنا أُكْرِمُك إذاً أَجِيئك، وإنَّما تَعْملُ إذا بشَرْطَين: أَحَدُهما: أَنْ يكونَ الفِعْلُ مُسْتقبلاً لكَوْنهِ جواباً وجَزاءً. والجَزاءُ لا يمكنُ إلَّا في الاسْتِقْبالِ؛ وثانيهما: أَنْ لا يَعْتمدَ ما بعْدَها على ما قَبْلها ويُبْطِل عَمَلُها إذا كانَ الفِعْلُ المَذْكور بعْدَها حالاً لفقْدِ أَحَد الشَّرْطَيْن المَذْكُورَيْن كقولكِ لِمَنْ حَدَّثك: إذاً أَظنّك كاذباً. وكذا إذا كانَ الفِعْلُ بعْدَها مُعْتمداً على ما قَبْلها لفقْدِ الشّرْطِ الثاني كقولك لمَنْ قال أَنا آتِيك: أَنا إذا أَكْرِمك، وتُلْغِيها أَيْضاً إذا فُقِدَ الشَّرْطانِ جَميعاً كقولك لمَنْ حَدَّثك: أَنا إذاً أَظنّك كاذباً.


(١) الآية الأولى من سورة النجم.

(٢) كذا بالأصل، والسياق يقتضي «إذ» موافقاً لما في اللسان والصحاح ولما سيأتي بعد.

(٣) اللسان.

(٤) سورة سبأ، الآية ٥١.

(٥) سورة الأنعام، الآية ٩٣.

(٦) ديوان أوس بن حجر ط بيروت ص ٥٤ وفيه «والحافظ الناس» والمثبت كرواية التهذيب «إذ، ١٥/ ٥٠» واللسان وبالأصل «عائد».

(٧) اللسان والتهذيب بدون نسبة.

(٨) سورة البقرة، الآية ٥١.

(٩) ديوان الهذليين ٢/ ٤٢ واللسان والصحاح.

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: عن خبره كذا في الصحاح، والمراد به الجزاء».