تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[إلى]:

صفحة 368 - الجزء 20

  وتأْتي للابْتِداءِ بها كمن، قال الشَّاعرُ:

  تقولُ وقد عالَيْتُ بالكُوزِ فَوْقَها ... أَتُسْقَى فلا تَرْوَى إليَّ ابنُ أَحْمَرَا⁣(⁣١)

  أَي مِنِّي.

  وتأْتي لمُوافَقَةِ عِنْدَ: يقالُ: هو أَشْهى إليَّ مِن الحَياة، أَي عِنْدِي؛ وقال الشَّاعرُ أَنْشَدَه الجَوْهرِي:

  أَمْ لا سَبِيلَ إلى الشَّبابِ وذِكْرُهُ ... أشْهَى إليَّ مِن الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

  (⁣٢) ومثْلُه قولُ أَوْس:

  فهَلْ لكُم فيها إليَّ فإنَّني ... طَبِيبٌ بما أَعْيا النِّطاسِيَّ حِذْيَما⁣(⁣٣)

  وقال الرَّاعي:

  يقالُ إذا رادَ النِّساءُ خَريدةٌ ... صَناعٌ فقد سادَتْ إليَّ الغَوانِيا⁣(⁣٤)

  أي عِنْدِي.

  وتأْتي للتَّوْكيدِ وهي الزائدةُ كقوله تعالى: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ⁣(⁣٥) بفَتْح الواوِ، أَي تَهْواهُم، وهذا على قولِ الفرَّاء وغيرِه؛ واخْتارَ غيرُه أَنَّ الفِعْلَ ضُمِّنَ مَعْنى تمِيلُ فعُدِّي بما يَتَعَدَّى به، وهو إلى، وقد تقدَّمَ في هوي مَبْسوطاً. وأَوْرَدَه ابنُ جنِّي في المحتسبِ وبَسَطَه. وقولُهم: إليكَ عنِّي: أَي أَمْسِكْ وكُفَّ. وتقولُ: إليكَ كذا وكذا: أَي خُذْهُ؛ ومنه قولُ القُطامي:

  إذا التَّيَّارُ ذو العضلاتِ قُلْنا ... إلَيْكَ إلَيْك ضاقَ بها ذِراعا⁣(⁣٦)

  وإذا قالوا: اذْهَبْ إلَيْك فإنَّ مَعْناه: أَي اشْتَغِلْ بِنَفْسِكَ وأَقْبِل عليها؛ ومنه قولُ الأعْشى:

  فاذْهَبي ما إلَيْكِ أَدْرَكَني الحِلْ ... مُ عَداني عن هَيْجِكُم إشْفاقي⁣(⁣٧)

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  قالوا إلَيْك إذا قُلْتَ تَنَحَّ؛ قال سيبويه: وسَمِعْنا مِن العَرَبِ مَنْ يُقالُ له إلَيْك، فيقولُ إليّ، كأَنَّه قيلَ له تَنَحَّ، فقالَ: أَتَنَحَّى، ولم يُسْتَعْمل الخَبَرُ في شيءٍ مِن أَسْماءِ الفِعْل إلَّا في قولِ هذا الأعْرابي. وفي حديثِ الحجِّ: ولا إلَيْكَ، مَعْناه تَنَحَّ وابْعُدْ، وتَكْريرُه للتّأْكِيدِ؛ وأَمَّا قولُ أَبي فِرْعَون يَهْجو نَبطِيّة اسْتَقاها ماءً:

  إذا طَلَبْتَ الماءَ قالَتْ لَيْكَا

  (⁣٨) فإنّما أَرادَ إلَيْكَ، أَي تَنَحَّ، فحذفَ الألفَ عجمة وفي الحديثِ: «اللهُمَّ إلَيْكَ»، أَي أَشْكُو إلَيْكَ، أو خُذني، إلَيْكَ.

  وقولُهم: أَنا مِنْك وإلَيْك، أَي انْتِمائي إلَيْك؛ وقولُ عَمْرو:

  إلَيْكُم يا بَني عَمْرٍو إليْكُم ... أَلَمَّا تَعْلَموا مِنَّا اليَقِينا؟

  قال ابنُ السكِّيت: مُعناه اذْهَبُوا إلَيْكُم وتَباعَدُوا عَنَّا.


(١) من شواهد القاموس، وفي القاموس:

بالكُورِ فوقها ... أيسقى فلا يروى إليّ ابن احمرا

وعلى هامشه عن نسخة:

أَتُسْقَى فلا تَرْوَى إليّ ابنَ أَحْمَرَا

والبيت من شواهد المغني، الشاهد ١١٩ ص ١٠٥ ونسبه بحاشيته لعمرو بن أحمر الباهلي.

(٢) البيت من شواهد القاموس، ومن شواهد المغنى الشاهد ١٢٠ ونسبه محققه لأبي كبير الهذلي، انظر ديوان الهذليين ٢/ ٨٩.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١١ وانظر تخريجه فيه، واللسان.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٨٢ برواية:

ثقالٌ إذا راد النساء خريدة

وانظر تخريجه فيه، والمثبت كاللسان، وعجزه في الصحاح.

(٥) سورة إبراهيم، الآية ٣٧.

(٦) اللسان والتهذيب والتكملة.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٦٤ برواية: «... عن ذكركم أشغالي» فالبيت في قصيدة لامية وقبله:

باكرتها الأغراب في سنة النو ... م فتجري خلال شوك السيالِ

والبيت في التكملة، والمثبت كرواية اللسان والتهذيب.

(٨) اللسان وبعده:

كأن شفريها إذا ما احتكا ... حرفاً برامٍ كسرا فاصطكا