فصل الباء
  سَهَّلَ تَعدَّي هذه الأَحرفِ إِلى المفعولِ اشتراكُ الضَّمِّ والكسر فيهنَّ. وبَتَّتَه تَبْتِيتاً، شُدِّدَ للمبالغة. انتهى.
  والبَتُ: الانْقِطاعُ، أَشارَ إِلى أَنَّه يُستعملُ لازماً أَيضاً، كالانْبِتات مصدر انْبَتَّ، يقال: سار حتّى انْبَتَّ. ورجل مُنْبَتٌّ: أي مُنْقَطَعٌ به، وهو مُطاوعُ بَتَّ، كما يأْتي، وصرَّحَ النَّوَوِيُّ في تهذيب الأَسماءِ واللُّغَات بأنّ كُلّا منهما يُستعملُ لازماً ومتعدِّياً، تقول: بَتَّهُ وأَبَتَّهُ، فبَتَّ وأَبَتَّ.
  وعن الليث: أَبَتَّ فلانٌ طلاقَ امرأتِه، أَي: طَلَّقَها طلاقاً باتَّا. والمجاوِزُ منه الإِبْتاتُ. قال أَبو منصور قولُ اللَّيْثِ في الإِبْتاتِ والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد، لأَنّه جعل الإبتاتَ مُجَاوِزاً، وجعل البَتَّ لازِماً(١). ويقال: بَتَّ فلانٌ طلاقَ امرأَتِهِ، بغير أَلِف، وأَبَتَّه بالألِف، وقد طَلَّقها البَتَّةَ. ويقال: الطَّلْقَةُ(٢) الواحِدَة تَبُتُّ وتَبِتُّ، أَي: تَقطعُ عِصْمَةَ النِّكاحِ إِذا انقضتِ العِدَّةُ. وطَلَّقَها ثلاثاً بَتَّةً، وبَتَاتاً(٣): أي بتْلَةً بائِنَةً يعني: قَطْعاً لا عَوْدَ فيها. وفي الحديث(٤) «طَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً»، أَي: قاطِعَةً. وفي الحديث: «لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلّا في بَيْتِها» هي المُطَلَّقةُ طلاقاً بائناً، قال شيخُنا: وقولُه «بائنة»، غير جارٍ على قواعد الفُقَهَاء؛ فإنّ البائنةَ هي الّتي تَمْلِكُ المرأةُ بها نَفْسَها بحيثُ لَا يَرُدُّها إِلا برِضاها، كطلاقِ الخُلْع ونحوهِ. وأَما البَتَّةُ، فهي المُنْقَطِعَةُ الّتي لا رَجْعَةَ فيها إِلّا بعدَ زَوْجٍ. انتهى.
  ولا أَفْعَلُه أَلْبَتَّةَ، بقطع الهمزة، كما في نسختنا، وضُبِط في الصِّحاح بوصلها، قالوا: كأَنَّه قَطَعَ فِعْلَهُ. ولا أَفْعَلُهُ بَتَّةً بغيرِ اللَّام، لِكُلِّ أَمْرٍ لا رَجْعَةَ فيه، ونَصْبُه على المَصْدر.
  قال ابْنُ بَرِّيّ: مذهبُ سِيبَوَيْه وأَصحابِه أَنَّ البَتَّةَ لا تكون إِلّا مَعْرِفَةً: الْبَتَةَ، لا غيرُ(٥)، وإِنّمَا أَجاز تَنْكِيرهَ الفَرَّاءُ وَحْدَهُ، وهو كُوفيٌّ. ونقل شيخُنا عن الدَّمامِينيّ في شرْحِ التَّسهيل: زَعَم في اللُّبَاب أَنّه سُمع في البَتَّةِ قطعُ الهمزة، وقال شارحه في العُبَاب: إنّه المسموع. قال البَدْرُ: ولا أَعرِفُ ذلك من جهةِ غَيرِهِمَا؛ وبالغ في رَدِّه وتَعقّبه، وتَصدَّى لذلك أَيضاً عبدُ المَلِكِ العِصَامِيُّ في حاشيته على شرح القَطْرِ للمصنِّف. وفي حديثِ جُوَيْرِيَةَ، في صحيح مُسلِم: «أَحْسِبُه قال جُوَيْرِيَة، أَو البَتَّةُ» قال: كأنَّه شَكَّ في اسْمها، فقال: أَحْسِبُهُ جُوَيْرِيَة، ثمّ استدرك فقال: أَو أَبُتُّ، أَي أقْطَعُ أَنّه قال جُوَيْرِيَة، لا أَحْسِبُ وأَظُنُّ.
  والبَتَّةُ اشتقاقُها من القَطْع، غير أَنّه يُستعملُ في كلّ أَمر يَمضِي لا رَجْعَةَ فيه ولا الْتِواءَ.
  والبَاتُّ: المَهْزُولُ الّذِي لا يَقْدِرُ أَنْ يقوم. وقَدْ بَتَّ، يبتُّ بالكسر، بُتُوتاً بالضَّمِّ.
  ويقالُ ل لْأَحْمَق المَهْزُول: هو بَاتٌّ. وأَحْمقُ باتٌّ: شديدُ الحُمْق. قال الأَزهريّ: والّذِي حَفظناه من أَفواهِ الثِّقاتِ(٦): أَحْمَقُ تَابٌّ من التَّبَاب، وهو الخُسْران(٧)، كما قالوا: أَحمقُ خَاسِرٌ، دابِرٌ، دامِرٌ.
  والبَاتُّ: السَّكْرَانُ يقال: سَكْرانُ باتٌّ: مُنقطِعٌ عن العَمل بالسُّكْرِ، وذا عن أَبي حَنيفةَ.
  وهُوَ أي السَّكْرانُ لا يَبُتُّ كَلاماً، بالضَّمِّ، ولا يَبِتُّ بالكسر، وهما ثُلاثِيّان، ولا يُبِتُّ رُبَاعِيَّا، الثّانيةُ أَنكرها الأَصمعيُّ، وأَثْبَتَهَا الفَرّاءُ: أَيْ ما يُبَيِّنُه. وفي المُحْكم: أي ما يَقْطَعُه. وعن الأَصمعيّ: سَكْرانُ ما يَبُتُّ، أَي: صار بحَيْثُ لَا يَقْطَعُ أَمراً، وكان يُنْكِرُ يُبِتُّ، أَي بالكسر. وقال الفَرّاءُ: هما لغتَانِ، ويقال: أَبْتَتُّ عليه القضاءَ، وبَتَتُّهُ: أي قَطَعْتُهُ.
  وخُذْ بَتَاتَكَ، البَتَاتُ: الزّادُ، وأَنشد لطَرَفَةَ:
  ويأْتِيكَ بالأَنْبَاءِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَه ... بَتَاتاً ولَمْ تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ
  وقال ابنُ مُقْبِلٍ:
  أَشاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ ونِسْوَةٌ ... بِكَرْمانَ يُغْبَقْنَ السَّوِيقَ المُقَنَّدَا
  والبَتَاتُ: الجَهَازُ، بالفتح. والبَتَاتُ: مَتَاعُ البَيْتِ،
(١) زيد في التهذيب: وكلاهما متعدٍّ.
(٢) عن التهذيب، وبالأصل «المطلقة».
(٣) عن القاموس، وبالأصل «وإبتاتا».
(٤) كذا بالأصل والنهاية، وفي التهذيب: «وقال الاصمعي: يقال ..»
(٥) قال سيبويه: وقالوا فعد البتّة مصدر مؤكّد، ولا يستعمل إلا بالألف واللام.
(٦) في التهذيب: حفظناه عن الثقات.
(٧) التهذيب: الخسار.