فصل الباء
  وبِئسَتِ المِيتَةُ، إِنَّمَا أَرادوا الضَّرْبَ الّذي أَصابَه من القَتْل والموت.
  وبَيَّتَ الأَمْرَ: عَمِلَهُ، أَو دَبَّرَهُ لَيْلاً. وفي التَّنْزيل العزيز: {بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}(١)، وفيه: {إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ}(٢). وقال الزَّجَّاجُ: كُلُّ ما فُكِّر فيه، أَو خِيضَ [فيه](٣) بليلٍ، فقد بُيِّتَ. ويُقَال: بُيِّتَ بِلَيْلٍ، ودُبِّر بليلٍ، بمعنى واحدٍ. وقولُهُ [تعالى]: {وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ}(٤) أَي: يُدَبِّرون، ويُقَدِّرون من السُّوءِ ليْلا. وبُيِّتَ الشيءُ: أَي قُدِّرَ.
  وفي الحديث «أَنه كان لا يُبَيِّتُ مالاً ولا يُقَيِّلهُ»، أَي: إِذا جاءَه مالٌ، لا يُمْسِكُه إلى اللَّيْل، ولا إِلى القائلة، بل يُعَجِّل قِسْمَتَهُ.
  وبَيَّتَ النخْلَ: شَذَّبَها من شَوْكِها وسَعَفِها، وقد مرّ التّشذيب في ش ذ ب.
  وبَيَّتَ القَوْمَ، والعدُوَّ: أَوْقعَ بهم لَيْلاً، والاسمُ البَيَاتُ، وأَتاهم الأَمْرُ بَياتاً، أَي: أَتاهم في جَوْفِ اللَّيْل. ويقال: بَيَّتَ فلانٌ بَنِي فُلان: إِذا أَتاهم بَيَاتاً، فكبَسَهم(٥) وهم غارُّونَ.
  وفي الحديث: «أَنَّه سُئلَ عن أَهْل الدَّار يُبَيِّتُون» أَي: يُصابُونَ ليْلاً. وتَبْيِيتُ العَدُوِّ: هو أَنْ يُقْصَدَ في اللَّيْل من غير أَن يَعْلَمَ، فيُؤخَذَ بَغْتَةً، وهو البَيَاتُ، ومنه الحديث «إِذا بُيِّتُّمْ فقولوا: {حم} ... ، {لا يُنْصَرُونَ}».
  وفي الحديث: «لا صِيَامَ لِمَنْ لمْ يُبَيِّتِ الصِّيامَ». أَي: يَنوِهِ من اللّيل، يُقَال: بيَّتَ فلانٌ رأيَه إِذا فَكَّر فيه وخَمَّرَه. وكلُّ ما دُبِّرَ فيه(٦)، وفُكِّرَ بلَيْلٍ فقد بُيِّتَ. ومنه الحَدِيث: «هذا أَمْرٌ بُيِّتَ بِلَيْل».
  والبيتَةُ، بالكسْرِ: القُوتُ، كالبِيتِ بغير هاءٍ، يُقال: ما عِنْدَه بِيتُ لَيلَةٍ، ولا بِيتَةُ لَيلة: أَي قُوتُ لَيلةٍ.
  والبِيتَة، أَيضاً: حالُ المَبِيت، قال طَرَفةُ:
  ظلَلْت بذي الأَرَطى فُوَيْقَ مُثَقَّفٍ ... بِبِيتَةِ سُوءٍ هالِكاً أَو كَهالِكِ
  والمبِيتُ: الموضعُ الذي يُباتُ فيه والمُسْتَبِيت: الفَقِيرُ. ويُقَالُ: امْرَأَةٌ مُتَبَيِّتَةٌ: إِذا أَصابَتْ بَيْتاً وبَعْلاً.
  وتَبيَّتَهُ عن حاجَتِهِ: إِذا حَبَسَهُ عنْها. وفُلانٌ لا يَسْتَبِيتُ لَيْلَةً: أَي ما لَهُ بِيتُ لَيْلَةٍ من القُوتِ.
  وسِنٌّ بَيُّوتَةٌ، بالتَّشديد: أَي لا تَسْقُطُ، نقله الصّاغانيُّ. وبيَاتٌ، كسحَابٍ: ة الصّوَابُ في هذه ككَتَّان، والأَشبهُ أَن تكون من قُرَى المَغْرِب، فإِنّه ينْسَب إِليها محمّد بن سَلْمان بن أَحمدَ المُرَّاكِشِيّ الصَّنْهَاجِيّ البيَّاتِيّ المقرِي، من شُيوخ الإسكَنْدرِيَّة، سمع ابنَ رَواح، وعنه الوانِي كما قيَّدَه الحافِظ.
  وبَيَاتُ: كُورةٌ قُرْب واسِطَ، منها عِزُّ الدِّين حسنُ بْنُ أَبِي العشَائِرِ بن محمود البيَاتِيّ الواسطيّ عن الكمال أَحمد الدّخميسيّ، وعنه أَبو العَلَاءِ الفَرضيّ. * ومما يستدرك عليه: البُيوت الغَيْرُ المَسْكُونة في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ [أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ]}(٧) الآية، يَعْنِي بها الخَانات وحَوانِيتَ التِّجَار، والمواضِعَ الَّتي تُبَاع فيها الأَشياءُ، ويُبِيحُ أَهلُها دخولَها. وقيل: إنَّه يعني بها الخَرِبات(٨) الّتي يَدْخُلُهَا الرجلُ لبَوْلٍ أَو غائط.
  وقولُه تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ}(٩) قال الزَّجاج: أَراد المساجدَ، قال: وقال الحسن: يَعني بَيْتَ المقْدِس. قال أَبو الحسن: وجَمَعَهُ تفخيماً وتعظيماً. وقد يكونُ البيتُ للعَنكبوتِ والضَّبّ وغيرِه من ذَوَات الجِحَر، وفي التنزيل العزيز {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}(١٠)، وفي المحكم: قال يعقوبُ: السُّرْفَةُ دابَّةٌ تَبْنِي لنفْسها بَيتاً من كِسارِ العِيدان، وكذلك قال أَبو عُبَيْدٍ،
(١) سورة النساء الآية ٨١ قال الغراء: معناه غيّروا ما قالوا وخالفوا. (٨) بالأصل «الخرابات» وما أثبتناه عن اللسان.
(٢) سورة النساء الآية ١٠٨. (٩) سورة النور الآية ٣٦ قال الراغب في مفرداتها: قيل بيوت النبي ÷، وقيل أشير بقوله في بيوت إلى أهل بيته وقومه، وقيل: أشير به إلى القلب.
(٣) زيادة عن التهذيب. (٧) سورة النور الآية ٢٩.
(٤) النساء: الآية ٨١. (١٠) سورة العنكبوت الآية ٤١.
(٥) عن التهذيب وبالأصل «فكدسهم».
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله دبر فيه، الذي في النهاية: وكل ما فكر فيه ودبر بليل».