تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عهت]:

صفحة 96 - الجزء 3

  أَي جَذَبْنَ⁣(⁣١) أَنْفَاساً غيرَ رِوَاءٍ. وغَتَّ فُلَاناً: غَمَّهُ وأَكْرَبَهُ، وقَالَ شَمِرٌ: غُتَّ فَهُوَ مَغْتُوتٌ، وغُمَّ فَهُوَ مَغْمُومٌ، قَالَ رُؤْبَةُ - يَذْكُرُ يُونُسَ والحُوتَ:

  وجَوْشَنُ الحُوتِ لَهُ مَبِيتُ ... يُدْفَعُ عَنْهُ جَوْفُهُ المَسْحُوتُ

  كِلاهُمَا مُنْغَمِسٌ مَغْتُوتٌ ... واللَّيْلُ فَوْقَ المَاءِ مُسْتَمِيتُ⁣(⁣٢)

  قال: والمَغْتُوتُ⁣(⁣٣): المَغْمُومُ، كذا في اللسان، وفي حَدِيثِ المَبْعَثِ «فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَغَتَّنِي».

  الغَتُّ والغَطُّ سَواءٌ، كَأَنَّهُ أَرادَ عَصَرَنِي عَصْراً شَدِيداً حَتَّى وَجَدْتُ مِنْهُ المَشَقَّةَ، كَمَا يَجِدُ مَنْ يُغْمَسُ في الماءِ قَهْراً.

  وَغَتَّهُ: خَنَقَهُ. وغَتَّهُ: عَصَرَ حَلْقَهُ نَفَساً أَوْ نَفَسَيْن، وقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ. وغَتَّ الدَّابَّةَ شَوْطاً أَوْ شَوْطَيْنِ وفِي بَعْضِ الأُمَّهَاتِ: طَلَقاً أَوْ طَلَقَيْنِ، يَغُتُّهَا: رَكَضَهَا وجَهَدَهَا وأَتْعَبَهَا فِي رَكْضِها. وَغَتَّ الشَّيْءُ الشَّيْءُ: أَتْبَعَ بعْضُهُ بَعْضاً سواءٌ كانَ فِي الشُّرْبِ أَو في القَوْل، قال:

  شَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ ... غَتَّ الغَطَاطِ مَعاً عَلَى إِعْجَالِ

  وغَتَّهُمُ⁣(⁣٤) اللهُ بِالعَذَابِ غَتًّا، إِذا غَمَسَهُمْ فِيهِ غَمْساً مُتَتَابِعاً، وفي الحَدِيث عَنْ ثَوْبانَ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَنَا عِنْد عُقْرِ حَوْضِي أَذُوذُ النَّاسَ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ حَتَّى يَرْفَضُّوا عَنْه، وإِنَّه لَيَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ أَحَدُهُما مِنْ وَرِقٍ والآخَرُ مِنْ ذَهَب طُولُهُ ما بَيْنَ مُقَامِي إِلى عُمَانَ» قالَ اللَّيْثُ: الغَتُّ، كالغَطِّ، وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: هكذا سَمِعْتُ⁣(⁣٥) مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ: يَغُتُّ، قال: ومَعْنَاهُ: يَجْريِ جَرْياً لَهُ صَوْتٌ وخَرِيرٌ، وقِيلَ: يَغُطُّ قال: ولا أَدْرِي مِمَّنْ حَفِظَ هذَا التَّفْسِيرَ، قال: ولو كان كما قَال لقيل: يَغُتُّ وَيَغِطُّ، ومعنى يَغُتُّ: يُتَابِعُ الدَّفْقُ في الحَوْضِ لا يَنْقَطِعَانِ، مَأْخُوذٌ مِن غَتَّ الشَّارِبُ، إِذَا تَابَع الجَرْعَ من غير إِبانَةِ الإِنَاء⁣(⁣٦) قالَ: فَقَوْلُه: يَغُتُّ فيهِ مِيزَابانِ، أَي يَدْفُقَانِ فيهِ المَاءَ دَفْقاً مُتَتابِعاً دَائِماً من غَيْرِ أَنْ يَنْقَطعَ⁣(⁣٧)، كَمَا يَغُتُّ الشَّارِبُ المَاءَ، وَيَغُتُّ مُتَعَدٍّ هاهنا⁣(⁣٨)، لأَنّ المُضَاعَفَ إِذَا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ مُتَعَدٍّ، وإِذا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعِلُ، فَهُوَ لَازِمُ [إِلّا مَا شذّ عنه]⁣(⁣٩)، قال ذلك الفرّاءُ، وغيرُه، كذا في اللسان. * ومما يستدرك عليه: ما جَاءَ في حديثِ أُمِّ زَرْع، في بعضِ الرِّوَايَاتِ: «ولا تُغَتِّتُ⁣(⁣١٠) طعَامَنَا تَغْتِيتاً»، قال أَبو بكر: أَي لا تُفْسِده، يقال: غَتَّ الطَّعَامُ يَغُتُّ وأَغْتَتُّه أَنا. وغَتَّ الكلامُ: فَسَدَ، قال قيسُ بنُ الخَطِيم:

  ولا يَغِتُّ الحَدِيثُ إِذْ نَطَقَتْ ... وهْوَ بفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرَبُ


(١) التهذيب واللسان: أي شربن.

(٢) التهذيب واللسان باختلاف في رواية الأرجاز. وبهامش المطبوعة المصرية: «ذكره في التكملة هكذا:

إن الذي نجا وما نديت ... نجى وكل أجلٍ موقوت

موسى وموسى فوقه التابوت ... وصاحب الحوت وأين الحوت

والحوت في الماء له نهيت ... وظلمات تحتهن هيت

ملحوت في أثنائه بيوت ... وزبد البحر له كتيت

والليل فوق الماء مستميت ... نراه والحوت له نثيت

كلاهما مغتمس مغتوت ... يدفع عنه جوفه المسحوت

وجوشن الحوت له مبيت

ويروى وكلكل الحوت ... اه».

وانظر ديوانه ٢٦ - ٢٧ واللسان في مواد (سحت، غتت، موت).

(٣) الرجز نسبه الأصمعي للعجاج كما في ديوانه مع اختلاف يسير ص ٤٦٤.

(٤) في التهذيب والنهاية: وفي الحديث: يغتهم ..» وانظر الغائق ٣/ ٤٨.

(٥) في التهذيب واللسان: سمعته.

(٦) عبارة التهذيب: مأخوذ من قولك: غت الشارب الماء جرعا بعد جرع، ونفسا بعد نفس، من غير إبانة الإناء عن فيه» ومثله في اللسان.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: دفقاً دائماً لا ينقطع.

(٨) في التهذيب: متعدّ على هذا التأويل.

(٩) زيادة عن التهذيب واللسان.

(١٠) عن اللسان، وبالأصل «ولا يغتنه ... لا يفسده».