فصل الباء الموحدة
  على الشذوذ وأَبرِياء مثل أَنْصِباءَ في نَصِيبٍ، ولو مثّلَه بأَصْدِقاءَ كان أَحسَنَ، لأَن الصَّدِيق صِفةٌ مِثلُه، بخلاف النصيبِ فإِنه اسمٌ، وكلاهما شاذٌ مقصورٌ على السَّماعِ، كما صرح به ابن حبَّان وبُرَاء مثل رُخَالٍ، وهو من الأَوزانِ النادرةِ في الجمع(١)، وأَنكَره السُهيليُّ في الرَّوْض فقال: أَمَّا بُراءٌ كغُلَامٍ فأَصلُه بُرَآءُ ككُرماءَ، فاستُثْقل جمْعُ الهمزتينِ فحذفوا الأُولى، فوزنُه أَوّلاً فُعَلاءُ، ثم فُعَاءٌ، وانصرف لأَنه أَشبَه فُعالاً، والنسب إِليه إِذا سُمِّيَ به بُرَاوِيٌّ، وإِلى الأَخيرينِ بُرَايِيُّ وبِرَائيُّ بالهمز، انتهى، وفي بعض النسخ هنا زِيَادةُ وبُرَايات، وعليه شرْحُ شيخِنا، قال: وهو مُستغرَب سماعاً وقياساً ... وهي بِهَاءٍ أَي الأنثى بَرِيئة ج بَرِيئَاتٌ مُؤنَّث سالم وَبرِيَّاتٌ بقلب إِحدى الهمزتين ياءً وَبَرَايَا كخَطَايَا، يقال: هُنَّ بَرايَا. وأَنا بَرَاءٌ مِنه، وعبارة الرَّوْضِ: رجُلٌ بَرَاءٌ، ورجلانِ بَرَاءٌ كَسَلامٍ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع لأَنه مَصدر، وشأْنه كذلك، ولا يُؤَنَّث، ولم يذكره السُّهَيْليُّ، ومعنى ذلك أَي بَرِيءٌ.(٢)
  والبَرَاءُ: أَوَّلُ ليلةٍ من الشهْرِ(٣)، سُمِّيت بذلك لِتَبرِّي القمرِ من الشمْس أَو أَوّل يَوْمٍ من الشَّهْرِ، قاله أَبو عمرٍو، كما نَقله عنه الصاغانيُّ في العُباب، ولكنه ضَبطه بالكسْر وصحَّحَ عليه، وصَنيع المصنف يقتضي أَنه بالفَتح. قلت: وعليه مَشى الصاغانيُّ في التكملة، وزاد أَنه قولُ أَبي عمرٍو وحْدَه أَوْ آخِرُها، أَو آخِرُه أَي الليلة كانت أَو اليوم، ولكن الذي عليه الأَكثرُ أَنَّ آخِرَ يوم من الشهر هو النَّحِيرَة، فليُحَرَّر. كابْنِ البَرَاءِ، وهو أَوَّلُ يومٍ من الشهْرِ، وهذا يَنصُرُ القولَ الأَوَّلَ، كما في العُباب. وقد أَبْرَأَ إِذا دَخَل فِيه أَي البَرَاء.
  والبراءُ اسم. والبَرَاءُ بنُ مَالِك بن النَّضْرِ الأَنصاريُّ أَخو أَنَس ®، شَهِد أُحُداً وما بعدها، وكان شُجاعاً، استُشْهِد يوم تُسْتَر، وقد قَتل مائةً مبارزةً والبَرَاء بنُ عَازِبٍ، بالمُهملة ابن الحارث بن عَدِيٍّ الأَنصارِيُّ الأَوْسِيُّ أَبو عُمارة، شهِد أُحُداً وافتَتَح الرَّيَّ سنة ٢٤، في قول أَبي عمرو الشيبانيِّ، وشهِد مع علي الجَمَلَ وصِفِّين، والنَّهْرَوانَ، ونَزل الكُوفَة، ورَوَى الكثيرَ(٤)، وحكى فيه أَبو عمرٍو الزاهدُ القَصْرَ أَيضاً. والبَرَاء بن أَوْس بن خالِد، أَسهَم له رسولُ الله ÷ خَمْسَة أَسهُم والبَرَاءُ بن مَعْرُورٍ بالمهملة، ابن صَخْرِ بن خَنْسَاء ابن سنانٍ الخَزْرجيُّ السَّلَمِيُّ أَبو بِشْرٍ(٥) نَقِيب بني سَلِمَةَ الصَّحَابِيُّونَ ¤.
  والبَرَاء بن قَبِيصَةَ(٦)، مُختَلَفٌ فيه، قال الحافظ تقيُّ الدِّينِ بن فَهْدٍ في المعجم: أَورده النَّسائيُّ ولم يَصِحَّ. قلت: وقد سقط هذا من أَكثر نُسخ الكتاب.
  ويقال بَارَأَهُ أَي شَريكه إِذا فَارَقَه، ومثله في العُباب، وبَارَأَ الرجلُ المَرْأَةَ إِذا صالحَها على الفِرَاقِ، من ذلك، وسيأْتي له ذلك في المعتلِّ أَيضاً.
  واسْتَبْرَأَهَا خالعها لمْ يَطَأْهَا حتى تَحِيضَ(٧).
  واستبرَأَ الذَّكَرَ: اسْتَنْقَاه أَي استنظَفَه مِنَ البَوْلِ، والفقهاءُ يُفرِّقون بين الاستبراءِ والاستنقاءِ، كما هو مذكورٌ في محلّه.
  والبُرْأَةُ كالجُرْعَة: قُتْرَةُ الصَّائِدِ، والجمع بُرَأٌ، قال الأَعشى يَصف الحَمير.
  فَأَوْرَدَهَا عَيْناً مِنَ السِّيفِ رَيَّةً ... بِهَا بُرَأٌ مِثْلُ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ(٨)
  * ومما يستدرك عليه: تَبَرَّأْنَا: تَفارَقنا. وأَبْرأْته: جَعلته بَرِيئاً من حَقِّي. وَبَرَّأْته: صحَّحْتُ بَراءَته، والمُتبارِيَان لا يُجَابَانِ، ذكره بعضُ أَهلِ الغريب في المَهموز، والصواب ذِكرُه في المُعتَلِّ، كما في النهاية، وأَبرأْتُه مَالِي عليه وَبَرَّأْته تَبرِئَةً. وتَبَرَّأْتُ من كذا.
  والبَريَّةُ: الخَلْق، وقد تركت العربُ همزها، وقرأَ نافعٌ
(١) اللسان: وقال الفارسي: البُراءُ جمع بريء وهو من باب رخْلٍ ورخالٍ. وحكى الفراء في جمعه: بُراء غير مصروف على حذف إحدى الهمزتين.
(٢) زيد في اللسان: ولو قال بريء، لقيل في الاثنين: بريئان، وفي الجمع: بريئون وبراء.
(٣) المقاييس والمجمل والأساس: البراء آخر ليلة من الشهر.
(٤) مات في إمارة مصعب بن الزبير، وقيل سنة ٧٢.
(٥) مات قبل هجرة النبي ÷، قيل: بشهر.
(٦) أسد الغابة: أظنه ... ابن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب الثقفي.
(٧) قال الخليل: الاستبراء أن يشتري الرجل جارية فلا يطأها حتى تحيض. وهذا من الباب لأنها قد برئت من الريبة التي تمنع المشتري من مباشرتها.
(٨) ديوانه: ١٧١ اللسان، وعجزه في المقاييس والمجمل.