تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بعث]:

صفحة 171 - الجزء 3

  أَنّه ليس في كلام العربِ فَعْلُولٌ - بالفَتْح - غير صَعْفُوق، وقد ذكر الجَلالُ السّيوطيّ في كتاب البرْغُوث أَنه مُثَلّث الأَوّل، وهو مثلُ قول الدَّمِيرِيّ: الضَّمّ فيه أَشهرُ من الفتح، وكلاهما يحتاج إِلى ثَبتٍ، قاله شيخنا. قلت: وكفى بهما قُدْوَةً وثَبثاً، م أَي معروف، وهي دُوَيْبَة شِبْهُ الحُرْقُوصِ، وجمعه البَراغِيثُ.

  وبُرْغُوث: د، بالرُّوم.

  والبَرْغَثَةُ: لَونٌ كالطُّحْلَة بالضَّمّ، نقله الصّاغانيّ⁣(⁣١).

  [بعث]: بَعَثَه، كمَنَعَه يَبْعَثُه بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه.

  وبَعَثَ بِه: أَرسَلَه مع غَيْرِه، كابْتَعَثَه ابْتِعاثاً فانْبَعَثَ.

  ومحمَّدٌ خَيْرُ مَبْعُوثٍ ومُبْتَعَثٍ.

  وَبَعَثَه لكذا، فانْبَعَثَ.

  وفي حديثِ ابن زَمْعَةَ «انْبَعَثَ أَشْقَاهَا» يقال: انْبَعَثَ فُلان، لشَأْنِه، إِذا ثارَ ومَضَى ذاهِباً لقضاءِ حاجَتِهِ.

  وبَعَثَ النَّاقَةَ:(⁣٢) أَثارَهَا فانْبَعَثَتْ: حَلَّ عِقَالَها، أَو كانَتْ بارِكَةً فهَاجَها.

  وفي حديث حُذَيْفَة⁣(⁣٣). إِنَّ لِلْفِتْنَةِ بَعَثَاتٍ ووَقَفَاتٍ، فمن اسْتطاع أَنْ يَموت في وَقَفَاتِها فلْيَفْعَلْ.

  قوله: بَعَثاتٍ، أَي إِثارَاتٍ وتَهْيِيجاتٍ⁣(⁣٤) جَمعُ بَعْثةٍ، وكلّ شيْءٍ أَثَرْته فقدْ بَعَثْتَه، ومنه حديثُ عائِشةَ، ^، «فبَعَثْنا البَعِيرَ، فإِذا العِقْدُ تَحْتَه».

  وبَعَثَ فُلاناً مِن مَنامه فانْبَعَثَ: أَيْقظَه، وأَهَبَّهُ.

  وفي الحديث: «أَتأَني اللَّيْلةَ آتِيَانِ، فابْتعثانِي» أَي أَيْقظانِي من نوْمي، وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ ما كان يَحْبِسُه عن التَّصَرُّفِ والانْبِعاث.

  وفي الأَساس: بَعَثَهُ، وبَعْثرَهُ: أَثارَه، وعلى الأَمْرِ: أَثارَه⁣(⁣٥). وتوَاصَوْا بالخَيْر، وتبَاعَثُوا عَليْهِ.

  والبَعْثُ بفتح فسكون ويُحَرَّكُ وهو لغة فيه: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى الغَزْوِ⁣(⁣٦)، وبَعَثَ الجُنْدَ يَبْعَثُهُم بَعْثاً، والبَعْثُ يكونُ بَعْثاً للقوْم يُبْعَثُون إِلى وَجْه من الوجُوه، مثل السَّفْرِ والرَّكْب.

  والبَعْثُ: الجَيْشُ، يقال: كنْتُ في بَعْثِ فُلانٍ، أَي في جَيْشِه الذي بُعث معه، ج بُعُوثٌ، يقال: خَرَج في البُعُوثِ. [وهم]⁣(⁣٧) الجُنُودُ يُبْعَثُون إِلى الثُّغُور.

  واعلم أَنّ البَعْث في كلام العَرَب على وَجْهَيْن:⁣(⁣٨) أَحدُهما: الإِرْسالُ، كقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى}⁣(⁣٩) معناه: أَرْسَلْنا.

  والبَعْثُ: إِثارَةُ بارِكٍ، أَو قاعِدٍ.

  والبَعْثُ أَيضاً: الإِحْياءُ من الله للمَوْتى، ومنه قولُه تعالى: {ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}⁣(⁣١٠) أَي أَحْيَيْناكُم.

  والبَعْثُ: النَّشْرُ، بَعَثَ المَوْتَى: نَشَرَهُم ليومِ البَعْثِ، وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُمْ بَعْثاً: نَشَرَهم، من ذلك، وفتح العَيْن في البَعْثِ كُلِّه لُغَةٌ.

  ومن أَسْمَائِه ø الباعِثُ: هو الذي يَبْعَثُ الخَلْقَ، أَي يُحْيِيهم بعد المَوْتِ يومَ القِيَامَةِ.

  والبَعِثُ ككَتِفٍ: المُتَهَجِّدُ السَّهْرَانُ كثيرُ الانْبِعاثِ من نَومه، وأَنشد الأَصمعيّ:

  يا رَبِّ رَبِّ الأَرِقِ اللَّيْلَ البَعِثْ ... لم يُقْذِ عَيْنَيْهِ حِثَاثُ المُحْتَثِثْ

  وبَعِثَ الرَّجُلُ كفَرحَ: أَرِقَ من نَوْمِهِ.

  ورجل بَعْثٌ، بفتح فسكون، وبَعَثٌ، محرّكة، وبَعِثٌ، ككَتِف: لا تَزالُ هُمُومُه تُؤَرِّقُه وتَبْعَثُه من نَومه، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

  تَعْدُو بأَشْعَثَ قَدْ وَهَى سِرْبالُه ... بَعْثٍ تُؤَرِّقُهُ الهُمُومُ فيَسْهَرُ


(١) وذكره صاحب اللسان.

(٢) في اللسان: البعير.

(٣) عن النهاية واللسان، وبالأصل «قتيبة».

(٤) النهاية: «تهيجات» وفي التهذيب: «هيجات» عن شمر. وفي اللسان فكالأَصل.

(٥) عبارة «وعلى الأمر: أثاره» ليست في الأساس. وفيه: وبعثة على الأمر.

(٦) في التهذيب: العدو.

(٧) زيادة عن الأساس.

(٨) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «الوجهين» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله على الوجهين كذا بخطه وليتأمل».

(٩) سورة الأعراف الآية ١٠٣ وسورة يونس الآية ٧٥.

(١٠) البقرة الآية ٥٦.