تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لبث]:

صفحة 254 - الجزء 3

  وفي اللسان: قال محمدُ بنُ سِيرِينَ: سمعتُ عُبَيْدَةَ قالَ⁣(⁣١): سَمعْتُ عليّاً ¥ يقُول: «مَن كانَ سائِلاً عن نِسْبَتِنا فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثَى».

  ورَوى ابنُ الأَعرابيّ: أَنه سأَلَ رجلٌ عليّاً: أَخْبِرْنِي يا أَميرَ المُؤْمِنِينَ عن أَصْلِكُمْ معاشِرَ قُريشٍ، فقال: نَحْنُ قَومٌ من كُوثَى. واختلفَ⁣(⁣٢) النّاسُ في قوله: نحْن قَومٌ من كُوثَى، فقال طائِفَةٌ⁣(⁣٣): أَرادَ كُوثَى العِرَاقِ، وهي سُرَّةُ السَّوادِ التي وُلِدَ إِبراهِيمُ #، وقال آخرُون: أَراد بقوله كُوثَى: مَكَّةَ، وذلك لأَنَّ مَحَلَّةَ [بني]⁣(⁣٤) عبدِ الدّارِ يقالُ لها: كُوثَى، فأَرادَ عَلِيٌّ: أَنّا مَكِّيُّونَ أُمِّيُونَ من أُمِّ القُرَى وأَنشَدَ لِحَسَّان:

  لَعَنَ الله مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثَى ... وَرَمَاهُ بالفَقْرِ والإِمْعَارِ

  لَيْسَ كُوثَى العِراقِ أَعْنِي ولكِنْ ... شَرَّةَ الدّارِ دَار عَبْدِ الدَّارِ

  قال أَبو منصور: والقَوْل هو الأَوّل، لقوله (⁣٥) «فإِنّا نَبَطٌ من كُوثَى» ولو أَراد كُوثَى مَكَّةَ، لما قال نَبَطٌ، وكُوثَى العِرَاقِ هِي سُرَّةُ السَّوادِ من مَحَالِّ النَّبَطِ، وإِنما أَراد عليٌّ أَنّ أَبانا⁣(⁣٦) إِبراهيمَ كان من نَبَطِ كُوثَى [وأَن نَسَبنا انْتَهى إِليهِ]⁣(⁣٧) ونحو ذلك، قال ابنُ عبّاس: «نَحْنُ مَعَاشِرَ قُرَيْش حَيٌّ من النَّبَطِ من أَهْلِ كُوثَى» والنَّبَطُ من أَهلِ العِراق، وهذا من عَلِيٍّ وابنِ عَبّاس ¤ تَبَرُّؤٌ من الفَخْر بالأَنسابِ، ورَدْعٌ عن الطَّعْنِ في الأَنسابِ، وتَحقيقٌ لقوله ø: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ}⁣(⁣٨) كذا في اللّسانِ.

  والكَوْثَةُ بالفتح⁣(⁣٩)، وفي أُخرى: والكويثة: الخِصْبُ عن أَبي عَمرٍو.

  وكَوَّثَ الرجلُ بغائِطِه تَكْوِيثاً: أَخْرَجَهُ كَرُءُوسِ الأَرانِبِ، على التَّشْبِيه.

  والكَاثُ، مُخَفَّفَةً: بمعنى الكَاثِّ المُشَدَّدَة، وقد سبقَ معناه.

  والكُوثِيُّ: القَصِيرُ، كالكُوتِيّ، من التهذيب.

  وكُوثِيُّ بنُ الرَّعْلاءِ: شاعرٌ، وقد ذكر في ك وت.

  وكَاثُ: قَلْعَةٌ بخُوَارَزْمَ.

فصل الّلام مع المثلّثة

  [لبث]: اللَّبْثُ بالفَتْح ويُضَمُّ، وهما غير مَقِيسَيْنِ، واللَّبَثُ مُحَرَّكَةَ، وهو المَقِيس، واللَّبَاثُ كسَحَابٍ واللُّبَاثُ، كغُرَاب، واللَّبَاثَةُ كسَحَابَة، واللَّبِيثَةُ، كسَفِينَة، وهؤلاءِ كلّها غيرُ مَقيسة، ومعنَى الكلّ: المُكْثُ.

  وقال ابنُ سِيدَه: لَبِثَ بالمكان كسَمِعَ يَلْبَثُ لَبْثاً ولُبْثاً ولَبَثَاناً ولَبَاثَةً ولَبِيثَةً. فزاد لَبَثَاناً كسَحبَانٍ⁣(⁣١٠).

  قال الجوهريّ: مصدر لَبِثَ لَبْثاً، وهو نادِرٌ أَي مخالفٌ للقياس، لأَنَّ المصدَرَ من فَعِلَ بالكَسْرِ قِياسُه أَن يكونَ بالتَّحْرِيكِ إِذا لم يَتَعَدّ مثل تَعِبَ تَعَباً، قال: وقد جاءَ في الشِّعْرِ على القياس، قال جرير:

  وقد أَكُونُ على الحَاجَاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ

  وفي عبارة المُصَنّف قَلاقَةٌ ظاهِرَةٌ، وتَخْلِيطُ المصادِر القِياسِيّة على غيرها، كما لا يَخْفَى.

  وهو لابِثٌ ولَبِثٌ أَيضاً، قال الله تعالى: {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً}⁣(⁣١١) قال الفراءُ: النّاس يقرءُونَ: {لابِثِينَ}، ورُوِي عن علقَمَةَ أَنه قَرَأَ: لَبِثينَ، قال: وأَجودُ الوَجْهيْن لابِثِينَ، قال: واللَّبِثُ: البَطِيءُ، وهو جائزٌ، كما يُقَال: طَامِعٌ وطَمِعٌ، بمعنًى واحدٍ، ولو قلت: هو طَمِعٌ فيما قِبلَكَ، كان جائزاً.

  قال ابن سيده: ولَبِث لَبْثاً وأَلْبَثَهُ، ولَبَّثَهُ تَلْبِيثاً، وتَلَبَّثَ: أَقامَ.


(١) اللسان والتهذيب: يقول.

(٢) هذا كلام ابن الإعرابي كما في التهذيب.

(٣) في اللسان: «فقالت طائفة» وفي التهذيب: فقال قوم.

(٤) زيادة عن اللسان والتهذيب.

(٥) كذا، وفي التهذيب واللسان والتكملة «لقول عليّ ¥. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لقوله لم يذكر في النهاية ولا في التكملة أن النبي قاله وإنما عزوه لعلي ¥».

(٦) عن التهذيب وبالأصل «أبا».

(٧) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٨) سورة الحجرات الآية ١٣.

(٩) في القاموس الكُوثَة ضبط قلم.

(١٠) كذا.

(١١) سورة النبأ الآية ٢٣.