تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جفأ]:

صفحة 128 - الجزء 1

  من حُلُوقِها قال امرؤُ القيس:

  إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لها ثُغَاءً ... كأَنَّ الحَيَّ صَبَّحَهُمْ نَعِيُّ

  وجَشَأَ القَوْمُ: خَرَجُوا من بَلَدِ إِلى بلَدٍ قال العجاج:

  أَحْرَاس نَاسٍ جَشَؤُوا وَمَلَّتِ ... أَرْضاً وأَحْوَالُ الجَبانِ اهْوَلَّتِ

  يقال: جَشَؤوا إِذا نَهَضوا من أَرضٍ إِلى أَرضٍ.

  وروى شمر عن ابن الأَعرابيّ الجَشْءُ بفتح فسكون: الكَثير والجَشءُ أَيضاً: القَوْسُ الخَفيفَةُ⁣(⁣١) وقال الليث: هي ذات الإِرنان في صَوْتها، قال أَبو ذُؤَيب:

  ونَمِيمَةٍ منْ قَانِصٍ مُتَلَبِّبٍ ... في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وَأَقْطُعُ

  وقال الأَصمعي: هو القَضيب من النَّبْع الخفيف ج أَجْشَاءٌ كفَرْخ وأَفراخ، على غير قياس. وصرَّح ابنُ هشامٍ بقِلَّته وجَشَآتُ محركة ممدودة جمع سلامة المؤنث والتَّجَشُّؤُ: تَنفُّسُ المَعِدَةِ عند امتلائها كالتَّجْشِئَةِ قال أَبو محمدٍ الفَقْعَسيُّ:

  لم يَتَجَشَّأْ عَنْ طَعَامٍ يُبْشِمُهُ ... وَلَمْ تَبِتْ حُمَّى بِهِ تُوَصِّمُهْ

  وجَشَأَت المَعِدَة وتَجشَّأَت: تَنَفَّسَتْ والاسم جُشَأَة وجُشَاءٌ كَهُمَزَةٍ وغُرَاب الأَخير قاله الأَصمعي، وكأَنه من باب العُطاس والدُّوَار، وقال بعضٌ: إِن الجُشَأَة كهُمَزَة من صيغ المُبَالغة ومَعْناه: الكثيرُ الجُشَاءِ والأَحزانِ، وكان عليُّ بن حمزة يَذهب إِلى ما ذَهب إِليه الأَصمعي وجُشْأَة مثل عُمْدَة وهو في المحكم، وسقط من بعض النسخ.

  واجْتَشَأَ فُلانٌ البِلادَ وكذلك اجتَشَأَتْه البلادُ إِذا لم تُوافِقْه كأَنه استوخَمَهَا، من جَشَأَت نفسي⁣(⁣٢).

  وَجُشَاءُ الليلِ والبَحْرِ، بالضَّمِّ: دُفْعَتُهما⁣(⁣٣) بالمرَّة، ويقال: الأَعميانِ هما السَّيْلُ واللَّيْلُ، فإِنَّ دُفْعتَهما شديدةٌ.

  * ومما يستدرك عليه:

  سهم جَشْءٌ: خفيفٌ، حكاه يعقوبُ في المُبدل، وأَنشد:

  وَلَوْ دَعَا نَاصِرَه لَقِيطَا ... لَذَاقَ جَشْئاً لَمْ يَكُنْ مَلِيطَا

  المَليط: الذي لا رِيشَ عليه.

  وجَشَأَت الأَرضُ: أَخرجَتْ جميعَ نَبْتِها⁣(⁣٤)، كما يقال: قاءَت الأَرضُ: أُكُلَها، وهو مجاز.

  وقد يُستعار الجُشْأَة للفَجْر، وقد جاءَ في بعض الأَشعار وقال عليُّ بن حمزة: الجُشْأَة: هُبوبُ الرِّيح عند الفجر.

  وجَشَأَ فُلانٌ عن الطعامِ إِذا اتَّخَم فَكرِهَ الطعامَ.

  وَجَشأَتِ الوَحْشُ: ثارَتْ ثورةً واحدةً.

  [جفأ]: جَفَأَه كَمَنَعَه: رماه وصَرَعه على الأَرض، وكذلك جَفَأَ به الأَرضَ وجفَأَ البُرْمَةَ في القَصْعَةِ جَفْأً: كَفَأَها وأَمالها⁣(⁣٥) فَصَبّ ما فيها قال الراجز:

  جَفْؤُكَ ذَا قِدْرِكَ لِلضِّيفَانِ ... جَفْأً عَلَى الرُّغْفَانِ فِي الجِفَانِ

  خَيْرٌ مِنَ العَكِيسِ بالأَلْبَان

  وفي حديث خَيْبَرَ أَنه حَرَّمَ الحُمُرَ الأَهليَّة فَجَفَئُوا القُدورَ، أَي فَرَّغوها وقَلَبُوها. قال شيخنا: وهو ثُلاثيٌّ في الفصيح من الكلام، وأُهمِل الرباعيُّ، قال الجوهري: ولا تَقُلْ أَجفأْتُها، وقد وَرد في بَعْضِ الروايات «فأَجْفَئُوها»⁣(⁣٦). قال ابن سِيده: المعرُوف بغير أَلف، وقال الجوهري: هي لُغةٌ مَجهولة. وقال ابن الأَثير: قَليلة، وأَوردها الزمخشريّ من غير تَعَقُّبٍ فقال في الفائق: جفأَ القِدَر وأَجفَأَها وكَفأَها وأَكْفَأَهَا: مَيَّلَهَا. قلت ويروى: «فَأَمَر بالقُدُورِ فَكُفِئَتْ» ويروى «فَأُكْفِئَتْ» وجَفَأَ الوادِي والقِدْرُ إِذا رَمَيَا بالجُفَاءِ أَي الزَّبَدِ عند الغَلَيانِ كأَجْفَأَ وهي لغة ضعيفةٌ كما في العُباب، وقد تقدَّم ويقال: جَفَأَ القِدْرَ إِذا مَسَحَ


(١) الصحاح. وفي المجمل: الجشء مهموز وغير مهموز القوس الغليظة.

(٢) عن المجمل واللسان، وبالأصل: جشأته نفسي.

(٣) اللسان: دفعته.

(٤) الأساس: نباتها.

(٥) اللسان: أكفأها، أو أمالها.

(٦) في اللسان: وفي الحديث: فأجفؤوا القدور بما فيها، والمعروف بغير ألف.